خطوة أولى واعدة لاسترداد الأمن في مخيم عين الحلوة

 

النهار-ابراهيم بيرم

يعتبر معنيون بملف مخيم عين الحلوة وتشعباته، ان الاختبار العملاني الاول على طريق إنفاذ اتفاق التهدئة وإخراج المخيم من وضع التوتر والاحتقان الذي يعيش تحت وطأته منذ 31 تموز الماضي، قد اثبت اول من امس نجاحه من خلال انتشار قوة امنية رمزية مشتركة في موقعين حسّاسين على خط التماس الذي فرض نفسه في عمق المخيم بفعل جولات العنف والاشتباك المتتالية بين عناصر من حركة "فتح" والمجموعات المتشددة المنتمية الى تنظيمي "جند الشام" و"الشباب المسلم".
هذا الاجراء بحد ذاته متواضع، اذ ان عديد القوة المنتشرة لا يتجاوز الـ 45 عنصرا فضلاً عن ان الانتشار هو في حيّز جغرافي صغير، لكن الأبعاد السياسية التي تنطوي عليها هذه الخطوة هي الاهم التي يُعتد بها.
ليس خافيا ان هذه القوة التي اخذت موقعها بسلاسة بعد ظهر اول من امس تضم عناصر من كل القوى والفصائل الوطنية والاسلامية في المخيم، وهو امر نادر الحدوث لكنه يعطي الاجراء حصانة وضمانة كانت مفقودة في السابق حيث كانت الاطراف الاسلامية على سبيل المثال تجاهر بالشكوى مما تسميه "استئثار حركة فتح وهيمنتها" على اي قوة امنية تُشكل بغرض تأمين الاستقرار وضبط التناقضات في المخيم، على نحو يجعلها قوة بإمرتها تتصرف بها وفق مصالحها وحساباتها.
وبهذا المعنى تستشعر القوى والمكونات الاسلامية ربما للمرة الاولى انها صارت شريكة في الاشراف على وضع المخيم وامنه، بعدما ابدت حركة "فتح" ضمنا استعدادا للشراكة في ادارتها التاريخية للوضع في عاصمة الشتات الفلسطيني في لبنان، بعد صدامات مع كل القوى الاسلامية التقليدية والتاريخية.
وثمة من يرى ان اجواء الصدام التي عاشها المخيم اخيرا هي في عمقها صراع بين النهج الذي تجسّده حركة "فتح " ومحاولات قضم الحضور وأخذ المكانة التي يسعى اليها الآخرون.
ووفق تقديرات عالمين بالشأن الفلسطيني في لبنان، فان حركة "فتح" خاضت في الآونة الاخيرة آخر محاولاتها للحفاظ على حصرية قرار المخيم، لكنها اضطرت الى اشراك #حركة "حماس". وعلى رغم ان حركة "فتح" تطلق خطابا فحواه ان مسألة تسليم المطلوبين الثمانية هي امر مفروغ منه وهي مسألة ايام ليس إلا، إلا ان ثمة من يتحدث في الكواليس عن ان هناك "تسوية" اخرى يجري الإعداد لها في الغرف الموصدة على نحو يرضي الحركة ويبلسم جروحها ولا يظهر خصومها بمظهر المهزوم. وهذا يعني العودة الى نظرية التساكن والتعايش السابقة والتي كانت قائمة قبل 31 تموز الماضي مع عنصر اضافي قوامه إقرار "فتح" بشراكة "حماس" في قرار المخيم.
وعلى رغم الخطوات الاولى الناجحة في رحلة الالف ميل لاعادة الاستقرار الى المخيم المنكوب عبر تطبيق كل بنود الاتفاق الذي يحرص الجانب الفلسطيني على ان ينسب رعاية وضعه الى رئيس مجلس النواب نبيه بري، فان ثمة من يفضل انتظار 36 ساعة اخرى ليطلق استنتاجا بان الامور عادت سيرتها الاولى في المخيم وسلكت مسلكا طبيعيا ينمّ عن توجه الطرفين الى وضع حد نهائي لجولات الاقتتال في المخيم.
وفي هذا الاطار، يعرب الناطق باسم حركة "حماس" جهاد طه عن اعتقاده بان الجميع حريص على تنفيذ ما ورد في مبادرة الرئيس بري، لافتا الى ان الامور تسير وفق ما هو مرسوم. وقال لـ"النهار" ان "خطوة انتشار القوة الامنية المشتركة لاقت ارتياحا، وهي خطوة مهمة تكرس الامن والاستقرار وطمأنة النازحين والمهجرين ليعودوا الى اماكن سكنهم". واضاف ان "الخطوة التالية المقررة بعد يومين ستكون انتشار القوة في مجمع مدارس الاونروا بغية اخلائها وفتحها امام الطلاب".
ورداً على سؤال قال: "في الموازاة تبذل جهود ومساع بالتنسيق مع القوى الاسلامية (العصبة والحركة الاسلامية المجاهدة) لمعالجة قضية المطلوبين الثمانية. وهناك حراك دائم في سبيل ذلك يتم بصمت وبعيدا عن الاعلام حرصاً على إنجاح هذه المساعي، وهي تتم بتنسيق مع الجهات الرسمية المولجة وممثل الرئيس بري راعي المبادرة".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق