هجرة اللاجئين الفلسطينيين من لبنان.. سبيلهم للبحث عن الحياة وتهديد على النسيج الفلسطيني في مخيمات اللجوء

مازن كريّم - قدس برس

يعاني اللاجئون الفلسطينيون في لبنان، خاصة فئة الشباب، التي تشكل النسبة الأكبر من التعداد السكاني في المخيمات، مآسي يومية تحل بمخيماتهم وتجمعاتهم، ما يدفعهم للهجرة إلى أي وجهة يشعرون فيها بالأمن والاستقرار.

وتشير المعطيات إلى أن الشباب المهاجرين عادة ما يبحثون عن حقوق مدنية، وفرص تعليم أو عمل، إلى جانب الكرامة الإنسانية التي يفتقدونها في ظل الظروف التي تعيشها مخيمات اللجوء الفلسطيني في لبنان.

يقول أمين سر الفصائل الفلسطينية في شمال لبنان، بسام موعد (أبو لواء)، إن الشمال اللبناني "يحوز على النسبة الأكبر من عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين يهاجرون عبر البحر".

وأرجع موعد ذلك، في حديثه لـ"قدس برس"، إلى أن منطقة الشمال تعد "الأشد عوزًا بين المخيمات الفلسطينية في لبنان، إلى جانب انعدام حقوق اللاجئين بشكل عام في البلاد".

واعتبر أن أسباب الهجرة من مخيمات الشمال تتمثل في أن "أزمة مخيم نهر البارد ما زالت ماثلة، ورغم أن ثلثي الإعمار في المخيم القديم قد أنجز، إلا أن البطالة بقيت بعد فقدان كل مكونات الاقتصاد والمعيشة".

وتابع أن "من المعروف أن نهر البارد شكل، في فترة ما قبل عام 2007، حالة رخاء معيشي، تعود إلى كونه شريانًا رئيسًا لمحافظة عكار (شمالاً)"، مستدركًا: "لكن للأسف، بات اليوم يفتقد لكل مقومات الحياة الكريمة، ويعتبر أشبه بمنطقة عسكرية".

وأردف موعد بالقول إن "نسب البطالة في مخيم البدّاوي باتت تطال الشريحة الأكبر من سكانه، وذلك للاكتظاظ فيه، إلى جانب قلة فرص العمل".

وأضاف أن "نسبة العائلات التي تصنف أنها تحت خط الفقر في المخيم تتعدى حاجز الـ90 في المائة".

وختم موعد حديثه قائلاً إن "الأزمات المتلاحقة التي تمر على لبنان أثقلت كاهل اللاجئين الفلسطينيين، ولا يوجد أيّ آفاق لحل الأزمة"، مشيرًا إلى أن ذلك "في ظل غياب أي خطة إنقاذ ترسمها وكالة أونروا، والمؤسسات الإغاثية، والمرجعيات الفلسطينية، والدولة المضيفة".

من جهة أخرى، حذّر مدير منظمة "ثابت لحق العودة" (مؤسسة أهلية في لبنان)، سامي حمود، من أن "استمرار موجة الهجرة بهذا الشكل بات ينذر بعواقب وتداعيات سلبية عديدة على نسيج وتماسك المجتمع والمخيمات الفلسطينية في لبنان".

واعتبر حمود، في حديثه لـ"قدس برس"، أن المؤسف في الأمر هو "غياب الخطط والاستراتيجيات الوطنية لدى القوى والفصائل الفلسطينية، بجميع مكوناتها، لمواجهة هذه الظاهرة، وإيجاد الحلول التي تمكّن الشباب الفلسطيني من الصمود بوجه حالة اليأس والحرمان التي يعيشونها في المخيمات".

ووجه مطالبة للمعنيين في القوى الفلسطينية بـ"احتضان الشباب الفلسطيني، ورعايتهم بكل السبل، من خلال تفعيل مؤسساتهم، وتطوير برامجهم، بما يتناسب مع حاجات الشباب وتنمية المجتمعات".

وأشار إلى أن ذلك "فضلاً عن تحمل الدولة اللبنانية مسؤولياتها في إقرار الحقوق المدنية والإنسانية للاجئين"، إلى جانب "تحمل وكالة أونروا المسؤولية المباشرة تجاه اللاجئين الفلسطينيين، وتوفير الحياة الكريمة لهم، ودعم المشاريع التنموية الشبابية التي تمكنهم من التغلب على صعوبات الحياة".

من جانبه، طالب الناشط الحقوقي في المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان "شاهد" (مستقلة مقرها بيروت)، حسن السيدة، الدولة اللبنانية بـ"النظر إلى الملف الفلسطيني من منظور إنساني، لا من منظور أمني بحت".

وأضاف لـ"قدس برس" أن مطالبته هذه من شأنها أن يترتب عليها "حل الكثير من المشاكل التي يعاني منها اللاجئون الفلسطينيون، وخاصة قضية العمل والبناء وغيرها".

وحمّل السيدة استمرار موجة الهجرة بهذا الشكل إلى "المجتمع الدولي الذي لديه مسؤولية كبيرة تجاه اللاجئين الفلسطينيين في لبنان".

وأكد على "ضرورة التزام أونروا بالمهام المنوطة بها، كمؤسسة شاهدة على المعاناة ونكبة الشعب الفلسطيني"، لافتًا إلى أنها "أنشئت أصلاً من أجل إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في أماكن تواجدهم".

تجدر الإشارة إلى أن الهجرة التي تشهدها المخيمات الفلسطينية في لبنان باتت تطال عائلات بأكملها، في ظل المعاناة المتفاقمة، والأزمات المتلاحقة في لبنان.

وتشير أرقام إدارة الإحصاء المركزي اللبناني لعام 2017 إلى أن 174 ألفًا و422 لاجئًا فلسطينيًا، يعيشون في 12 مخيمًا و156 تجمعًا بمحافظات لبنان الخمس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق