البناء: فلسطين إلى الواجهة الساخنة مع فوز نتنياهو… اغتيالات للمقاومين… وردّ المقاومة من غزة

 


كتبت صحيفة "البناء" تقول: بسرعة عادت فلسطين صانعة الحدث الأول، وقبل تسلم نتنياهو مقاليد الحكم مجدداً بعد إعلان فوزه الانتخابي، تصاعدت الأوضاع في الضفة الغربية مع عمليات الاغتيال التي نفذتها قوات الاحتلال بحق المقاومين، مستهدفة قائد كتيبة جنين القيادي في سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، بعدما سجلت في القدس أيضاً عمليات طعن ودهس جديدة بحق عناصر شرطة الاحتلال وضباط الجيش والمستوطنين، وردّت حركة الجهاد على عملية الاغتيال ببيان توعّدت فيه جيش الاحتلال بالردّ، وليلاً أطلقت صفارات الإنذار في مستوطنات غلاف غزة، مع الإعلان عن صاروخين أطلقتهما قوى المقاومة من داخل غزة نحو مواقع الاحتلال.

لبنانياً، كان مجلس النواب مسرح الحدث الأول، وفقاً لدعوة رئيس المجلس نبيه بري لجلسة تتلى فيها رسالة رئيس الجمهورية وتناقش من قبل النواب، لاتخاذ الموقف المناسب، وفي مناخ التجاذب الحاد حول الفراغ الرئاسي والفراغ الحكومي، تحوّل منبر المجلس النيابي داخل القاعة وخارجها الى منصة لإعلان المواقف السجالية، سواء الرافضة للجلسة بداعي أن الوقت هو لانتخاب رئيس فقط، كما فعل نواب التغيير والكتائب، أو للقول إن الجلسة كان يجب أن تنعقد قبل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية لتدارك الفراغ الحكومي وفقدت نصف وظيفتها بتأجيل الانعقاد، كما قال نواب التيار الوطني الحر ورئيسه النائب جبران باسيل، أو للتأكيد على أن المطلوب من الحكومة تصريف الأعمال في نطاقها الضيق وفقاً لنصوص الدستور، كما خرجت التوصية النيابية بنهاية الجلسة.
بالتوازي كان كلام لافت يصدر عن قائد الجيش العماد جوزف عون، يؤكد تمسكه بالتصرف كقائد للجيش، رغم كل الكلام الرئاسي المتداول حول اسمه، فأشار أمام ضباط الأركان والقيادة الى ان إنجاز ترسيم الحدود البحرية سينعكس إيجاباً على لبنان، وان الجيش أدى دوره التقني الكامل في الملف، مرحباً بإجماع السلطة السياسية على إنجاز هذا الملف، وتطرق الى أن «دخول البلاد في مرحلة الشغور الرئاسي وسط التجاذبات السياسية بين الأفرقاء قد يترافق مع محاولات لاستغلال الوضع بهدف المساس بالأمن»، مشيراً إلى « أن الجيش غير معني بتاتًا بهذه التجاذبات، ولا ينحاز إلى أي طرف أو جهة، إنما ما يعنيه بالدرجة الأولى هو صون الاستقرار والسلم الأهلي»، وقال: «لن نسمح باستغلال الوضع وتحوُّل وطننا إلى ساحة مفتوحة لأي حوادث أمنية أو تحركات مشبوهة. ممنوع الإخلال بالأمن، لأنه من الثوابت الأساسية للجيش وسيبقى كذلك».
بعدما أدلى رؤساء وممثلو الكتل النيابية بدلائهم من مطالعات دستورية وقانونية لم تخلُ من الرسائل السياسة المتبادلة خلال جلسة مجلس النواب المخصصة لمناقشة رسالة الرئيس ميشال عون، استقرت الآراء في آخر مطاف المناقشات على بيان تلاه رئيس مجلس النواب نبيه بري في نهاية الجلسة، شدّد خلاله المجلس على «ضرورة المضي قدماً وفق الأصول الدستورية من قبل رئيس الحكومة المكلف للقيام بمهامه كحكومة تصريف أعمال»، على قاعدة «لا يفنى الديب ولا يفنى الغنم»، فمن جهة منح ثبت صلاحية الحكومة في ممارسة أعمالها بمرحلة الشغور الرئاسي كتصريف أعمال، حدّد المجلس حدود هذه الصلاحيات بأمرين: لا عقد جلسات للحكومة ولا قرارات إلا بالحالات الطارئة وتوافق مسبق.
وإذ أشارت مصادر نيابية لـ»البناء» الى أن المجلس النيابي لم يخرج بتوصية ولا قرار بل بموقف من رسالة عون، أكد المؤكد الذي ينص عليه الدستور من ممارسة الحكومة المستقيلة صلاحياتها المحددة بالدستور في النطاق الضيق لتصريف الأعمال، وبالتالي على الوزراء تصريف الأعمال على رأس وزاراتهم لتسيير المرافق العامة، إذا لا يمكن ترك البلاد في الفراغ الشامل ولا بدّ من سلطة تستمر بإدارة البلاد بحدود معينة لضرورات مصلحة الدولة والمواطنين. أما انعقاد الحكومة فيكون بالحالات الاستثنائية وبتوافق مسبق بين مكونات الحكومة.
ووصف مصدر نيابي آخر موقف المجلس بأنه «كمن فسّر الماء بالماء»، مشيراً لـ»البناء» الى أن مناقشة الرسالة لزوم ما لا يلزم طالما أن نهاية ولاية عون قد انتهت وسقط احتمال تأليف حكومة وسقط معها التكليف، وليست المرة الأولى التي تواجهنا حالة كهذه، وكل الحكومات السابقة صرفت الأعمال وفق ما ينص عليه الدستور ولم تحصل أي إشكالات دستورية أو سياسية. لكن هناك من أراد استغلال الجلسة لإثارة جدال دستوري عقيم لا جدوى منه سوى خلق أجواء احتقان طائفي لاستخدامه سلاحاً في معركة رئاسة الجمهورية.
وقد لوحظ استنفار عدد من النواب السنة خلال الجلسة من مختلف الانتماءات استعداداً للرد على أي هجوم على ميقاتي وموقع رئاسة الحكومة، وقد تدخل النائبان جهاد الصمد وأحمد الخير لمنع مقاطعة نواب التيار الوطني الحر لميقاتي مرات عدة.
في المقابل أبدت أوساط نيابية في التيار الوطني الحر عبر «البناء» خشيتها من استغلال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أي أحداث أمنية أو أي فوضى اقتصادية ومالية واجتماعية لدعوة الحكومة للانعقاد واتخاذ قرارات معينة، ما يشكل سابقة خطيرة بأن تقوم الحكومة المستقيلة مقام رئاسة الجمهورية وممارسة صلاحيات الرئيس في ظل الشغور الرئاسي الذي قد يطول. متهمة ميقاتي بأنه خطط للوصول الى هذا الوضع غير الصحي والذي سيؤسس الى إشكالات في المستقبل.
وعلى الرغم من الجهود التي بذلها الرئيس بري وحزب الله قبيل الجلسة مع كل من الرئيس ميقاتي ورئيس التيار الوطني النائب جبران باسيل والنواب السنة لتأمين الحد الأدنى من الهدوء في الجلسة لتفادي أي انجرار الى سجالات سياسية وطائفية، وهذا ما أكده ميقاتي في كلمته، لكن مداخلات النواب عكست الانقسام السياسي الحاد بين القوى والفوضى الدستورية القائمة ما يؤشر الى صعوبة ما بأن يتمكن المجلس من التوافق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية في المدى المنظور من دون تدخل خارجي غير ناضج في الوقت الراهن. وقد علمت «البناء» أن الكتل النيابية كانت في جو البيان الذي تلاه الرئيس بري قبل يوم من انعقاد الجلسة.
وقد نجح الرئيس بري وفق ما أشار أكثر من مصدر نيابي لـ»البناء» بتأمين الحد الأدنى من الهدوء في الجلسة وأدارها بذكاء وحكمة ونزع أي توجه لسجالات سياسية حادة تؤدي الى توتر طائفي، كما وجد مخرجاً مناسباً للموقف الذي اتخذه المجلس بموافقة مختلف المكونات النيابية بمن فيها التيار الوطني الحر، رغم السجالات التي اندلعت بالجملة.
وكان مجلس النواب ناقش رسالة عون اليه، وفي نهاية الجلسة أصدر موقفاً أكد فيه أن «المجلس يؤكد ضرورة المضي قدماً وفق الأصول الدستورية من قبل رئيس الحكومة المكلف للقيام به بمهامه كحكومة تصريف أعمال».
وخلال مناقشة الرسالة، قال باسيل: «كان يجب أن تتم الدعوة الى المجلس لمناقشة الرسالة قبل أن تنتهي الولاية الرئاسية»، فردّ عليه الرئيس بري: «حتى لا تأخذها ملاحظة تضعها بتاريخي، الرسالة وصلتني الأحد أي في 30 الشهر وكان هناك يوم واحد فقط قبل انتهاء الولاية». وتدخل باسيل، بالقول: «حسناً كان يمكنك الدعوة». فاعترض برّي، قائلاً: «كلا هناك أصول، والرسالة يجب أن تتم قراءتها ومنذ 4 أيام صدرت ولا زال هناك نواب لم يطلعوا عليها».
وفي سياق متصل، قال باسيل: «عند مناقشة الرسالة السابقة لرئيس الجمهورية عند تكليف سعد الحريري كان أول المتحدثين». فردّ برّي، بالقول: «لا هناك أصول ويفترض أن تتلى الرسالة».
وخلال مداخلة باسيل دار سجال بين عضو تكتل القوات النائب ستريدا جعجع وباسيل، إذ قال الأخير: «ليتم انتخاب الرئيس من الشعب»، فردّت جعجع «امشي لكن بسمير جعجع فهو الأقوى مسيحياً». وردّ باسيل، «ما تشوشي في أمور جانبية»، فكان جوابها «هو الأقوى مسيحياً حط إيدك عا شواربك»، ليعود ويقول «اللي بحط إيدو عا شواربو هوي اللي بيحكي عن داعش وسورية مش أنا»، لتردّ جعجع «اللي عندو شوارب بكون رجّال».
أما الرئيس ميقاتي فردّ على باسيل حول ميثاقية تكليفه بالقول: «أنا كان لازم اعتذر بوقتا بس لأنو انت طالبت بالاعتذار انا بطلت». وقال ميقاتي لبري: «أريد أن أطلب من الجامعة اللبنانية إضافة cours عن المفاوضات على حافة الهاوية»، فرد باسيل: «هذه تأتي بالفطرة ولا تحتاج الى علم».
وأكّد رئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، في مداخلته أنّ «كتلته بذلت خلال الفترة المتاحة جهودًا حثيثة، وقامت بالمساعي لتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات، لتتولى إدارة شؤون البلاد، لكن للأسف لم تصل تلك الجهود إلى نتائج مرضية، «ووصلنا إلى خواتيم ولاية الرئيس دون أن تتشكل الحكومة». مبيِّنًا أنّ «رسالة الرئيس عون تشير إلى ثغرة دستوريّة، تتمثل بعدم تعيين الدستور مدّة محددة للتكليف، كما تفصح عن شغور موقع الرئاسة. هذه الإشارات وغيرها تتطلب مقاربات دستورية وازنة ودقيقة ومناخًا وفاقيًا وتحررًا من الكيديات والتدخلات الخارجية».
ورأى رعد «أنّه من الطبيعي أن تتحمل حكومة تصريف الأعمال مسؤوليتها في هذا الوضع، ومع كلّ المخاوف والهواجس التي تطرحها شريحة كبيرة من اللبنانيين، وهذا يتوقف على إدارة رئيس الحكومة والوزراء في هذه المرحلة».
وانتقلت النقاشات من داخل الجلسة الى خارجها، حيث استكمل رؤساء الكتل شرحهم لمواقفهم، فرأى باسيل، في مؤتمر صحافي أن «السابقة الدستورية الفريدة ناتجة عن أن ميقاتي لم ير مصلحة لتأليف الحكومة ولم يعتذر، وقد أوقعنا بفراغ حكومي بتعمد منه»، معتبراً أن «عدم التأليف يشكل سابقة خطيرة في نظامنا ودستورنا».
بدوره، قال رئيس لجنة الادارة والعدل النائب جورج عدوان: «مجلس النواب قرّر بعد قراءة رسالة عون أن تستمرّ الحكومة بتصريف الأعمال وفق النطاق الضيّق لتصريف الأعمال وفي الدستور الحالي لا شيء اسمه سحب التكليف من رئيس الحكومة، وفي غياب وجود رئيس للجمهورية لا يمكن أن نترك فراغاً وبالتالي الحكومة تستمرّ بتصريف الأعمال».
وكان نواب الكتائب والتغيير والنائب ميشال معوض انسحبوا من الجلسة بعد تلاوة نص رسالة عون لأنه وفق المادة 75، المجلس النيابي الآن هيئة ناخبة فقط ولا يحق له القيام بأي وظيفة أخرى.
وأكد الرئيس ميشال عون في بيان، أن «ما قاله ميقاتي مجتزأ ويفتقد إلى الكثير من الدقة والصحّة، واذكّر بما أعلنت عنه للإعلام بعد آخر لقاء بيننا حين أتاني مودعاً قبل ستة أيام من نهاية الولاية، من انني قلت له انتظرك لتعود الى بعبدا لنصدر معاً مرسوم التشكيل، بحسب الأصول، لكنه ذهب ولم يعد».
وفي ختام الجلسة، قال بري: «كل الكلمات أجمعت بأن الأولوية الأولى ثم الأولى هي لانتخاب رئيس للجمهورية هذا الكلام قلته ومنذ انتخاب المجلس النيابي وحتى الآن وأنا أنادي مع كل واحد منكم أنه من المفروض أن يكون هناك توافق».
وأشار إلى أن «عندما تحدثت في خطاب انتخاب رئاسة المجلس عن 128 نائباً بنعم كان الهدف هو حصول شيء من التوافق. والآن ما أريد قوله إنه لن يمرّ أسبوع إلا وسيكون هناك جلسة لمجلس النواب لانتخاب رئيس بدءًاً من الأسبوع المقبل، لكني آمل منكم ألا تتحول القصة الى مسرحية لأننا عقدنا 4 جلسات وتحولنا الى موضوع هزء لذلك قلت إنني بصدد القيام بشيء من الحوار».
وأضاف، «لذا بدءًا من الخميس المقبل الواقع في 10 تشرين الثاني الحالي، الساعة 11 قبل الظهر سيكون هناك جلسة وستوجّه الدعوة لها وفقاً للأصول، كما آمل خلال هذا الأسبوع أن يحصل توافق ما بين المكونات والبلوكات وجميعكم يعرف أين هي العقدة، العقد يجب أن تحلّ وإذا لم يحصل تراجع من هنا وتراجع من هناك لن نصل الى حل».
وعليه، دعا بري الخميس المقبل في 10 الجاري، الى جلسة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
على صعيد آخر، وبعد بتّ الدفعة الأولى من الطعون النيابية الـ15 المقدّمة أمام المجلس الدستوري، صدرت أمس دفعة جديدة من النتائج قضت برد أربعة طعون من دوائر بيروت الاولى والثانية وكسروان وجزين. وهي: في دائرة بيروت الأولى الطعن المقدم من قبل المرشح ايلي شربشي ضد النائبة سينتيا زرازير. في دائرة بيروت الثانية تم رد الطعن المقدم من زينة المنذر ضد النائبين فيصل الصايغ ووضاح الصادق. كذلك، تم ردّ الطعن في دائرة كسروان المقدم من قبل جوزيفين زغيب ضد النائب فريد الخازن. وفي دائرة جزين تمّ رد الطعن المقدم من النائب السابق أمل أبو زيد ضد النائب سعيد الأسمر. فيما يبقى البتّ بالطعون الأخرى إلى جلسة لاحقة حيث يُبقي المجلس جلساته مفتوحة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق