في ذكرى النكبة: فلسطينيو لبنان لاجئون حتى إشعار آخر


 

محمد دهشة

لم يصدّق الحاج محمود دهشة «أبو علي» انه مضى على لجوئه في لبنان 75 عاماً، حين خرج من فلسطين طفلاً لم يتجاوز عمره العشر سنوات مع عائلته في بلدة طيطبا – قضاء صفد، في الجليل الأعلى القريب من الحدود من لبنان، تنقّل في قرى الجنوب إلى أن استقر به الحال في مخيّم عين الحلوة لاجئاً، حتى إشعار آخر بانتظار العودة.

يقول الحاج أبو علي لـ»نداء الوطن»: «مضت سبعة عقود ونصف على النكبة والعزيمة لم تتراجع، فاليوم والغد وبعده نريد العودة إلى فلسطين»، قبل أن يمسح دمعة من العين «لقد توفّى والدي الحاج محمد وهو يحلم بالعودة، لم يحقّق أمنيته، النكبة جريمة ولن نسامح العدو الاسرائيلي أبداً». ويضيف:» لقد ردّد والدي امامي مراراً من لم يأكل أو يشرب من خيرات ومياه فلسطين كأنّه لم يأت إلى هذه الدنيا، ما زال حلم العودة يراودنا في كل حين، وما زلت احتفظ بمفتاح المنزل القديم وكما حمّلني والدي أمانة العودة حمّلتها إلى أبنائي، لن ننسى الأمر وكذبت غولدا مائير حين قالت: الكبار يموتون والصغار ينسون».

ولا ينسى الحاج «أبو علي» كيف حثّ الخطى مسرعاً إلى مارون الراس عند الحدود اللبنانية حينما تحرّر الجنوب اللبناني من الاحتلال الصهيوني في أيار 2000، بتأثّر يقول: «وقفت دامع العينين، تنشّقت هواء فلسطين وامتلأت أملاً: «اليوم الجنوب وغداً ان شاء الله فلسطين، كلّ فلسطين، من النهر إلى البحر، وما زلت أنتظر الوعد».

هذا العام، تحيي المخيمات والفصائل الفلسطينية الذكرى السنوية السابعة والخمسين للنكبة، تحت شعار «النكبة جريمة والعودة حقّ»، شعار يؤكّد من خلاله أبناء المخيمات أنّهم متمسّكون بالعودة مهما طال ليل الاحتلال واللجوء، ويقول الشاب خليل شريدي (24 عاما) الذي ولد في المخيم: «لم أرَ بلدتي الصفصاف ولم اشاهد فلسطين، ولكن والدي روى لي الحكايات الكثيرة عنها، سأتمسّك بحق في الحياة بحرية وكرامة وإلى حين العودة، ولن نتنازل ابداً». وكعادتها في كلّ ذكرى، تنظّم القوى الفلسطينية والجمعيات الأهلية نشاطات مختلفة لزرع مفهوم العودة في الأجيال الصغيرة، وعلمت «نداء الوطن» أنّ ناشطين فلسطينيين اطلقوا دعوات عبر منصات ومواقع التواصل الاجتماعي من أجل الزحف إلى الحدود اللبنانية وتنظيم وقفة العودة، إلا انها لم تصل إلى خواتيمها المرجوة. بينما تقيم منظمة التحرير الفلسطينية لقاء وطنياً في مقرّ سفارة دولة فلسطين في بيروت تزامناً مع كلمة الرئيس محمود عباس في الامم المتحدة عصراً.

وتحت شعار «تراثنا... رسالة»، نظمت جمعية زيتونة في عين الحلوة يوماً تراثياً مفتوحاً، شاركت فيه العشرات من النساء الفلسطينيات، وقالت الناشطة هنادي مصطفى «الذكرى بقيت حية... لأننا على مرَّ الاجيال حافظنا على التراث الفلسطيني الاصيل ولم يندثر أو ينسى، بقي يعيش فينا ومعنا وفي بيوتنا على اعتباره جزءاً من منظومة الأعراف والتقاليد الخالدة بحياة الفلسطينيين».

واعتبرت نائبة رئيسة جمعية زيتونة رشا الميعاري «أن سنوات النكبة وويلاتها من ألم وتهجير وغربة وتشتت في المنافي ومخيمات اللجوء لم تنل من إرادة وثبات أهل فلسطين وتمسكهم بحقوقهم في العودة والحرية والإستقلال. وأنهم في سبيلها قدموا وما زالوا قوافل كثيرة من الشهداء والأسرى والمعتقلين والجرحى، وأنهم مصممون على متابعة النضال حتى العودة إلى الوطن وإقامة دولة فلسطين السيدة الحرة المستقلة وعاصمتها القدس».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق