الكوليرا.. المخيمات الفلسطينية بلبنان تستعد لاستقبال الزائر الثقيل

 

المركز الفلسطيني للإعلام

مثقلون بأعباء الحياة الصعبة، يقاسي فلسطينيو لبنان المعاناة الشديدة في مختلف نواحي الحياة، وبعد فترة من خروجهم من جائحة كورونا، يتسلل وباء الكوليرا إلى مخيماتهم التي يكسوها المعاناة المتفاقمة.

فقد أعلن الدفاع المدني الفلسطيني تسجيل أول إصابة بمرض الكوليرا لسيدة فلسطينية من مخيم نهر البارد شمالي لبنان.

الدفاع المدني في بيان له قال، إنه تلقى بلاغاً بوجود حالة طارئة تعود لامرأة أربعينية، بحاجة للنقل إلى المستشفى عبر إسعاف الدفاع المدني، حيث تبين بعد وصولها إلى مستشفى الإسلامي في مدينة طرابلس أن الحالة ٩٠% مُصابة بمرض "الكوليرا" حسب العوارض التي تُعاني منها المريضة من إسهال حاد وتقيؤ وهبوط في الضغط وحسب التقرير الصادر بحالتها من الأطباء المختصين.

ونقلت الحالة المرضية إلى مركز الحجر الصحي المقام في مستشفى الحكومي في منطقة القبة الطبي ليتم التعامل مع الحالة وفق المعايير الصحية المطلوبة.

ودعا الدفاع المدني الأهالي، إلى توخي الحيطة والحذر واتباع أقصى درجات الحيطة والحذر، والالتزام بالتحذيرات التوعوية التي أطلقتها المنصات الصحية والطبية والمؤسسات المجتمعية المحلية والدولية حول مرض الكوليرا القاتل.

العدد الإجمالي لحالات الكوليرا في لبنان، بلغ 34 إصابةً مؤكدة، فيما لم يتم تسجيل أي وفاة.

استعدادات

عبد الرحيم الشريف -المسؤول السياسي لحركة حماس في مخيم نهر البارد- يقول: مخيم نهر البارد يعد بوابة محافظة عكار اللبنانية، والتي تشهد ارتفاعًا ملحوظًا في إصابات كوليرا.

وأضاف في تصريحات لـ"المركز الفلسطيني للإعلام" أن هناك 4 حالات مشتبه بها 3 أطفال، وسيدة في الأربعينات من العمر، وظهرت نتيجة الأطفال الثلاثة سلبية، وبقيت السيدة مشتبه بإصابتها، وستظهر نتيجتها الاثنين.

وأكد أن هناك خطر يتهدد المخيمات كونها مجتمعات منفتحة على بعضها البعض، وتشهد اكتظاظًا شديدًا، إضافة لضعف تعقيم المياه والنظافة، ما يجعل فرص العدوى كبيرة.

وأشار إلى أنهم في مخيم نهر البارد وباقي المخيمات، شرعوا بإجراءات استباقية كإجراءات مواجهة فيروس كورونا، بتشكيل لجنة صحية مؤلفة من الأونروا، والجمعيات الطبية (الهلال الأحمر، الدفاع المدني) والمراكز الطبية التابعة للفصائل، وبالتالي الاتفاق على إجراءات للحد من تفشي المرض حال دخوله المخيمات لا سمح الله.

وأوضح الشريف أن هناك تحديًّا كبيرًا وهو عدم وجود مشافي بالكثير من المخيمات، وبالتالي تقع المسؤولية على الأونروا التي بدورها ستحول أي حالة كوليرا إلى المشافي المتعاقدة معها، ولكن المخاطر هو من كثرة الأعداد المتوقعة، وبالتالي قدرة المشافي على الاستيعاب.

وتحدث عن وضع اقتصادي واجتماعي صعب جدًا، تحياه دولة لبنان، وبالأخص مخيمات الفلسطينيين، وبالتالي نحن أمام تحدي كبير يضاف لأوضاع اجتماعية واقتصادية سيئة في المخيمات.

وقال أول إجراء قمنا به إصدار بيان للأهالي حذرنا فيه من خطورة المرض، وكما عممنا على خطباء المساجد للقيام بتوعية الأهالي.

وأوضح أن "الأونروا" بدأت بعملية تعقيم المياه التي توزع على المخيمات، وطالبنا نحن في المخيمات "باعة المياه" أن يقوموا بفحص المياه التي تباع للأهالي لضمان سلامة المياه.

وقال: الأونروا أبلغتنا بأنها أخبرت المشافي المتعاقدة معها أنها ستحول فورًا أي إصابة بمرض الكوليرا لتقديم العلاج والرعاية اللازمة لها.

خطة الأونروا

من جانبه، أكد مدير قسم الصحة في وكالة "الأونروا" بلبنان عبد الحكيم شناعة، أن الوكالة وضعت خطة متكاملة لحماية المخيمات من "الكوليرا".

وقال في تصريحات إن الأونروا وضعت خطة متكاملة بين مختلف الأقسام لحماية المخيمات من تفشي الكوليرا ومنها القيام بحملات توعية على مواقع التواصل الاجتماعي ونشر فيديوهات قصيرة عن المرض وأسبابه والوقاية منه وتأكيد أن الكوليرا بكتيريا ويمكن معالجتها وأدويتها متوفرة، ودعوة أبناء المخيمات الى الوقاية وأهمها النظافة الشخصية وغسل اليدين قبل الأكل وبعده وبعد الدخول الى الحمام.

وأشار إلى أن البرنامج الصحي يعمل على توفير المياه بكل المدارس والتأكد من عدم تلوّثها وزيادة عدد العاملين فيها للاهتمام بشكل منتظم بالنظافة وخاصة دورات المياه، والتبليغ عن أي حالة مرضية ونقلها إلى العيادة لفحصها من الطبيب المختص.

وقال: "فيما قسم الهندسة يفحص الآبار الارتوازية للتأكد من خلوّها من الجراثيم، ووضع الكلور ومراقبتها بانتظام، وإزالة النفايات يومياً ورشّ المبيدات ووضع المواد لمنع انتشار البكتيريا في أماكن تجمع النفايات والحاويات".

أما قسم الصحة فمستعد لاستقبال أي حالة، والأدوية موجودة داخل العيادات ومنها للإسهال والجفاف والالتهابات وهي مجاناً أو نقل أي حالة مرضية الى المستشفى وفق ما تحدّده وزارة الصحة اللبنانية، وفق المسؤول بالوكالة الأممية.

مطالبات الأونروا

الكاتب والناشط محمد أبو ليلى قال: لا شك أنه في حال انتشار أي وباء في أي مجتمع على الكرة الأرضية، فإن سبل مواجهته تكون جدًّا معقدة وصعبة وتستنزف قدرات الطواقم الطبية والمرجعيات المجتمعية.

وأضاف في تصريحات لـ"المركز الفلسطيني للإعلام" أنه وفي الحالة الفلسطينية، وفي ظل الكثافة السكانية الهائلة داخل المخيمات، حيث تزيد أضعاف مضاعفة إذ ما قورنت في البقعة الجغرافية الضيقة، فإنه حتمًا ستزيد من تعقيدات سبل المواجهة.

ودعا الجهات المعنية ولاسيما وكالة "الأونروا" والمؤسسات الطبية والمرجعيات المجتمعية للبدء بتعزيز الوعي المجتمعي بشكل كبير، ولسباق الزمن لتفادي خطر تفشي الوباء واستفحاله.

وقال: أيضًا المطلوب من وكالة "الأونروا" كونها المعنية بطبابة اللاجئين الفلسطينيين، الاستعداد لتقديم كل ما يلزم من دواء وعلاج لازم لأي فرد قد أصيب بالعدوى.

اختبار قاسي

وتسلل مرض الكوليرا إلى مخيمات لبنان يضع المؤسسات الأهلية والفصائل واللجان الشعبية أمام اختبار قاس، لا يقل صعوبة عن جائحة كورونا، كون الواقع الصحي المتردي في مخيمات لبنان.

فالواقع الصحي -وفق دراسات عديدة اطلع عليها مراسلنا- يكتنفه كثير من الصعوبات، حيث إن المخيمات تعاني من مشاكل صحية هائلة وأن البنية التحتية المختلفة تحتاج إلى تأهيل وترميم.

كما أظهرت الدراسة أن الظروف الصحية للفلسطينيين في لبنان لم تحظ بالتغطية الإعلامية الكافية ولم تلق الاهتمام المطلوب من كل الجهات المعنية، وأظهرت أن الظروف الصحية تعد هاجساً حقيقياً يلاحق الفلسطينيين.

وتشهد الخدمات الصحية التي تقدمها "الأونروا" تراجعًا ملحوظًا، على الرغم أن الأونروا هي الملاذ الأول والمقصد الأكبر للمرضى الفلسطينيين، وذلك بصفتها الجهة المسؤولة بشكل رئيسي عن تقديم الخدمات الصحية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق