الانهيار المعيشي في لبنان يصل إلى رغيف الخبز والإدارة العامة يسودها العجز والشلل التام

 


عبد معروف 

شكل انقطاع الخبز تعبيرا بارزا لحالة الانهيار المعيشي في لبنان، ومؤشرا خطيرا لما وصل إليه هذا البلد، من ترد سياسي واجتماعي واقتصادي ينذر بمخاطر أمنية داخلية لن تكون سهلة بأي حال من الأحوال بعد أن وصل الشلل إلى مفاصل الادارات الحكومية العامة.

يصطف اللبنانيون صباح كل يوم وحتى ساعات المساء، في طوابير أطلق عليها “طوابير الذل” أمام الأفران والمخابز بانتظار شراء رغيف خبز يطعمون به أطفالهم، كما كانوا يقفون بطوابير قبل أسابيع أو أشهر قليلة أمام محطات البنزين والوقود، أو يمضون أوقاتهم يبحثون بين الصيدليات عن دواء لمريض.

وأمام الخطابات والحراك السياسي، لتعزيز “عصب” الدولة، وانشغال الدوائر السياسية اللبنانية بأزماتها وخلافاتها وعجزها عن تشكيل حكومة جديدة أو إيجاد نقاط تفاهم مع صندوق النقد الدولي، وبحالة انتظار لعودة الوسيط الأمريكي آموس هوكشتاين لحل النزاع البحري مع تل أبيب، تسهيلا لاستخراج الغاز، يتوقف اللبناني عن متابعة الأوضاع والخطابات السياسية، والجلسات النيابية، باحثا عن لقمة عيش لأولاده بين الأفران والمحلات التجارية.

فلا خبز في الأسواق اللبنانية، والواضح أن الحياة في لبنان إلى المزيد من الانهيار والفوضى الاجتماعية، ولا مكان للمعالجات في ظل الشلل الحكومي القائم، وحالة الانقسام السياسي والاضرابات العامة داخل المؤسسات والادارات الرسمية.

واستنادا لتقارير إعلامية، يعتمد بعض الافران “قواعد جديدة” في عملية توزيع الخبز، حيث اعلن صاحب احد الافران في منطقة التبانة في مدينة طرابلس شمال لبنان، أنه سيقوم بفتح الفرن فقط لأبناء المنطقة، حيث بدأ بيع الخبز عند الساعة الواحدة فجراً، وأضاف صاحب الفرن أنه لن يسلّم الخبز للمحال بل فقط للبيوت، مشترطاً حضور الرجال فقط لاستلام خبزهم.

وفي مدينة صور جنوب لبنان، طلب أحد الافران من زبائنه إبراز هوياتهم قبل تسليمهم الخبز، مما أثار امتعاض اللاجئين الفلسطينيين من سكان المنطقة.

وبكّر المواطنون في مدينة صيدا جنوب بيروت، في الوقوف أمام الافران، التي ما زالت تعمل بعد اقفال معظمها ابوابها بسب نفاد مادة الطحين، واصطفوا في طوابير للحصول على الخبز.

وشهدت الأفران في المدينة منذ ساعات الفجر زحمة خانقة من المواطنين للحصول على ربطة الخبز، إذ اصطفوا في طوابير فيما لم يخل الأمر من مشادات بين العاملين في الأفران والمواطنين.

كما نفدت مادة الطحين من أفران مدينة النبطية جنوب لبنان، التي توقفت عن عملها وبيعت ربطة الخبز في احد المتاجر في كفرتبنيت ب25 ألف ليرة مع العلم ان احد الافران الكبرى في دير الزهراني توقف اليوم لعدم وجود الطحين.

ولم تتسلم المحلات والمتاجر في النبطية الخبز منه كما جرت العادة وبقي المواطنون في اغلبهم من دون الخبز واستعاضوا عنه بالخبز المرقوق والمشاطيح.

وتعبيرا عن مخاطر الأزمة الغذائية وتفاقمها، وحرصا على عدم الصدامات والاعتداءات، طالبت نقابات المخابز والافران “بضرورة تأمين الحماية الأمنية للافران التي تعمل والتي تشهد طوابير من المواطنين أمامها مما يعرضها لمشاكل مع المحتشدين”.

ودعت المسؤولين في بيان الى “مواكبة أمنية لهذه الافران لمنع حصول صدامات بين المحتشدين وبين اصحاب الافران”.

وحذرت من أنها “لن تستمر بالعمل وسط الفوضى والطوابير التي تمنع الافران من القيام بدورها من دون مشاكل في هذه الفترة الدقيقة التي تمر فيها البلاد”.

وأوضحت نقابة المخابز العربية في بيروت وجبل لبنان أسباب الأزمة في بيان جاء فيه “ان الاسباب الرئيسة لازمة الخبز المتكررة والتي ما زالت مستعرة وتتفاقم تدريجياً هي:

اولا: اقفال سبعة مطاحن (7) من اصل احدى عشرة مطحنة بسبب نفاد القمح.

ثانيا: عدم استجابة وزارة الاقتصاد والتجارة لطلب النقابة باصدار اذونات تسليم الطحن للافران تحدد اسم المطحنة وكمية الطحين المخصصة لكل فرن.

ثالثا: عدم قيام الوزارة بتحديد كميات الطحين المنتج في المطاحن العاملة ليصار على اساسها توزيع الطحين على الافران التي لم تتسلم كمياتها كاملة كما حصل في شهر حزيران/يونيو الماضي في نقص بمعدل 4191  طنا، وكذلك خلال النصف الاول من شهر تموز الحالي.

رابعا: وجود اكثر من 500 الف سائح في لبنان وتهافت المواطنين على شراء الخبز العربي. من جهته، انتقد عضو المجلس السياسي في حزب الوطنيين الأحرار في بيروت بيار يونس طريقة السلطة اللبنانية في معالجة أزمة الخبز وقال في بيان “‏إذا كانت السلطة التنفيذية غائبة عن حل أزمة الطحين والخبز اليومي الذي هو أبسط حاجات المواطن الذي يتعرض لأبشع حالات الاستغلال والجشع، ‏كيف نأتمنها على حل أزمات أكبر وأعمق كحماية هوية البلد وحماية الثروات الطبيعية واسترداد ودائع الناس وفرض العدالة وغيرها من المواضيع المصيرية؟”.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق