حلويات رمضان... حسرة في قلوب فلسطينيي لبنان

 

العربي الجديد- انتصار الدنان
31-03-2022
لم تتوقع سحر الطفلة البالغة 12 عاما من العمر أن تنظر يوماً إلى الحلويات في واجهة محل، وتطلبه من أهلها فلا يستجيبون لطلب شرائه وتذوقه. اقترب شهر رمضان المبارك في لبنان، فيما كان والدها معتاداً، في منتصف شهر شعبان، أن يجلب إلى المنزل حلوى "نصف شعبان" الجزرية، لكن سحر نظرت إلى هذه الحلويات بحسرة هذا العام، وتقول: "أحب الحلويات، وتحديداً تلك الخاصة برمضان، وكان أبي يشتري حلوى منتصف رمضان، لكنه لم يستطع ذلك هذا العام، فسعر الحلوى ارتفع بشكل كبير، وصار كيلو "الجزرية" يباع بـ120 ألف ليرة (5 دولارات). يعمل والدي سائق سيارة أجرة لا يملكها، ونحن أربعة أولاد في البيت، وعندي أخ صغير يحتاج إلى حليب وحفاضات".
تتابع: "سنحرم من أمور كثيرة في شهر رمضان الحالي، وتحديداً قطع الحلوى والعصائر. كان والدي يشتري حلوى في كل يوم من أيام رمضان، وفي حال لم يحصل ذلك، كنا نعد حلوى في البيت، أما اليوم فلم يعد يستطيع شراء حلوى لنا، حتى أرخص الأنواع التي ليست من حلويات رمضان مثل السفوف والنمورة، كما بتنا لا نستطيع إعداد حلوى في المنزل، فسعر السكر مرتفع جداً، كما أنّ الزيت والطحين مفقودان".
وتختم: "أحب حلوى الشعيبيات في شهر رمضان، وسعر دزينتها اليوم 100 ألف ليرة (4.16 دولارات)، ونحن ستة أشخاص مع أبي وأمي، وإذا أردنا شراء قطعة لكل واحد منا فسندفع 50 ألف ليرة (2.8 دولارات)، والمبلغ غير متوفر. وإذا توفر فالخبز أهم".
من جهته، يقول السوري أبو عامر الذي لجأ إلى مخيم عين الحلوة بعد الحرب في بلده: "أنا بائع حلوى متجول. لدي عربة أضع عليها أصناف حلوى رخيصة، وأحصل رزقي منها. لم تعد هذه المهنة نافعة اليوم، فغالبية الناس لا يشترون حلوى إلا نادراً، وإذا بكى طفل مع أمه لأنه يريد قطعة حلوى، تضطر الأم إلى شراء قطعة سفوف أو نمّورة أو قطعة حلوى المشبك كي يتوقف ابنها عن البكاء. وأحياناً أخرى لا تهتم الأم ببكاء أولادها، فإعداد طبخة بالنسبة لها أهم من شراء حلوى".
يتابع: "لا أظن أن شهر رمضان سيكون جيداً للناس الذي يرزحون تحت ضغوط الأوضاع الاقتصادية الصعبة جداً، وأسعار الحلوى ارتفعت بشكل جنوني بعدما زادت أسعار الزيت والسكر والطحين، وأنا أقضي ساعات طويلة من دون أن أبيع شيئاً. لا عمل لدي في السوق إلا أن أتحسر على نفسي وعلى الناس".
وتقول آمنة، وهي من بلدة الطيرة بفلسطين وتسكن في مخيم عين الحلوة وتعمل في محل لبيع الفول والحمص:" تجاوزت سن الستين، وليس لدي معيل. عندي ابنة توفي زوجها وترك لها طفلين أساعد في تربيتهما، ونحن بالكاد نستطيع تأمين قوت يومنا. أظن أن شهر رمضان سيحل بقسوة علينا، ولا أعتقد أننا نستطيع شراء أي نوع من أنواع الحلوى. وإذا كنا محرومين من اللحوم والدجاج، فكيف سنستطيع شراء حلوى؟".
تتابع: "أسعار الخضار ارتفعت جداً، وكلفة صحن الفتوش، الذي يعتبر من طقوس شهر رمضان وأساسيا بالنسبة لنا، تتجاوز مائة ألف ليرة (4.16 دولارات)، في حين أن مدخولي اليومي يبلغ 75 ألف ليرة (3.12 دولارات). أذهب إلى عملي في مدينة صيدا وأعود منه سيراً على الأقدام كي أوفر أجرة الطريق التي ستبقي لي 25 ألف ليرة (1.04 دولار) فقط إذا دفعتها. أولاد ابنتي ينظرون إلى واجهات المحلات المليئة بكل أنواع الحلويات والفواكه، ولا أستطيع تأمينها لهم. وإذا قدّر لي أن أشتريها لهم، أحاول أن أشتري لكل ولد قطعة واحدة".
أما أبو محمد الذي يملك محلاً لبيع الحلوى في المخيم فيقول:" أعمل في هذه المصلحة منذ زمن طويل، فقد كان المحل لجدي ثم لأبي الذي أعمل معه. لقد مرت بنا أزمات عدة، لكننا لم نشهد وضعاً سيئاً مثل اليوم، وتحديداً بعد الحرب على أوكرانيا، إذ ارتفعت أسعار الزيت بشكل غير طبيعي وكذلك السكر والطحين، ونحن مضطرون إلى أن نرفع أسعارنا".
يتابع: "كان رب الأسرة يشتري سابقاً أصنافاً من الحلوى، أما اليوم فصارت مشترياته تقتصر على نوع واحد، وليس بكمية كبيرة. في منتصف شهر رمضان نبيع حلوى الجزرية. وتدرج العادة في المخيم على أن يشتري الأخ أو الأب لأخواته وبناته المتزوجات ولعماته وخالاته، لكن هذا العام انحصر الشراء في البيت وبكمية لا تتجاوز نصف كيلو. هذا ما فعلته غالبية الناس، والمهم أن الحلوى دخلت البيت".
يضيف: "ننتظر شهر رمضان الحالي لنبيع الحلوى، ونعوض جزءاً من الخسارة التي تكبدناها هذا العام بسبب الركود الحاصل. ولا أظن أنه سيكون هناك بيع للحلويات كما كنا معتادين".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق