خيمة حزب الله هل تنذر بمواجهة حتمية ؟


 
تمارا حداد
يشهد جنوب لبنان، تصعيداً إعلامياً بين الاحتلال وحزب الله وقد يتحول إلى تصعيد عسكري لحسم نقاط الخلاف حول الحدود البرية بالتحديد بعد بناء السياج الآمن أو الجدار العائق من قبل الاحتلال على أراض محتلة تتبع دولة لبنان.
تحولت الخيمتان اللتان نصبهما "حزب الله" في مرتفعات شبعا إلى قضية ساخنة قد تتدحرج إلى أزمة اقليمة ومن ثم مواجهة عسكرية حتمية، إذ صدرت مواقف اسرائيلية تُهدد باللجوء إلى الخيار الأخير وهو الحسم العسكري لإخراج الخيمة المُتبقية التي اصبحت بوجودها اختبار لقواعد الاشتباك بعد تهديد حزب الله بأي استهداف،لذا فإن الأمر سيتطور إلى معركة مفتوحة، وباتت الأمور في موضع الخطر بعد تصريحات كلا الطرفين وبعد تأكيد مسؤولين لبنانيين وإبلاغ الجانب الأميركي أن لبنان لا تعتبر أن هناك حاجة إلى مفاوضات حول ترسيم الحدود الجنوبية وعلى العدو إخلاء كل النقاط المُتحفظ عليها وان ما يُريده لبنان هو تحديد الحدود الدولية مع فلسطين وفق النقاط المعترف بها منذ عام 1923.
هذه إشارة إلى تصميم حزب الله حول استرجاع المواقع التي احتلت من قبل الاحتلال واشارة إلى فشل كافة المفاوضات التي أُبرمت بين الجانب اللبناني والفرنسي والاميركي والمصري الذين استخدموا خيار المفاوضات والحل السياسي لايجاد نقاط اتفاق لحل المعضلة التي قد تتحول الى حرب قد تطول مداها كما حدثت في الحرب الاوكرانية-الروسية.
قد يرى نتنياهو أن خروجه من المأزق الأخير بسبب عملية الاصلاحات القضائية والمُصمم على تمريرها نظراً لانه بين خيارين إما الاستمرار وإرضاء ائتلافه وهذا يعني بقاء المظاهرات والاحتجاجات وشل دولة اسرائيل وقد يحدث انقساماً في الجيش وزعزعة الواقع الاقتصادي واحداث تصدع في الاجماع الصهيوني. واما وقف التعديلات وهذا يعني انسحاب اعضاء الائتلاف من حكومته الحالية ويعني اسقاط الحكومة بقيادة نتنياهو وذهابه الى المحاكمة حول قضايا الفساد.
نتنياهو قد يخرج من ازمته الداخلية عبر تصديرها، ليس من خلال عمليات في الضفة الغربية لان العمليات لم تنجح في توحيد المعارضة بل بالعكس استمرت الاحتجاجات خلال اجتياح مخيم جنين . وكما ان الحلقة الاضعف وهي قطاع غزة لن تكون ايضاً المفتاح لتصدير ازمته الداخلية، لذا يبحث نتنياهو عن مخرج اعظم لتوحيد الجبهة الداخلية فلن يجد الا منطقة جنوب لبنان ووجود الخيمة داخل حدود الاراضي المحتلة فرصة لتصدير ازمته الداخلية وتخفيف وطأة المظاهرات ان حدثت الحرب.
ولكن قرار اتخاذ الحرب بين حزب الله واسرائيل بحاجة الى ضوء اخضر اميركي حتى لا يتم التحول من حرب حدودية الى حرب اشمل في المنطقة، فاتخاذ قرار حرب بايام محدودة لاعادة تماسك صورة قوة الردع غير مضمونة امام حسابات اقليمية ودولية باتت متغيرة ،فدخول الحرب الحدودية قد تتطور لحرب متعددة الجغرافيا.
فهذه الحرب لها عواقب عسكرية على استقرار المنطقة ولا تخدم السلم في منطقة الشرق الاوسط وهناك مخاوف من اعادة اغراق المحيط في حروب جديدة تحصد مزيداً من ارواح المدنيين وبالتحديد ان خطة الاحتلال الحالية هي تدمير البنية التحتية العسكرية في لبنان وهذا يعني قتل الابرياء كما حدث في مخيم جنين.
الازمة الحالية بين الطرفين لن تقف عند حد جبهة واحدة وبالتحديد ان احدى فصائل المقاومة في قطاع غزة اشارت الى انه اذا دخل الاحتلال الحرب مع حزب الله فإننا سوف نشارك فيها، وكما ان حزب الله مُصمم على نقاطه الحدودية ولا ضير لديه بدخول مواجهة ليقينه ان الجانب الاسرائيلي يعيش ازمة داخلية متصدعة نتيجة التناقضات في السياسة الداخلية حتى داخل الحكومة الائتلافية . وكما انه حتى اللحظة لا يوجد ضوء اخضر من قبل الجانب الاميركي لدخول الاحتلال المواجهة، لكن تجارب اسرائيل اشارت الى انه اذا استمر التهديد لما حولها فانها ستفاجئ الجميع بشن هجوم عسكري بالتحديد بعد نشر قوة الرضوان على طول الحدود مع دولة الاحتلال وهي قوة لا يُستهان بها .
وهي احدى تشكيلات حزب الله وأهم وحداتها وافضلها تدريباً وصُممت من اجل خوض القتال في اوضاع معارك خاصة لها صفة الهجوم .وتُكلف الوحدة بمهام يعجز الآخرون عن ادائها، فقوة "الرضوان" احدى نتائج افكار القائد العسكري لحزب الله عماد مُغنية من اجل قتال العدو حسب اساليب القتال المنقحة، ويتطلب الانضمام لهذه الوحدة اجتياز مراحل صعبة جداً جعلت عناصر هذه القوة هي الأكثر جهوزية لأي حرب مُستقبلية مع اسرائيل نتيجة خضوعهم لتدريبات عسكرية وعملياتية قاسية، ناهيكم عن قدرتهم عن استخدام اسلحة متنوعة. كما ان عددهم يتجاوز عشرة آلاف مقاتل وهذه اشارة لدخول قواتها في اي وقت تحدث فيه حرب الى مستوطنات الاحتلال وتنفيذ عمليات هجومية والرجوع الى الاراضي اللبنانية.
ان حزب الله مُصمم على اختيار رئيس يراه الأقرب الى محور المقاومة "افرنجية" حيث ان رسالة "الخيمة" ليس فقط لاسرائيل وتعديها على الحدود اللبنانية بل للغرب بعدم التدخل في اختيار رئيس لبنان، ناهيكم عن الاعتبارات الداخلية المتمثلة بغياب الافق السياسي . والازمة الاقتصادية المستمرة في لبنان تجعل حزب الله مصمما على رأيه . وعملية التصميم هذه تعني دخول قتال لعدة أيام لكن قد تتدحرج لاكثر من ذلك، وهذا عكس رغبة الاحتلال في اختيار رئيس مقرب من محور المقاومة .
واسرائيل غير مُستعدة حالياً لتصعيد مع حزب الله حسب المستويين الامني والعسكري إلا في حال اتخاذ قرار سياسي لإنقاذ نتنياهو من ازمته الداخلية ليصبح امن الاحتلال على المحك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق