السد البحري في مخيم الرشيدية بين الحاجة المُلحة وتماطل الدولة اللبنانية

 

وكالة القدس للأنباء – محمد حسن
في شهر أيلول/سبتمبر عام 1997، فرضت السلطات اللبنانية حظراً على دخول مواد البناء إلى المخيمات الفلسطينية، دون معرفة الأسباب الكامنة وراء هذا القرار الظالم. ومنذ ذلك التاريخ تعاني المنازل في مخيم الرشيدية جنوب لبنان من تصدع جعلها عرضة للسقوط والانهيار، وبخاصة تلك القريبة من البحر، في أي وقت، وأي ظرف. فكيف والحال اليوم في لبنان والمنطقة، عرضة لمسلسل الزلازل والهزات التي لا يعرف أحداً متى تبدأ ومتى تنتهي، وما يزيد الطين بلة، الحديث المتواتر عن "التسونامي" الآتي.
حيال كل عاصفة تضرب لبنان، تجبر مياه البحر التي تصل إلى منازل بعض أهالي مخيم الرشيدية بفعل الرياح القوية، على ترك منازلهم والبحث عن أماكن مؤقتة تأويهم، فكيف سيكون الوضع إذا ضرب زلزال لبنان؟ ومن سيكون المسؤول عن حياة المئات من الأهالي؟.
أبو علي من حي الملعب في مخيم الرشيدية، عبَّر لـ"وكالة القدس للأنباء" عن تخوفه من حصول زلزال مدمر في لبنان كما حصل في سوريا، حيث ستكون عاقبته مضاعفة وسيسقط الكثير من الضحايا لا سمح الله، لأن البنى التحتية في المخيم غير صالحة، وأغلب المنازل متصدعة وتعاني، ولا يوجد أي مقومات للصمود أو النجاة، مطالباً السلطات اللبنانية بتسهيل إنشاء السد البحري كونه مطلب شعبي ومُلِح جداً.
وفي السياق، قال فادي أحمد، إنه يذهب كل يوم إلى بحر لتفقد المياه على الشاطئ وأنه شعر بخوف كبير عندما تراجع منسوب المياه داخل البحر، وطلب من أهله أن يبقوا على استعداد في حال هاجت الأمواج.. وظل على هذه الحالة لأكثر من يوم إلى أن سمع من عالم جيولوجي بأن هذه ظاهرة طبيعية تسمى "المد والجزر"، أطمأن قليلاً لكن ما زال الخوف يراودنا، يقول فادي، خصوصاً واننا لا يوجد لدينا أي شيء يحمينا ومياه البحر تطوف على المنازل، وفي ظل الهزات الارتداية التي تشهدها المنطقة، لافتاً إلى ضرورة أن تنظر الدولة اللبنانية إلى السد البحر من منظور الحاجة الإنسانية والضرورية جداً لأهالي المخيم، بعيداً عن كل الاعتبارات السياسية والأمنية.
الدولة تماطل دائماً
بدوره، قال مسؤول اللجنة الشعبية في مخيم الرشيدية، جمال سليمان (أبو كامل)، لـ"وكالة القدس للأنباء"، إنه "جرى الاتفاق على تأمين الموارد المالية للازمة لإقامة مشروع السد البحري، وبالفعل تم تأمين المبلغ اللازم، وقدمنا طلب لدى السلطات اللبنانية منذ فترة كبيرة، إلا أنها تماطل دائماً".
وأضاف سليمان: "على الرغم من اكتمال جميع التجهيزات اللازمة لإقامة المشروع، لكن هناك عقبة تتمثل بامتناع السلطات اللبنانية حتى اللحظة عن إعطائنا الموافقة، بالرغم أننا زرنا جميع الفعاليات والأحزاب اللبنانية، وجميعهم قاموا باتصالات مع مسؤولين، في حين عندما توافق جهة تظهر جهة ثانية معارضة، ونعمل على حلها، لتظهر لنا مشكلة أخرى، وهذا ما يربك عملنا".
وأكد أنه "رغم الشوط الكبير الذي قطعناه إلا أننا فعلياً لم نقم بشيء عملي إذا ما أصرت الحكومة اللبنانية على موقفها"، لافتاً إلى أن "جميع المسؤولين وعدوا بالخير، لكن هذا الخير لم يظهر علينا بعد".
ووجه سليمان دعوة عبر "وكالة القدس للأنباء" لجميع المعنيين بعدم المماطلة في الموافقة على المشروع الإنساني للمخيم، الذي من شأنه أن يحمي السكان من أمواج البحر في حال حصول زلزال أو عاصفة قوية.
مياه بحر الرشيدية تتقدم باتجاه المخيم
من جهته، قال عضو اللجنة الأهلية في مخيم الرشيدية، نمر حوراني، إنه "جرى تفعيل موضوع السد البحري للمخيم في الآونة الأخيرة من خلال المعنيين مع بلدية صور وقيادة الجيش في منطقة صور، من ثم انتقل الموضوع إلى وزارة الأشغال في بيروت، فإلى وزارة الدفاع في بعبدا، وطُلب منا بعض الأوراق القانونية مثل إفادة عقارية للرشيدية، وبعد الإطلاع عليها تبين أن كل مخيم الرشيدية بما فيه الحائط البحري، ضمن إطار الخارطة العقارية للمخيم وليس خارجه، وتبين أنه منذ العام 1957 وحتى الآن تقدمت مياه البحر نحو المخيم حوالي الـ40 متراً".
وأوضح حوراني أنه "جرى دراسة حول موضوع السد، ويجري العمل الآن للحصول على الترخيص بموافقة من وزارة الأشغال، إلا أنها لم تعطِ قرارها النهائي بانتظار موافقة وزارة البيئة ووزارة الدفاع، والأخيرة ربطت موافقتها بموافقة باقي الوزارات، على الرغم من أن الواجهة البحرية تخضع لقيادة الجيش".
وأشار إلى أن "الجهة الألمانية المانحة تضغط أيضاً على السلطات اللبنانية للبدء بالمشروع، وهناك أفق إيجابي لكن لا يوجد أي شيء رسمي حتى الآن، لأن الأمور باتت أوضح بالنسبة للوزارات، وفي حال حصلنا على الموافقات يتطلب أيضاً موافقة من مجلس الوزراء".
وختم حوراني: "نأمل تجاوز كل العقبات التي تحول دون البدء بمشروع السد البحري، الذي بات ضرورياً لأهالي المخيم، خصوصاً في ظل وجود تهديد حقيقي يتمثل بالزلازل والبراكين".
فهل يأتي اليوم الذي نراه فيه الحاجز البحري الذي يحمي المخيم من غدرات البحر؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق