الانروا في لبنان: سياسة الهروب إلى الأمام والقفز في الهواء الفصائل الفلسطينية؛ سياسة مجاراة الواقع دون حسم القضايا المطلبية



بقلم : حسن أحمد 

دأبت إدارات وكالة الغوث في لبنان على ممارسة سياسية الهروب إلى الأمام والقفز في الهواء في معالجة ملفات الخدمات والقضايا المطلبية لابناء شعبنا الفلسطيني، وليس مستغربا ما تقوم به المديرة الحالية للانروا في لبنان السيدة دورثي كلاوس التي تسلمت منصبها الجديد هذا العام خلفا للمدير السابق كلاوديو كوردوني، مع العلم أنها كانت تعمل في لبنان منذ زمن طويل وهي على دراية تفصيلية لواقع اللاجئين الفلسطينين بحكم المهام التي قامت بها في لبنان، وهي مديرة برنامج الشؤون الاجتماعية في الشرق الأدنى وتقوم بابحاث حول وضع اللاجئين، المهم معرفة أن مسؤولي الوكالة متخصصون ومدربون بدورات خاصة حول كيفية التعاطي بالملفات المعنية بها وكالة الغوث وهذا في سياق الخيرة وانماء القدرات للمعنيين بهكذا منصب، أضف إلى ذلك وجود مستشارين لهم دور كبير في وضع دراسة البرامج الخاصة بوضع اللاجئين، إذن المدراء لديهم خبرة في تدوير الزوايا في الملفات الساخنة التي تتطلب متابعة ومعالجة في نفس الوقت وعلى أساس استمرار المؤسسة الدولية بدورها ومهامها بشكل طبيعي دون تصاعد احتجاجات اللاجئين وما يتبعها من توقف العمل كما يحدث عادة بين الفينة والاخرى وخاصة في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية في لبنان وتداعياتها التي تزيد من معاناة أبناء شعبنا الفلسطيني في لبنان، 
- إن الفصائل الفلسطينية وبحكم وجودها كمرجعية لشعبنا في لبنان، فهي معنية بمتابعة اوضاع اللاجئين مع الوكالة، وفي هذا السياق فإن وجود هيئة العمل الفلسطيني المشترك وهي الاطار المعني بالأمن الاجتماعي والقضايا المطلبية، فمن المنطقي أن تكون هنالك لقاءات واجتماعات مع ادارة الانروا للعمل على تخفيف المعاناة عن كاهل أهلنا وتوفير الحد الأدنى من العيش الكريم لهم لحين العودة إلى ربوع وطننا فلسطين. 
 الاجتماعات والمذكرات:
صحيح ان عددا من الاجتماعات واللقاءات تمت وصولا إلى مؤتمرات اللجنة الاستشارية للانروا في بيروت وعمان على التوالي العام الحالي وحضور المفوض العام للانروا السيد فيليب لازاريني الذي فرض عليه في بيروت التراجع عما ورد في رسالته المفتوحة للاجئين الفلسطينين بأن تعمل المنظمات الأممية بالانابه عن الانروا بالشراكة في تقنين الخدمات مما أعتبر تساوقا وتناغما مع طرح الادارة الاميركية حول محاولاته إنهاء وجود الانروا، 
- السؤال الاساس هو كيف تتعاطى الفصائل الفلسطينية وادارة الانروا في ملف تحسين الخدمات وتأمين المساعدات الاغاثية للاجئين الفلسطينين والتي هي أساس مهام وصلاحيات وكالة الغوث، 
- على صعيد الانروا وبعد سلسلة من الاجتماعات واللقاءات والتحركات الاحتجاجية، قامت الادارة بتقديم مساعدات اغاثية مالية لجميع اللاجئين الفلسطينين في لبنان حيث تم صرف مبلغ  ١١٢ ألف ليرة لبنانية للفرد،هذا بالإضافة لتقديمات الامان الاجتماعي والمرضى والمعوقين ولكنها لم تشمل لغاية هذا التاريخ تقديم مساعدة مالية للأفراد من ١٩ - ٥٩ عاما حسب ما تم الاتفاق عليه مع ادارة الانروا، حول الفئات المستفيدة فيه من العائلات البالغة ٦١٧٠٠ وأحد وستون ألف وسبعمائة  
- وثابتا منذ عام ٢٠١٥ ،والتبرير لإدارة الانروا أنها غير قادرة على شطب من لا يستحق 
ومستفيد واعتماد من يستحق وهو محتاج بحجة اثارة الفوضى من قبل هؤلاء الغير مستحقين ويأخذون المساعدات، والسبب الثاني أن الانروا ليس لديها مبالغ كافية في موازنتها، وعليه اقترحت الادارة إجراء مسح اجتماعي ودراسته وإقرار التعديلات فيما بعد رغم الوعد بانجاز المسح الإحصاء خلال شهر أيلول ٢٠٢٢ ،وتم انجازه في بداية العام ٢٠٢٣ ،
- والابرز في هذا المجال تحرك بعض الفصائل من خلال ما يعرف بالعمل النقابي وخاصة لحفظ حقوق الموظفين ،وهذا ظهر في الدورتين الاخيرتين من انتخابات المجلس التنفيذي للعاملين في الانروا في لبنان، حيث تم تعطيل نتائج الانتخابات من قبل المحسوبين على فصائل م.ت.ف وبالتحديد حركة فتح المركزية لأن النتائج كانت لصالح المعارضين لهم المنضوية تحت اطار اللقاء التشاوري حيث أصبح المجلس التنفيذي باعضائه التسعة وفق النظام على الشكل التالي، (٥)خمسة أعضاء للتشاوري و(٤) أربعة أعضاء للمعارضة الذين هم ضمن اطار فصائل م.ت.ف وكان تواطؤ ادارة الانروا يشخص مديرها العام السيد كلاوديو كوردني في تعطيل تشكيل المجلس التنفيذي الجديد والإبقاء على المجلس القديم والتعاطي معه من قبل ادارة الانروا، أما انتخابات الدورة الحالية هذا العام فلقد جاءت معاكسة للدورة التي قبلها وعليه سيشكل المجلس التنفيذي الجديد، هذه صورة فاضحة لما يدور في الانروا،
- أما على صعيد القضايا المطلبية فجميع الفصائل يتحدث الممثلون أو المعنيون فيها عن تلك المطالب بتفصيل ممل، لكن الاختلاف هو كيفية المواجهة وتحصيل الحقوق، ففريق فصائل م.ت.ف في لبنان من خلال سقفه السلطة الفلسطينية، وفريق تحالف القوى الفلسطينيةفإنه يلجأ إلى سياسية تدوير الزوايا على امل الوصول إلى موقف موحد للفصائل في التعاطي بالملفات، وهذا ما حدث عندما طالبت ادارة الانروا المركزية بصمة العين وكذلك التدقيق بالهوية للاجئين ولا يمكن في هذا الجانب إغفال سياسية الانروا بالاستقواء بالدولة اللبنانية من خلال لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني بشخص رئيسها السابق معالي الوزير حسن منيمنة والرئيس الحالي د باسل الحسن، وذلك من خلال الضغط على الفصائل للقبول وبالتالي تمرير البرنامج والمشاريع المقدمة من قبل وكالة الغوث كما حدث في برنامج تأمين المساعدات المالية للاجئين تحت عنوان(اللاجئ المحتاج) ،الذي خطواته في تقسيم اللاجئين الفلسطينين لبنان بين لاجئ محتاج وأخر غير محتاج مع الاشارة إلى إحصاء قامت به الانروا وخلصت نتيجته إلى أن هنالك ٨٧%وبعدها ٩٣% من أبناء شعبنا في لبنان هم تحت خط الفقر، 
- صحيح أن قيادة هيئة العمل الفلسطيني المشترك في لبنان تقدمت بمذكرة موحدة قدمت للمفوض العام وكذلك للنائبه عنه، وهي تتضمن عناوين الاحتياجات في الخدمات والمساعدات المطلوبة في الملفات الاساسية للتخفيف من معاناة اللاجئين في لبنان في ظل الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، 
- الخلاصة :
إن انطلاق الفصائل الفلسطينية في موقفها وعلاقاتها مع وكالة الغوث الانروا من المبدء المشترك وهو ضرورة بقاء واستمرار الوكالة بأداء واجباتها ومهامها تجاه اللاجئين الفلسطينين، إلا أن هذا لا يمنع من التباين والخلاف بين الفصائل الفلسطينية التي هي بالأساس ليست لونا واحدا حيث هنالك فريق من الفصائل وبالتحديد فصائل م.ت.ف ينطلق بمواقفه من الانروا بالتنسيق الكامل مع السلطة الفلسطينية بمعنى العلاقة الرسمية وعلى اعتبار أن ادارة الانروا تدرك هذه المسألة فهي تناور بهذه العلاقة مع هذا الفريق الفلسطيني من حيث التشاور معه وأن كان من تحت الطاولة، وبالتالي تنسيق الموقف قبل اطلاع الجميع من الفصائل على أي برنامج أو اجراءات خاصة طبعا بالخدمات، أما الفريق الفلسطيني الثاني(المعارضة نوعا ما ) فهو مضطر لتدوير الزوايا في أغلب الاحيان إلا اذا كان الامر معقد فيضطر الفريق إلى الاعتراض المكشوف وعدم السماح اذا استطاع بتمرير أي برنامج إلا بعد تعديل ولو كان نسبيا كما حصل في موضوع تأمين المساعدات الاغاثية المالية التي أرادت ادارة الانروا في البداية أن تكون مقتصرة على بعض الفئات من اللاجئين، هذا بالاضافة إلى موضوع التنافس في مجالات التوظيف حيث يلجأ المتنفذون سواء في المنظمة أو التحالف إلى تحسين وزيادة فعالية حضورهم من خلال الموظفين التابعين والمدعومين من قبلهم وخاصة المراكز الحساسة مثل رؤساء الأقسام وما شاكل مع الاشارة إلى أن هناك عدد من الفصائل في كلا الفريقين لا حول و لا قوة فقط دورهم التأييد للمتنفذين في كلا الفريقين، مع العلم أن الأمثلة والشواهد كثيرة ولا تحصى عما تقدم والمعنيون لهذا الملف يعرفون صحة ذلك. 
- لكن السؤال الأهم الذي يطرح دائما هو ما العمل؟
الاجابة على ذلك سهلة ولكن الصعوبة تمكن في التطبيق، الحل أن تتقدم معايير الشفافية والكفاءة على المحسوبيات والشخصنة الذاتية والمصالح الضيقة والعصبوية التنظيمية، وأن يأخذ كل ذي حق حقه ليس بالواسطة لكن بالمصداقية في معالجة قضايا الحقوق، عندئذ يصبح الأداء الوظيفي للوكالة وتنفيذ مهامها وصلاحياتها ناجحا ومثمرا ويكون الناتج على
مستوى اللاجئين مرضيا ومقبولا ومخففا للمعاناة ومدخلا للعيش الكريم. 
هكذا ننتصر في معركة اثبات الوجود حتى انجاز التحرير وحق العودة..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق