نداء الوطن تجول في الرشيدية: قلق وترقّب

 


محمد دهشة

في المخيم الأقرب إلى حدود فلسطين جنوباً حيث يبعد نحو 17 كيلومتراً فقط، لا يخفي الهدوء الذي يعيشه أبناؤه حقيقة الواقع، فالناس تغلي غضباً على العدوان الإسرائيلي على غزة بعد 130 يوماً من عملية طوفان الأقصى.

يقع مخيم الرشيدية على شاطئ البحر على مسافة 5 كيلومترات من مدينة صور، وهو واحد من ثلاثة جنوب الليطاني (البص والبرج الشمالي)، ويقسم إلى قسمين: القديم، وقد تم بناؤه من قبل الحكومة الفرنسية في عام 1936 لإيواء اللاجئين الأرمن الذين فروا إلى لبنان. والجديد الذي أنشأته «الأونروا» عام 1963 لإيواء اللاجئين الفلسطينيين الذين تم إجلاؤهم من مخيم غورواد في منطقة بعلبك في لبنان. ومعظم سكانه ينحدرون أصلاً من دير القاسي والقرى الأخرى في شمال فلسطين.

«نداء الوطن» جالت في المخيم حيث يحبس أبناؤه أنفاسهم وهم يسمعون بوضوح صدى القذائف والصواريخ الاسرائيلية على القرى والبلدات الحدودية الجنوبية، على وقع أصوات الطائرات بأنواعها المختلفة الحربية والتجسسية، فيما لا تغيب الطائرات المسيرة عن سماء المنطقة التي تعرضت لاعتداءات وسقط فيها مقاومون.

ويقول أمين سر «اللجنة الشعبة الفلسطينية» في المخيم أبو كامل سليمان لـ»نداء الوطن»: «نسمع صوت القصف بوضوح، فالحدود قريبة منّا جداً، ولكن المخيم لم يشهد أي حركة نزوح انما الأطفال والنساء يعيشون في حالة ترقب وقلق. «لا نخشى توسعة جغرافية الحرب، فالشعب الفلسطيني اعتاد على غدر إسرائيل وعلى مواجهة حروبها». وقال إن «العدوان الإسرائيلي على غزة كرس الوحدة الوطنية بين كل الفصائل، ونحن نعمل سوياً وهناك تعاون بين اللجنتين الشعبية والأهلية. أمام تضحيات شعبنا ومقاومتنا تسقط كل الاعتبارات والحسابات السياسية، وهدفنا واحد تحرير الأرض والعودة».

في شوارع المخيم وأزقته تتداخل رايات الفصائل الفلسطينية، تتلاقى حركتا «فتح» و»حماس»، في صور قادتها وعناصرها القتلى، وقد تحوّلت أيقونة للنضال الوطني، ترفع صوراً لرئيس «حماس» في غزة يحيى السنوار على واجهة محل صغير، والقسّامي سمير فندي على جدار، فيما يطغى الحضور الفتحاوي في أرجائه صوراً ورايات وشعارات لا تنتهي عن فلسطين.

ويقول الحاج محمد رحيل لـ»نداء الوطن» إن «أبناء المخيم يتفاعلون مع العدوان الإسرائيلي على غزة، وقد نظموا المسيرات والتظاهرات والوقفات التضامنية المشتركة من أجل رفع الصوت لوقف الحرب ولكن للأسف من دون جدوى، ما يحرق قلوبنا هو هذا الدمار الكبير الذي شهده القطاع وما يلوح في الأفق من مخطط تهجير جديد يجعل مصير الفلسطيني في مهب الريح».

في دورة الحياة اليومية، ينشغل أبناء المخيم بمتابعة التطورات السياسية والأمنية، عين على الداخل في غزة والضفة الغربية وعين على الجنوب اللبناني، يؤكدون أنهم يعيشون حياة ملؤها الألم والأمل، الألم لما يجري من إبادة جماعية وتدمير وتهجير، والأمل بأن نهاية التضحيات ستكون نصراً وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

ويقول المسؤول الإعلامي لفتح في المخيم، عبد الهادي محمد لـ»نداء الوطن»: «نحن شعب واحد في الداخل والخارج، في غزة والضفة والقدس ومخيمات لبنان، ومنذ العدوان الإسرائيلي ونحن ننظم المسيرات والاعتصامات من أجل الضغط على المجتمع الدولي لوقف الحرب والتهجير»، مؤكدا أنّ «همّاً جديداً أضيف إلينا، وهو قرار بعض الدول تعليق تمويلها لوكالة «الأونروا»، ما يدل بوضوح على أن ما يجري هو حرب على الشعب الفلسطيني برمّته».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق