لبنان: الدفاع المدني الفلسطيني مهدّد بالاندثار


 العربي الجديد- انتصار الدّنّان

15-04-2023
تأسس جهاز الدفاع المدني الفلسطيني في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا جنوبيّ لبنان عام 2014، بهدف خدمة أهالي المخيمات الفلسطينية لدى حصول حوادث طارئة، في وقت لا يستطيع الدفاع المدني اللبناني الوصول إلى هذه المخيمات، بسبب أمور لوجستية، لكن هذا الجهاز يواجه اليوم تحدي مواصلة تقديم خدماته ذات الأهمية الإنسانية الكبيرة بسبب نقص في التمويل المادي، تكرر عدة مرات في الأعوام السابقة. يقول قائد فوج مخيم برج البراجنة وجهاز العمليات والعلاقات في الدفاع المدني الفلسطيني بلبنان، محمد الهابط، الذي يتحدر من بلدة كويكات بفلسطين ويقيم في مخيم برج البراجنة لـ"العربي الجديد": "تأسس الدفاع المدني الفلسطيني في مخيم عين الحلوة عام 2014، باعتباره ضرورة للسكان، ثم توقفت خدماته في هذا المخيم لأسباب معينة، ثم عاد إلى تأدية المهمات الميدانية من خلال إنشاء مراكز في مخيم برج البراجنة ببيروت، ومخيم البرج الشمالي جنوب لبنان الذي افتُتح عام 2016 استجابة أيضاً لمطالب الناس، وموّلت مؤسسة آرك مشروع إنشاء هذه المراكز". يتابع: "يشمل عمل الدفاع المدني الفلسطيني تنفيذ مهمات الإطفاء والمساهمة في تدابير الإنقاذ وتقديم الإسعافات الأولية، ونقل المصابين إلى المستشفيات أو البيوت، وأيضاً التدخل في علاج حروق. واليوم يعاني الدفاع المدني الفلسطيني في ظل الأوضاع الاقتصادية السيئة في لبنان من مشكلة غياب التمويل لضمان استمرار وجوده وعملياته الإنسانية، لذا من الضروري أن تتوافر رعاية له من المنظمات لتجنب انتظار إيجاد تمويل من خلال مؤسسات قد تجمّد عملياتها بعد فترة زمنية معينة، وهو ما حصل عدة مرات سابقاً، ما يستدعي البحث مجدداً عن تمويل جديد. والدفاع المدني الفلسطيني يقدم خدمات للناس، ويحتاج عناصره بدورهم إلى توفير مواد التشغيل الأساسية التي تساند مهماتهم وتحافظ على القيمة الكبيرة للخدمات التي يقدمونها، ومنها المازوت والبنزين والإنترنت والكهرباء. كذلك يجب توفير بدلات مالية مناسبة للمتطوعين كي يستمروا في تقديم خدماتهم للناس، في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة السائدة في لبنان".
ويوضح الهابط أن "جهاز الدفاع المدني اللبناني لا يستطيع دخول المخيمات الفلسطينية لأنه يستخدم آليات كبيرة، علماً أن العمليات الكبرى للدفاع المدني الفلسطيني تشمل إطفاء الحرائق. ويتحدث عن عدم توفير تكاليف التشغيل والبدلات المالية للمتطوعين، فتوقف عام 2019 مشروع الدفاع المدني الفلسطيني لمدة عام وثلاثة أشهر، ثم تولّت جمعية "أحلام لاجئ" مهمة دعمه حتى مارس/ آذار 2022. وبعد انتهاء هذه الفترة لم نتوقع أن نصل إلى الوضع الحالي، لذا يجب أن تدعم منظمة التحرير الفلسطينية مشروع الدفاع المدني الفلسطيني من دون أي شرط، فعناصره يصرّون على تأدية عملهم الإنساني بعيداً عن أي تبعية سياسية".
يضيف الهابط أنه "قُدِّم عرض لتمويل مشروع الدفاع المدني الفلسطيني، لكن بشروط لا نريدها لتجنب أخذ عمله إلى مكان آخر، لأنه إنساني بالدرجة الأولى. ونشدد على ضرورة أن تتخذ المنظمات والمؤسسات قراراً في شأن دعم عملنا بطريقة مناسبة تمنع أي تدخلات خارجية من أي نوع، وأيضاً في شأن إكمال مسيرتنا أو لا. ويجب أن يشعر الجميع بأن الدفاع المدني حاجة للمجتمع وللمخيم والجوار". ويؤكد الهابط "حاجة الدفاع المدني الفلسطيني اليوم إلى تعبئة المطافئ الفارغة منذ تسعة أشهر، وبعضها غير صالح للاستخدام، ويحتاج إلى إعادة تأهيل، كذلك يجب صيانة معدات وسيارة الإطفاء.
وفي ما يخص سيارات الإسعاف، تكفل طبيب فلسطيني يعيش في كندا بإصلاحها. واليوم، تقدم جمعية جفرا مساعدات خدماتية لكل مراكزنا، لكن ما تفعله لا يكفي أيضاً، وطالما يريد المعنيون أخذ المشروع إلى طرفهم سنبقى على ما نحن عليه، وسيكون أهل المخيم والناس أكبر الخاسرين. وعلى سبيل المثال، نعمل لتوفير خدمات إنسانية في كل الأراضي اللبنانية، وتدخلنا فعلياً بكل الوسائل المتاحة لدينا لدى حصول انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس/ آب 2020، كذلك ساندنا مهمات إطفاء حرائق في بلدة حمانا (جبل لبنان)". ويختم الهابط، قائلاً إن "الدفاع المدني الفلسطيني جهاز مستقل ولا يتبع لأي مؤسسة أو فصيل، وقد توقف دعمه لأننا لا نقبل أن يسيطر أحد على عمله. ونرفض إعطاء أي طابع سياسي لعملنا الإنساني الذي تبنى منذ انطلاقه هدف خدمة الناس".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق