مريضة فلسطينية تدق الأبواب لجمع مائة مليون ليرة لبنانية و1250 $

 


وكالة القدس للأنباء – ميرنا الحسين

يحتاج اللاجئون الفلسطينيون في لبنان إلى رعاية طبية أكثر بكثير مما هو عليه الحال في الوقت الراهن، و"وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين-الأونروا"، المسؤولة الأولى عن تقديم الخدمات الطبية يقتصر عملها في الوقت الراهن على تقديم بعض الاستشارات الطبية داخل عياداتها في المخيمات، أما الجمعيات والمؤسسات الخيرية فعملهم محدود وغير كافٍ لسد هذه الفجوة الحاصلة، ما يضع اللاجئين في مأزق أمام كل مطب طبي ومع كل أزمة صحية تمر عليهم.

وبين هذا وذاك من أشكال التقصير المتعددة يجد المريض الفلسطيني - الذي لا تغطي وكالة الاونروا كل مصاريف علاجه - نفسه بين أمرين أحلاهما مر: إما البحث عند كل من يهمه الامر طالبا المساعدة العاجلة، او انتظار نتائج المرض التي لا تحمد عقباها.

لم تكن تعلم اللاجئة الفلسطينية "منة الله ح" 23 عاماً، من مخيم برج البراجنة، أنها ستواجه أزمة متواصلة في تأمين الدعم المالي عند كل عملية ستحتاج اليها، بعد أن تعرضت لحادث سير أثناء عودتها من عملها، وأصيبت على أثره بكسر في قدمها، واحتاجت لتركيب "سياخ وبراغي" بالاضافة إلى جبصين لأكثر من عام.

خطأ طبي من الدكتور المعالج لحالة منة الله، جعل مراحل علاجها مضاعفة، العملية والسياخ والبراغي والمدة التي مكثتها في المنزل لأكثر من عام بالاضافة إلى المبالغ الطائلة والديون التي راكمتها العائلة على نفسها، ذهبت أدراج الرياح، وهي اليوم بحاجة إلى إجراء عملية جراحية جديدة لتصحيح الخطأ الطبي الذي وقع.

منة الله، هي الإبنة البكر لعائلة مكوّنة من 7 أفراد، وهي طالبة جامعية، كانت تتابع دراستها وتعمل في آن معاً، كي تحسن من الظروف المعيشية لعائلتها. لكن القدر أراد تغيير المسار، وهي الآن مجبرة على تجميد دراستها وعملها بسبب استعدادها للخضوع لعملية جراحية.

عائلة منة طرقت جميع أبواب الجمعيات، والمؤسسات الخيرية، في المخيم. ولجأت لقسم الصحة في "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين".. وتوجهت نحو الفصائل الفلسطينية، علّها تلقى أي دعم أو مساعدة من أحد في تأمين المبلغ المطلوب لإجراء العملية، والذي يقدر بقيمة 100 مليون ليرة و1250 دولار أميركي، لكنها حتى اللحظة لم تستطع تأمين شيئا من المبلغ ولم تتلق مساعدة من أحد.

"وكالة القدس للأنباء" ومتابعة منها في مواكبة أخبار اللاجئين على كل الأصعدة، تواصلت مع عائلة منة لتسليط الضوء على هذا الجانب من معاناة اللاجئين الإستشفائية، وتحدث مع والدتها، التي قالت: "منذ وقوع الحادث الأليم لابنتي وانا اعاني حتى يومنا هذا. وقبل شهر من اليوم عندما حدد الدكتور المعالج موعد العملية، وأنا كل يوم أطرق باب احد.. ذهبت إلى جميع المؤسسات والجمعيات الخيرية التي من المفترض أن تعنى بمتابعة ودعم اللاجئين، وبرأيي لا شيء أولى من موضوع الاستشفاء ليتم تغطيته للاجئين، لكن للأسف لم ألق أي مساعدة".

وأضافت: "الحجج كثيرة والنتيجة واحدة، ترك اللاجىء الفلسطيني في مواجهة مصيره وحده، الأونروا لا تغطي مستشفى الرسول لانها غير متعاقدة معها، وأنا مجبرة على إجراء عملية ابنتي داخل هذه المستشفى نظراً لتعاقد الطبيب المعالج معها، والفصائل الفلسطينية غير قادرة مادياً على دعم اللاجئين استشفائياً، أما الجمعيات الخيرية فمنهم من أخبرني أنه لا يغطي بهذه المستشفى أيضاً ومنهم من أبلغني أنه من الممكن تقديم الدعم ولكن الموضوع سيأخذ عدة أشهر لتأتي الموافقة على الطلب والمساعدة تكون بمبلغ لا يحرز كل هذا الانتظار".

وبحرقة تساءلت والدة منة: "إلى من أتوجه، وماذا أفعل، وماذا أقول؟.. ومن أصلا سيسمع استغاثتي، أنا مجبرة ومضطرة على إجراء العملية لابنتي، السياخ ما زالت موجودة في قدمها وتأخذ اتجاه خاطىء ما يعني وجودهم داخل قدم ابنتي مضر لها وغير نافع، وعليَّ تأمين المبلغ المطلوب في أسرع وقت ممكن وعند الانتهاء من هذه العملية، فهي بحاجة أيضاً إلى إجراء عملية تجميلية لقدمها بسبب تشوهها نتيجة الحادث، والعملية الأولى، والأونروا والجمعيات لا يعترفون بالعمليات التجميلية، وهم بالأساس لم يساهموا في العملية الأولى الملحة والضرورية، وأنا لم ألق منهم أي دعم فما بالك بالعملية التجميلية؟!".

بين عملية مستعجلة، وأوضاع معيشية صعبة، يعيش المريض الفلسطيني في صراع دائم، حول كيفية تأمين تكلفة العلاج أو العملية، في ظل تقليصات الخدمات الطبية للأونروا، ومحدودية المساعدات الخيرية للمؤسسات المحلية، بحيث يجد اللاجئ نفسه في صراع مع المجهول، وهو يسأل هنا ويتابع هناك حول امكانية مساعدته، لكن لا أحد يحرك ساكناً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق