توقيع كتاب رفقة عمر من مذكرات انتصار الوزير أم جهاد في معرض الكتاب في بيروت

 

بحضور سعادة سفير دولة فلسطين لدى الجمهورية اللبنانية، وضمن فعاليات معرض بيروت الدولي للكتاب، وقّعت المناضلة الفلسطينية - رئيسة مؤسسة أسر الشهداء والجرحى- إنتصار الوزير كتابها "رفقة عمر: مذكرات انتصار الوزير (أم جهاد)"، من ضمن سلسلة ذاكرة فلسطين، الصادرة عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. وجرى حفل التوقيع، في جناح المركز في معرض الكتاب في السي سايد آرينا- وسط بيروت، مساء اليوم الأربعاء 09-03-2022. 

وسبق الحفل، الذي قدّمه الباحث الفلسطيني صقر أبو فخر، لقاءاً حوارياً مع المناضلة إنتصار الوزير. 

تقدّم الحضور سعادة سفير دولة فلسطين لدى الجمهورية اللبنانية أشرف دبور، وعضوا المجلس الثوري آمنة جبريل وفتحي أبو العردات، وعدد من أعضاء إقليم حركة "فتح"، وقائد الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان، وأمين سر وأعضاء قيادة حركة "فتح" في بيروت، والأمين العام لاتحاد نقابات عمال فلسطين، ومسؤولون عسكريين وأمنيون، ورجال صحافة وإعلاميون، إلى جانب عدد كبير من المثقّفين والكتّاب اللبنانيين والفلسطينيين والعرب وزوار المعرض. 

ويتألف كتاب "رفقة عمر: مذكرات انتصار الوزير (أم جهاد)" من 280 صفحة، ويحتوي على إرجاعات ببليوغرافية وفهرس عام. وتروي فيه المناضلة الفلسطينية إنتصار الوزير سيرتها ورحلة نضالها مع زوجها ورفيق دربها الشهيد القائد خليل الوزير (أبو جهاد)، وتوثّق بدايات تأسيس حركة "فتح"، كما عاشتها واطّلعت عليها. حيث عايشت تحوُّلات ومنعطفات في مسار الحركة الوطنية الفلسطينية، وهي التي أسست أول خليّة نسائية لحركة "فتح"، وتولّت قيادة قوات العاصفة مؤقتاً، كما توثّق أم جهاد كذلك تجربتها في العمل النسائي، وتأسيس الإتحاد العام للمرأة الفلسطينية، وكيف استطاعت المواءمة بين دورها أمّاً وزوجة ومناضلة، وصمودها في جميع المراحل الصعبة، ولعل أقساها إغتيال رفيق دربها أمام عينيها. 

البدايات 

تروي أم جهاد قصة لقائها الأول مع الشهيد القائد أبو جهاد، وهي في الخامسة من العمر، حين ذهبت مع أمها في عام 1946 إلى الرملة لزيارة عمها إبراهيم الوزير، والد أبو جهاد.
وكيف علقت صورة أبا جهاد في ذهنها، وفي ما بعد، في غزة، اعترف لها بحبه ليتزوجا في عام 1962. 

وتسرد أم جهاد حكاية الشهيد خليل الوزير منذ وصوله مع عائلته من الرملة إلى غزة في عام النكبة، وكيف عمل في بيع أدوات الحلاقة على بسطة صغيرة، كالشفرات والمقصات، ثم انتهى إلى العمل لدى بائع قماش، وما إن جمع بعض المال حتى اشترى كاميرا تصوير، وراح يصور حياة اللاجئين الفلسطينيين وأطفالهم وخيامهم ويرسلها إلى الصحف ووكالات الأنباء والمؤسسات الدولية. وهذه التفصيلات جديدة إلى حد بعيد حتى على من عرف سيرة طفولة أبا جهاد. كما تبرز أهمية هذه المذكرات في أنها توثّق بدايات تأسيس حركة "فتح" كما عرفتها أم جهاد، وهي رواية تضاف إلى كثير من الروايات الأخرى، بحيث يصبح في إمكان أي مؤرّخ أن يستخلص منها كلها رواية تقارب الحقيقة وتقترب مما حدث في عام 1959، عام التأسيس السري لحركة "فتح"، وما تلاه من أعوام، على أيدي عدد من الشبان، أمثال الرئيس الرمز الشهيد ياسر عرفات وخليل الوزير وعبدالله الدنّان وعادل عبدالكريم وفاروق القدومي ومنير سويد وصلاح خلف ومحمد يوسف النجار وسليم الزعنون ومحمود الخالدي وحسام الخطيب، وآخرين تزدحم بأسمائهم صفحات الكتاب وكيف شاءت الصدف أن ترفع شخصيتين هما الشهيدان ياسر عرفات وخليل الوزير، إلى مصاف كبار قادة التحرُّر الوطني في العالم. 

تنقلات ومواجهات وحروب 

تحدثت أم جهاد عن رحلة التنقُّل ما بين بيروت والقدس وعمان، وزيارة مخيمات اللاجئين، ثم الانتقال إلى الكويت حيث عرّفها أبو جهاد بالرمز ياسر عرفات، ففي 9 أيلول 1962، كان اللقاء الأول في مطار الكويت حيث كان يقف المهندس ياسر عرفات في استقبالهم، حيث مدّ يده مرحباً بالعروس. 

وتروي أم جهاد كيف بدأت اجتماعات حركة "فتح" التأسيسية، وكيف انتقلوا إلى العمل في الجزائر وفتح مكتب لفلسطين في الجزائر، وترحيب الرئيس أحمد بن بلّة بذلك، وكانت الجزائر بعد استقلالها مركزاً لحركات التحرُّر العالمي، وقد ساهم اكتظاظ الجزائر بالمؤتمرات التضامنية المنعقدة فيها مع الشعوب المكافِحة ضد الإمبريالية والاستعمار، في توطيد هذه العلاقات وتجذيرها. وكان خليل يشارك على نحو دائم من خلال إلقاء كلمة فلسطين في هذه المؤتمرات التي كانت تُعقد عادة في قاعة بن عكنون، أكبر قاعات الجزائر. وكيف كان اللقاء مع تشي غيفارا أثناء انعقاد أحد المؤتمرات، حيث وصلت دعوة للمشاركة، وقد اهتم غيفارا كثيراً بالتفاصيل المهمة التي تحدث عنها خليل حول قرب انطلاقة الثورة الفلسطينية والكفاح المسلح، وقال حينها إنه سيكون سعيداً بانطلاقة هذه الثورة. 

ثم تحدثت عن المشاكل التي أدت إلى ترك مكتب الجزائر والذهاب إلى لبنان بعد انطلاقة حركة "فتح" رسمياً في 1965، وكيف كان القرار بالانتقال إلى بيروت ليكونوا أقرب إلى القواعد الفلسطينية وإلى مركز الحدث، والفعل الثوري. 

وكيف كان أبو جهاد يتنقل في رحلات عمل في أوروبا وطرابلس وتونس والمغرب والجزائر، واستمرت الحياة كما هي؛ يذهب إلى دمشق ليتابع العمليات العسكرية، ويعود إلى بيروت ليقضي عدة أيام مع عائلته، يتابع خلالهما لقاءاته مع الشباب، والقادمين من الخارج، ومسؤولي المجموعات، ويزور رؤساء تحرير الصحف اللبنانية، ويعد مقالات سياسية يحاول نشرها ولا يجد تجاوباً، وقد دفعه هذا الأمر إلى إتخاذ قرار في قيادة قوات العاصفة أن يصدر نشرة تحت إسم العاصفة، وهكذا بدأ يُعدُّها ويُصدرها. 

وتروي أم جهاد تجربتها في المشاركة في المؤتمر الأول للإتحاد العام للمرأة الفلسطينية، ثم عن الهروب من بيروت برفقة أبو عمار في أيلول 1965، ومن ثم الذهاب إلى دمشق وممارسة النشاط العلني وتأسيس أول خلية نسوية لحركة "فتح" هناك، وكذلك عن حادثة اعتقال المخابرات السورية الرمز أبو عمار وأبو جهاد إثر حادثة يوسف عُرابي ومحمد حشمة في منزل أبو عمار. وبعد ذلك إنتهت رحلة عذاب استمرت أكثر من ثلاثة أشهر ونصف الشهر. خرج الرمز أبو عمار وإخوانه من السجن، ولكن بشرط ألاّ يبقى في الأراضي السورية، وطُلب منه المغادرة فوراً، قرّر الرمز أبو عمار أن يغادر متوجهاً إلى الأراضي اللبنانية على رأس مجموعة من الفدائيين، ويتوجّه معهم إلى الجنوب اللبناني، للنزول بدورية خلف خطوط العدو. وكان دليلهم أحد الإخوة اللبنانيين، أوصلهم إلى إحدى المغارات ليكمنوا فيها، وذهب لإحضار بعض الطعام لهم. عندما عاد، كانت قوات من الجيش اللبناني قد حاصرت الموقع واعتقلتهم جميعاً واقتادتهم إلى ثكنة الحلو للتحقيق. وأثناء التحقيق معهم اعترفوا أن قائد المجموعة هو الأخ أبو محمد، وهو الإسم الحركي لأبو عمار في ذلك الوقت، وعندما علم أبو جهاد باعتقالهم، أجرى اتصالات مكثّفة مع شخصيات لبنانية وعربية للتدخُّل من أجل الإفراج عن أبي عمار والمجموعة. وقد أُفرج عنهم بعد حوالى شهر بتدخُّل من رئيس المخابرات العسكرية السورية أحمد السويداني، وعاد أبو عمار والمجموعة إلى دمشق بعد أن سمحت له السلطات السورية بذلك، ليتابع عمله من جديد. 

وبعد المؤتمر الرابع لحركة "فتح" والاجتياح الإسرائيلي للبنان في عام 1982، والطلب الأميركي بسحب قوات منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان، وما تعرّض له كوادر "فتح" من حرب عليها نفّذتها القوات السورية والمنشقون عن فتح تحت قيادة أبو موسى، وما جرى في طرابلس شمال لبنان، ومن ثم مغادرة لبنان إلى الأردن فترة وجيزة، ومن بعدها إلى تونس حيث استمر أبو جهاد بالتنقل بين تونس وبغداد، لمتابعة شؤون الأرض المحتلة، على الرغم من الخروج من الأردن الذي صار يتردّد إليه على فترات. 

الإغتيال 

تحدثت أم جهاد عن الأيام الأخيرة قبل الإغتيال وروت بالتفصيل بعض الأحاديث الخاصة بينها وبين زوجها. وذكرت نوع انشغالاته في تلك الفترة. بعد ذلك بدأت تروي تفاصيل لحظة الصفر، التي لم تمر ربع ساعة، وبينما كان أبو جهاد يجلس خلف مكتبه، استيقظت على صوت هرولة الأقدام الهمجية وهي تصعد الدرج، بعد أن تمكنوا من اقتحام المنزل وكسر قفل الباب، كانوا يصرخون صرخة العسكر عند الاقتحام. في تلك اللحظة، أزاح أبو جهاد طاولة مكتبه، وركض مسرعاً نحو الخزانة وأخذ مسدسه، فركضت خلفه نحو مدخل الغرفة وكيف كانت تردد فردان فردان، متذكرة ليلة إغتيال القادة الثلاثة: كمال عدوان، وأبو يوسف النجار، وكمال ناصر. وسط هذا الصراخ، كيف خرجت وأبو جهاد إلى باب غرفة النوم، وكيف فوجئوا بأربعة أشخاص ملثمين بكامل عتادهم العسكري أمامهم، أطلق عليهم أبو جهاد النار، فتراجعوا إلى الخلف. وبسرعة، أبعدها أبو جهاد عنه إلى الزاوية المقابلة، بينما بقي هو في الزاوية الأخرى، عندها، عاد أحد المسلحين وأطلق عليه النار فأصابه في يده وصدره وقلبه، فوقع مسدسه من يده وانكسر. 

بعد ذلك، تروي أم جهاد طلبها دفن زوجها في سورية، وتفاصيل العزاء وما جرى بعده من لقاءات مع قادة عرب، كالملك حسين ومعمر القذافي وحافظ الأسد، وغيرهم. ثم تتحدث عن مسيرة نضالها في حركة "فتح" بعد أوسلو وعودتها إلى الأراضي المحتلة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق