الوزير اللبناني السابق الدكتور عصام نعمان: لابد من بلورة وعي عربي موحد يعيد للإرادة القومية مجدها


بيروت / حاوره عبد معروف

أمام حالة الاختلاط، والتشويه للمعاني الوطنية التي تشهدها الأمة العربية، كان لابد من العودة إلى مراجع فكرية ووطنية من أجل الوقوف على آرائها حول المفاهيم التي يجب أن تطرح مجددا إلى النقاش لإعادة تصويبها، والمساهمة في بلورة وعي وطني عربي ربما يساهم في إعادة إرادة الوحدة والحرية والديمقراطية على امتداد الأمة العربية.

الوزير اللبناني السابق الدكتور عصام نعمان، واحد من أبرز أصحاب الرأي حول الأوضاع التي تتعرض لها الأمة العربية وحالة التراجع الفكري والسياسي والأمني والاقتصادي، التي أصابتها . 

وكان معه هذا الحوار:

+ هل تعتقد أن تراجع الفكر القومي العربي وعدم القدرة على تطوير أدواته كان سبباً من أسباب الهزائم والتفكك والإنهيار العربي السياسي والأمني والإقتصادي ؟

- تراجعُ الفكرِ القومي العربي هو نتيجة لتراجع الحركة القومية العربية. الحركة القومية تراجعت لأسباب عدّة ، اهمها ثلاثة :

(أ) تصدّع بنية العرب الإجتماعية بفعل عوامل القبلية، والعصبيات المذهبية، ومحدودية موارد المعيشة اللائقة.

(ب) إحتدام الصراع على السلطة بين متزعمين افراد ، كما بين الطوائف والجماعات المتنافسة على السلطة والثروة.

(جـ) التدخلات الخارجية تطوّرت الى إحتلال لبعض الأقطار وإستغلال لبعضها الآخر وهيمنة سياسية وإقتصادية تالياً على مجمل الأمة أجيالاً وقروناً .

ولأن الفكر وليد بيئته بكل جوانبها السياسية والإقتصادية والإجتماعية، فقد تراجع الفكر القومي نتيجة تراجع الحركة القومية ، لاسيما بعد الهزيمة الكبرى المتمثلة بزرع الكيان الصهيوني في قلب الأمة وهيمنة الغرب الإستعماري على مواردها ومنظوماتها السياسية المتسلطة.

+بعد فشل الإسلام السياسي في إستلام أنظمة الحكم في عدد من الدول العربية ، هل ما زال لتيارات الإسلام السياسي دور ريادي في صناعة الحياة السياسية في الوطن العربي؟

- الإسلام السياسي فكرٌ وحركة (أو حركات). تراجعُ الإسلام السياسي هو نتيجة فشل الحركة او الحركات الإسلامية . صحيح ان بعض الحركات الإسلامية إستطاعت السيطرة على أنظمة الحكم كما حدث في السودان ومصر والعراق (جزئياً) لكنها فشلت في الإحتفاظ بالسلطة نتيجةَ أسباب وعوامل عدّة لعل أهمها ثلاثة : التسلط ، وعدم قبول الآخر المختلف ايديولوجياً وسياسياً ، والتعاون – أحياناً حتى حدود العمالة ــ مع قوى استعمارية كبرى كالولايات المتحدة الاميركية. من الطبيعي، والحالة هذه، ان يتراجع دور الحركات الإسلامية في الحياة العامة العربية وان تفقد تالياً أي دور ريادي في صناعتها .

+ما هي الادوات المطلوبة لتحقيق النهضة العربية مجدداً والخروج من زمن الإنقسام والهزائم والإنهيارات ؟

- ثمة شروط وركائز لبناء نهضة العرب . أعتزّ بأنني كنتُ في عداد اوائل المشاركين في حركةٍ فكرية أطلقها مركز دراسات الوحدة العربية بقيادة الدكتور خير الدين حسيب في الربع الأخير من القرن الماضي تمكّنت من بلورة أهداف ستة للمشروع النهضوي العربي هي : الوحدة ، الإستقلال الوطني والقومي ، الديمقراطية ، التنمية الذاتية ، العدالة الإجتماعية ، والتجدّد الحضاري . تحديد هذه الأهداف لا ينطوي بالضرورة على ترتيب صارم للأولويات . ظروف النضال الفكري والسياسي الزمانية والمكانية قد تتطلب تقديم أحد الأهداف.

على الأخرى. غير انني كنتُ دائماً اشدد على ان الظروف السياسية والإقتصادية والإجتماعية القاسية التي تمرّ بها الأمة في معظم أقطارها ، ولاسيما في فلسطين ، تفرض تقديم نهج المقاومة على سواه ، كما تتطلّب إيلاء هدف التجدد الحضاري إهتماماً إستثنائياً بغية تسليح الأجيال العربية الشابة بوسائل العلم والتكنولوجيا والثورة الألكترونية وقيم العصر ومناهجه بغية إمتلاك ارقى القدرات في مختلف الصراعات التي تلف عالمنا المعاصر. بهذه المقاربة العلمية المنفتحة على التطور نستطيع ان نتجاوز ميراث الإنقسامات والهزائم والإنهيارات التي تشلّ مناحي حاضرنا وآفاق مستقبلنا.

+ امام الواقع العربي الحالي ، هل ما زالت القضية الفلسطينية قضية العرب المركزية ؟

- ربما فلسطين ما زالت قضية العرب القومية الاولى ، لكنها ليست قضيتهم المركزية . ذلك ان لكل قطر عربي في المرحلة الراهنة قضية او اكثر يعتبرها قضيته المركزية . بعبارة اخرى ، بات الإهتمام بالقضايا القطرية الداخلية متقدّماً على الإهتمام بالقضايا القومية ، وهو أمر له أسبابه ومسوّغاته ، وإن كان يُتخذ في أحيان كثيرة ذريعة للتملّص من موجباتٍ وإلتزامات قومية مشروعة وضاغطة . فبمقدار ما تنجح الأقطار العربية ، لاسيما الكبرى منها ، في معالجة قضاياها الداخلية وتجاوز تداعياتها المعوّقة بمقدار ما تصبح أكثر إستعداداً لاعطاء قضية فلسطين إهتماماً وجهداً اكبر وأفعل .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق