غياب الحلول يهدد بوصول سعر الدولار لمائة ألف ليرة قبل نهاية العام

 


حققت قيمة الليرة اللبنانية، أمس انحداراً جديداً، حيث وصل سعرها إلى أكثر من خمسين ألف ليرة مقابل الدولار، وهو رقم غير مسبوق، من دون أفق أو سقف محدد لهذا الانحدار المتواصل الذي عززته المخاوف الناتجة من التحقيقات الأوروبية مع مسؤولين ماليين، وحالة التأزم السياسي المتواصلة، وازدياد الطلب على الدولار.

وكسر سعر صرف الدولار للمرة الأولى في تاريخه، 50100 ليرة لبنانية ظهر أمس، بعد ثلاثة أيام على صعود تدريجي من حاجز الـ47 ألفاً إلى الخمسين ألفاً، وهو رقم ينظر إليه المصرفيون على أنه "رمزي بدلالاته"، واصفة إياه بأنه "عنوان لمجموعة أزمات تتفاعل"، في إشارة إلى الأزمات السياسية.

واكدت المصادر لصحيفة "الشرق الأوسط"، إنه بمعزل عن "العرض والطلب" في السوق، ساهمت التحقيقات القضائية الأوروبية مع مسؤولين ماليين في لبنان في "تحفيز الإرباك في الأسواق ربطاً بشكوك حول التحقيقات وإلى أين ستوصل، وهو المسار الذي يؤسس للمخاوف والغموض".

وبدأ وفد قضائي أوروبي في الأسبوع الماضي زيارة إلى لبنان، ويضم قضاة من ألمانيا وفرنسا ولوكسمبورغ، للتحقيق في ملفات مالية. ويختتم الوفد زيارته الأولى اليوم، ويعود أعضاؤه إلى بلدانهم لتقييم الموقف والملفات، وذلك بعد استصراح بعض المسؤولين الماليين في لبنان، بينهم النائب الأول السابق لحاكم مصرف لبنان، ورؤساء مجلس إدارة مصارف لبنانية، ومن المتوقع أن يعود أعضاء الوفد في مرحلة أخرى، من غير التأكيد ما إذا كانوا في المرحلة الثانية سيحصلون على إفادات حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أم لا.

وكشفت مصادر مالية لـ"الشرق الأوسط" إن هناك أربعة أسباب تؤدي إلى رفع سعر الدولار مقابل الليرة، أولها المخاوف الناتجة من التحقيقات وما إذا كانت ستطاول حاكم المصرف المركزي؛ ما يعني أن "إجراء مشابهاً ستترتب عليه مشكلة لإدارة السلطة النقدية؛ كونها تتدخل في الأسواق بين فترة وأخرى لتهدئتها"، أما السبب الثاني فيعود إلى مخاوف من تداعيات التحقيق في شبهات متصلة بتسهيل عمليات تبييض الأموال مع مصارف تجارية، و"هو عامل مخيف في حال ثبت ذلك، بالنظر إلى تداعياته على القطاع المصرفي".

وتُضاف تلك المستجدات إلى "الوضع السياسي المتأزم"، حيث لم يحصل أي خرق في أي من الملفات العالقة من انتخاب رئيس الجمهورية إلى الملفات الأخرى المتصلة بالمفاوضات مع صندوق النقد وتطبيق الإصلاحات المطلوبة وغيرها، أما العامل الرابع فهو مالي، يتصل بتقييد مصرف لبنان لتدخله في الأسواق عبر منصة "صيرفة"، حيث تراجع تدخله من 300 مليون دولار يومياً في الأسبوع الأول من الشهر الحالي، إلى نحو 40 مليون يومياً فقط، وهو عامل يساهم في زيادة الطلب على الدولار مقابل العرض.

واكدت المصادر المالية انه "إذا بقيت الضبابية في الملفات السياسية العالقة بكثافتها الحالية، وترافقت مع ضبابية حول نتائج التحقيقات الأوروبية، فإن رقم الخمسين ألف ليرة للدولار سيكون عنواناً لمجموعة أزمات تتفاعل، وهو عنوان مرشح للانفلات إذا لم تُنفذ إجراءات تساهم في ضبطه".

وتابعت المصادر "نحن أمام مفترق طرق حاسم في الأسابيع المقبلة، علماً بأن وصول سعر الدولار إلى الخمسين ألفاً أيقظ تخمينات سابقة كان مصرف «(بنك أوف أميركا) توقع فيها أن يفوق سعر صرف الدولار المائة ألف ليرة قبل العام 2024 في حال استمرار الوضع على حاله"، وقد بنى المصرف افتراضاته استناداً إلى السيناريو الحالي لجهة نسبة ارتفاع قيمة الدولار أسبوعياً، والانغلاق السياسي المتصل بالأزمات، وربط هذا السيناريو ببقاء الوضع على حاله من دون أي تحول جوهري بإدارة الأزمة".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق