حول جريمة اغتيال العميد سعيد العسوس في مخيم عين الحلوة..



عبد معروف

من السهل على شخصيات إعلامية وسياسية وأمنية فلسطينية، إلقاء الاتهامات وإطلاق التحليلات على جريمة اغتيال مستنكرة، ومدانة بحجم اغتيال مسؤول الارتباط والعلاقات العامة في قوات الامن الوطني الفلسطيني في لبنان العميد سعيد العسوس،هذا الاستسهال له علاقة بالعجز وعدم القدرة على ضبط الأوضاع الأمنية داخل مخيم عين الحلوة، وانتشار التيارات المشبوهة المسلحة وتجار المخدرات.

لكن هناك فارق كبير بين أصحاب المصلحة في الجريمة ومن يستفيد منها، وبين من نفذها وبأمر من من وفي أي سياق تاريخي محلي داخل مخيم عين الحلوة، فجريمة اغتيال العميد العسوس وأية جريمة أخرى تستهدف المدنيين أو القادة الفلسطينيين في لبنان، تخدم مصلحة العدو الاسرائيلي حتما، وتخدم كل طرف وتيار وفئة تعمل على خلط الأوراق داخل المخيمات الفلسطينية وتعميم الفوضى المسلحة وتشويه قضية اللاجئين، وتحويل المخيمات إلى بؤر للجريمة والقتل، لكن حقيقة الأمر، تنفيذ الجريمة لها ارتباطات وأبعاد داخلية فلسطينية أولا، ولها علاقة بطبيعة فوضى السلاح داخل المخيمات وتفشي التيارات المسلحة وتجار المخدرات والارهاب والصراعات القائمة داخل المخيمات على كل الصعد والمستويات، وهي جرائم مدانة بكل المعايير الوطنية والاخلاقية والانسانية.

ويخرج أحد "شهابذة"الاعلام  لكي يعطي جريمة الاغتيال بعدا لبنانيا وبأن الجريمة نفذت بهدف جر لبنان الشقيق إلى الفتنة قبيل الإنتخابات الرئاسية اللبنانية.

الحقيقة لا تبدو كذلك للعقلاء والمحللين الصادقين، ولمتابعي التطورات على الساحة الفلسطينية وداخل المخيمات، وكل عاقل لا يربط الجريمة بالانتخابات الرئاسية أو بتطورات الأوضاع اللبنانية وربما غدا سيربطها البعض بتطورات الحرب في أوكرانيا ورسم الحدود البحرية مع كيان الاحتلال. لأن الربط المشبوه لجريمة اغتيال العميد العسوس بالأوضاع اللبنانية، سيكون له انعكاسات سلبية على العلاقات اللبنانية الفلسطينية وعلى المزاج الشعبي اللبناني، وإذا عمل البعض على الاصطياد بالماء العكر، وفي حال ما حصل أي تأجيل أو إشكال في الميدان الرئاسي اللبناني سيخرج بعض الأصوات المشبوهة ليقول أن مخيم عين الحلوة هو السبب.

فجريمة اغتيال مسؤول الارتباط والعلاقات العامة في قوات الامن الوطني الفلسطيني في لبنان العميد سعيد العسوس، ليس لها أية علاقة أو ارتباط بالوضع اللبناني الداخلي ولا برئاسة الجمهورية ولا بترسيم الحدود، بل لها علاقة بالأوضاع الداخلية الفلسطينية في مخيم عين الحلوة، وحالة الفوضى  وفوضى السلاح العبثي غير المنظم، ولها علاقة بتفشي أسلحة القوى والتيارات المسلحة داخل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان،خارج النسيج الوطني الفلسطيني.  

وعلى القيادات والقوى السياسية الفلسطينية في لبنان عامة وداخل مخيم عين الحلوة بشكل خاص، العمل الجاد، من أجل تعزيز وحدتها الميدانية، وعدم السماح لأي طرف للعب على نار تناقضاتها، وعليها أيضا أن تتخذ الاجراءات الفاعلة لحماية شعبنا داخل المخيمات من السلاح العبثي وفوضى السلاح المشبوه.

فجريمة الاغتيال تساهم في تعميم سياسة القتل والجريمة داخل المخيمات، وتؤدي إلى تشويه القضايا الانسانية للاجئين الفلسطينيين، وتثير الشتائم والخلافات بين المزاج الشعبي اللبناني والفلسطيني.

والجريمة أيضا وبشكل مباشر وغير مباشر، وإن كانت في سياقها الداخلي لكنها تخدم العدو الاسرائيلي، باعتباره العدو الرئيسي للشعب الفلسطيني، وتخدم عملاء العدو والمشاريع الجارية لتصفية القضية الفلسطينية وفي مقدمتها قضية اللاجئين.

لكن هناك فارق كبير بين من تخدم هذه الجريمة؟ ومن يستفيد منها وبين الأدوات التي نفذتها،

وبالتالي فإن ضبط الأوضاع داخل المخيمات الفلسطينية هي مسؤولية الفصائل الفلسطينية جميعا دون استثناء، مسؤولية وعي القيادات وعملها وسط الشعب ليس بالشعارات والهتافات والتكريمات والخطابات بل بالعمل الفعلي، فحماية شعبنا داخل المخيمات هي مهمة وطنية، وهي مسؤولية الفصائل جميعا.

ليس من المعقول أن يكون لاغتيال الشهيد العميد سعيد العسوس أي بعد إقليمي ودولي، وحتما ليس للجريمة علاقة بمسار الأحداث على الساحة اللبنانية لا في الانتخابات الرئاسية، ولا في غيرها، أو في غزة وأوكرانيا، بل هي جريمة داخلية ذات أبعاد داخلية وبأيدي داخلية مجرمة، (وربما لا تتجاوز حدود مخيم عين الحلوة)، الانسان العادي لا يعلمها، ولكن هناك ضرورة لكشفها وكشف ملابساتها ومن يقف خلفها؟حتى لا يبقى الشعب يعيش حالة رعب وهلع بسبب فوضى  السلاح غير المنظم والتيارات المشبوهة خارج النسيج الوطني الفلسطيني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق