توحيد الموقف هو الضمانة لحماية المخيم



الحاج رفعت شناعة

منذ بضعة أيام برزت ظاهرة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة الفيس بوك أو غيره من المواقع لتحويل بعض البرامج أو المواد المبرمجة بشكل جيد كي تخترق سهامها قلب القضية الفلسطينية، وتهشم الوجه النضالي المشرق للشعب الفلسطيني، وتدمير هذا الرصيد الاخلاقي والاجتماعي والثوري، الذي ميَّز مجتمعاتنا، وحيث كانت الوقفة دائماً موحَّدة وأصيلة ومتماسكة، وهذا ما فوَّت الفرصة على الكثير من الأدوات المُستخدمة، والأساليب المتنكرة، وشكَّل نوعاً من الحصانة للمخيم الفلسطيني، والمخيم الفلسطيني أينما كان يحمل شيئاً من القدسية السياسية، والوطنية، والاجتماعية.
هذه المخيمات عبر سنوات النكبة الماضية قدمت وضحَّت بالكثير من أجل أن يصمد المخيم بأبنائه، لأنه محطة مهمة ومؤثرة على طريق النضال، والصمود، والمقاومة، والثبات أمام المؤامرات التصفوية.
فالمخيم الفلسطيني في لبنان وغير لبنان ليس مجرد بقعة جغرافية، ولكنه ببيوته ومعالمه وقبوره وشوارعه جزء من وجداننا وتاريخنا.
ولذلك فإن العدو الصهيوني ينظر إلى المخيم على أنه العدو اللدود، وأنه مصدر الكراهية والأحقاد، والانتقام، والثبات أمام التحديات.
ولذلك فإن العدو الصهيوني يضع دائماً في لائحة أولوياته تفكيك المخيمات، وتدميرها، وتهجيرها لأنها بأهلها قلاعٌ حصينةٌ بالإرادة، والايمان، والوحدة الوطنية، والتماسك والمواجهة.
ولذلك فإن الحفاظ على المخيمات، وتعزيزها، وتصليب جبهتها الداخلية هو خطوة مهمة جداً على طريق التحرير، وإزالة العوائق لحماية البنية الفلسطينية.
ولذلك فإن المخيمات ليست مجرد بقعة ذات بناء مؤقت، وانما الحقيقة هي كتلة من اللاجئين المشردين من أرضهم، وخيارهم منذ بداية النكبة العودة إلى أرض الآباء والأجداد عاجلاً أم آجلاً، فمن حقنا كباقي الشعوب أن نعود إلى الأرض الطاهرة والمباركة التي ولد فيها الآباء والاجداد.
إنطلاقاً من هذه المقدمة فإننا نؤكد على الثوابت التالية، والتي لا يُسمح التلاعب بها من أيِّ كان، لأن الحفاظ على كرامة شعبنا، وعلى أمنه الاجتماعي، وعلى قضيته الوطنية، وعلى وحدة مواقفه أمرٌ مقدَّس لأنه متعلق بمستقبلنا.
بناء على ما تقدم فإن قوافل الشهداء، ومعاناة الأسرى والاسيرات اليوم تستوقف الجميع لتقول وبشكل واضح لهم إن القضية الفلسطينية وعذابات شعبنا المشرد، وجحيم العذاب الذي يتكبده الأسرى والجرحى، يفرض علينا شئنا أو أبينا أن نكون حماةَ شعبنا وأهلنا وخاصة اللاجئين، وتحديداً في مخيمات الغربة والتشرد التي شهدت المجازر والاحداث المؤلمة.
ومن هنا فإن كلَّ من يرضى على نفسه بأن يكون أداةً للاستخدام من أجل التشهير بالاعراض الفلسطينية، والاساءة المباشرة لفلان أو فلان، أو فلانة وتأليف الروايات المصنوعة من الشبهات وتزيينها بكلام ليس من حق مسلم أن يقوله إلَّا أمام القاضي أو الحاكم، أو المحقق، مع حلفان اليمين لأن مثل هذا الكلام عن الأعراض، وعن الكرامات، وتسمية الأسماء، والأصرار على أن توزَّع هذه الاتهامات عبر المواقع مما يصدم الأهالي جميعاً، وينفِّر الجميع بدون استثناء، علماً أن هذا يجري للأسف بعيداً عن الجهات المعنية القادرة على الوصول إلى الحقيقة، والمحاسبة.
إنَّ هذا الإصرار على نشر الفضائح والتجني وتسمية الأسماء دون وازع، وبعيداً عن الأنظار حتى تبقى أسماء هؤلاء الذين حولهم شبهات مُتداولة على الألسن وعلى الصفحات، وحتى يبقى باب الإساءة إلى الأعراض مشرَّعاً وحتى ينال أعداؤنا منا على حساب كرامتنا وشعبنا، وحتى لا نعلم أين الخطأ وأين الصواب ؟ والمؤسف حقيقةً والمؤلم لنا جميعاً أنَّ مثل هذه الظاهرة الجهنمية والشيطانية تصبح كالنار في الهشيم ويكثر الذين يحملون البنزين لإشعال الفتنة.
وقد سمعنا وشاهدنا على الوسائل الإعلامية العملية المدروسة التي برمجها ووزَّعها من أرادوا بنا شراً، سواء أكانوا من جلدتنا أومن العاملين بدقة من الحفاء، وفي إطار ضيِّق هدفه تسويق ما هو مطلوب منه من إِشاعات، أو معلومات مفبركة، مدفوعة الأجر لإشعال الفتنة.
والمطلوب من القيادات المعنية عدم الاستهانة بمثل هذه الظواهر، والتوقف عندها، وتشخيصها، والتعاون والتكامل مع الجميع حتى تكون هناك غرفة عمليات خاصة وموحدة وعقلانية، تضع في أولوياتها المصالح العامة، وأمن المجتمع، وتُشرك معها أصحاب القرار في هذا المخيم أو ذلك، وتتحكم بالمعلومات التي تجمعها من مختلف المصادر للتدقيق فيها، والاستعانة بأصحاب الاختصاص وأولي الأمر، والالتزام بنظرية "واقضوا حوائجكم بالكتمان، وبعيداً عن التحريض والتشهير، وطمأنة الأهالي بأن القيادة تتابع عن كثب كي تصل إلى الخلاصة بعيداً عن الضجيج، وعن أصحاب المآرب، وأن لا نصدِّق كلَّ ما نسمع، لان هناك جهات لا تتمنى الخير، وهي تضع السم في الدسم."
من خلال هذا التفاهم الأخوي، وهذه المعالجة التي تم الاتفاق عليها، وبرعاية مسؤولة، وبالاتفاق على اتخاذ إجراءات قاسية ومدروسة وحكيمة نستطيع أن ندمِّر كلَّ أشكال الفتن والمؤامرات التي تريد بعض الإطراف من خلال هذه التجربة الأخيرة، علينا كقيادة أولاً إعطاء الأهمية إلى المتابعة والمراقبة، وأخذ الإجراءات الحاسمة والموضوعية على أرضية حماية المخيم وأمنه، لأنه جوهر القضية الفلسطينية.
ثانياً في مثل هذه الحالات يجب أن تتكاتف الجهود، والعمل على حل الخلافات مهما كانت، لأن فلسطين أولاً.
ثالثاً: يجب ترسيخ العمل الوحدوي السياسي والتنظيمي والاجتماعي للحفاظ على التماسك الداخلي في المجتمع الفلسطيني، وإحكام السيطرة حتى لا نسمح لأي جهة بأن تخترق جبهتنا الداخلية، وبالتالي حتى نستطيع أن نقود مخيماتنا في سفينة الأمان، وأن ننزع الألغام الخطيرة التي يتم زرعها في مخيماتنا من أجل إثارة الفتنة، وبالتالي إن مثل هذه الظواهر التي رأيناها خلال الاسبوع المنصرم تدق ناقوس الخطر، وتقول لنا بصراحة إن حماية المخيمات، والحفاظ على وحدتها الاجتماعية والاخوية هو السبيل من أجل الثبات والصمود على طريق العودة والانتصار والتحرير والحرية.
وإنها لثورة حتى النصر

2022/2/27

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق