ع الشّباك مقهى للنساء مُقنع لمجتمع مخيم البداوي


 العربي الجديد- انتصار الدّنّان

13-12-2022
رغم أن المرأة تواجه صعوبات عدة في مجتمع يمنع عملها أو يعرقله أو يستنكره على الأقل، عملت عطاف طالب مثل نساء كثيرات بمجهود مضاعف لتنفيذ مشروعها الخاص، وهو مقهى "ع الشباك"، بمساندة زوجها، للوصول إلى ما وصلت إليه في تطويره، وجذب أعداد كبيرة من الرواد إليه.
في بداية عملها، واجهت عطاف صعوبات وتحديات كبيرة كي تثبت نفسها، وتُنجح عملها وفكرتها. وهي لم تتلقَ دعماً من أي مؤسسة، وأسست قهوتها بمجهود فردي باشره زوجها، ثم تابعت العمل في المقهى، وبذلت قصارى جهدها لتطويره، ففكرة أن يكون مقهى "ع الشباك" للفتيات لم تلقَ صدىً إيجابياً في البداية بين أهالي مخيم البداوي للاجئين الفلسطينيين شمال لبنان، خاصة أن المتعارف عليه بين السكان أن تكون المقاهي للشبان من دون الفتيات، لكن مع مرور الوقت، اقتنع الأهالي بأن الفكرة جيدة، ووجودها ضمن محيط المخيم فكرة مناسبة للأهالي، لأن هذا المكان أكثر أماناً لبناتهم بخلاف مكان آخر، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان، وتحديداً على الصعيد الاقتصادي. وهكذا لم تعد الفتيات والنساء تقصدن المقاهي خارج المخيم، لأنه ببساطة لا حاجة لذلك، فكل شيء يتوفر لهن داخله.
تقول عطاف المتحدرة من مدينة عكا بفلسطين، وتقيم في مخيم البداوي للاجئين الفلسطينيين شمالي لبنان: "اسم مشروعنا ع الشباك، وأسسته بمجهود فردي مع زوجي. لم نحصل على تمويل من أي مؤسسة لإطلاقه وتطويره، وبدأ بفكرة أن يكون للشباب تحديداً، ثم تطور إلى مقهى للفتيات والنساء كي يرتحن من عناء اليوم الطويل، وبات مع مرور الوقت يستقبل فتيات يردن أن يحصلن على مكان مناسب للدراسة، وأيضاً نساء وفتيات يعملن في أي مجال لعقد لقاءات ونقاشات. والمشروع اليوم مصدر مهم لتحفيز النساء، وتتطور أعماله شيئاً فشيئاً، وبدأ يلاقي إقبالاً كبيراً من النساء والفتيات، لأنه يقع في مكان هادئ ومريح وجميل، والنساء يقصدنه كي يروحهن عن أنفسهن من الضغوط الحياتية الكبيرة، ولقاء صديقات ومعارف وربما العمل ومناقشه مشاريع أيضاً. وهو يقدم مشروبات مميزة يحبها الجميع، والأسعار أقل من تلك في المقاهي المجاورة".
تتابع: "مقهى ع الشباك يستهدف كل الأعمار صغاراً وكباراً، ونقيم فيه أعياد ميلاد، ونستضيف ندوات اجتماعية وثقافية ومدرسية وصحية، والنساء يخترنه لعقد اجتماعات، وهن يرتحن فيه لأنه قريب ويشغل مساحة واسعة، وموقعه مناسب للجميع على أطراف المخيم. ونحن نجد دائماً إقبالًا من المؤسسات التي تعمل في الوسط الاجتماعي، والتي تقيم فيه أنشطة خاصة فيه تشمل اهتمامات متنوعة".
وعن الوجبات التي يقدمها مقهى "ع الشباك"، تقول عطاف:" الفطور الذي يقدمه المقهى مميز لأنه فلسطيني بامتياز، ويشمل الفول والحمص والمناقيش، والأسعار مرضية للجميع لأنها أرخص بكثير من أسعار الأماكن الأخرى، كما أننا نخفف عن الرواد أعباء بدل النقل، لأن المقهى موجود في المخيم، ولا يجعل النساء يقصدن أماكن خارج المخيم تستهلك منهن الوقت والمال وعناء الوصول.
وعن تقبل الناس فكرة مشروع مقهى "ع الشباك"، تقول عطاف: "في البداية، لم تلقَ فكرة مقهى مخصص للنساء قبولاً لدى أهل المخيم الذين استغربوا وجود مقهى خاص بهن، لكن الجميع اقتنع بإنشائه شيئاً فشيئاً، خاصة أنه يقع في مكان آمن، وشعر الأهل بأمان على بناتهم لوجودهن داخل المخيم، وقرب المقهى. وبدلاً من أن تقصد الفتاة مقهى خارج المخيم، تبقى داخله، وتحصل على تقديمات أفضل من الخارج، وبأسعار مخفضة. ونحن نراعي الأوضاع الاقتصادية التي يعيشها الناس في المخيم في ظل تدني القيمة الشرائية للعملة اللبنانية، وفقدان العمل. كما أن الأهل اقتنعوا بفكرة المقهى باعتبار أن أهميته كبيرة في ظل ارتفاع تكاليف النقل".
تتابع: "في الفترة الصباحية، نستقبل أمهات أولادهن في المدارس، وصبايا يدرسن في الجامعات، يأتين لتحضير بحوث أو أي شيء يخص دراستهن. وفي الإجمال، ثمة حضور صباحي أكبر من المساء، فكثيرات يقصدن المقهى لتناول الفطور الفلسطيني تحديداً ضمن أجواء مثالية لهن ولشخصيتهن التي تتناغم مع المكان ورواده".
وتختم: "أنصح كل فتاة بألا تتردد لحظة واحدة في بدء مشروعها الخاص، مهما كان نوعه وحجمه، حتى لو كان صغيراً. وبالمثابرة والجهد والعمل والتمسك بالأهداف المنشودة وأحلام التطوير وفرض حضورها القوي، تستطيع الفتاة تطوير عملها والوصول إلى ما تريده، وجعله مميزاً ومهماً".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق