صراع الامبرباليات على أرض اوكرانيا ..



عبد معروف

لم تعد روسيا تلك الدولة الشيوعية والاشتراكية في مواجهة الإمبريالية الأمريكية . ولم يعد النظام في موسكو هو النظام الداعم لحركات التحرر والتقدم في الدول النامية ..بل ومنذ انهيار الاتحاد السوفياتي وخاصة بعد وصول بوتين إلى السلطة تحول النظام في روسيا إلى نظام مافيوي تمكن من استغلال الأزمة التي تعرضت لها الإمبريالية الأمريكية والمعسكر الراسمالي في العالم واستغلت تراجع الولايات المتحدة في العالم وحقد الشعوب على سياسة العدوان والبطش والاحتلال التي تمارسها واشنطن في دول العالم .لتعيد أحلامها بأن تتحول الى امبريالية صاعدة   ذلك لأن النظام الاشتراكي  الشيوعي الذي حكم روسيا منذ الثورة البلشفية التي قادها لينين ..لم يعد فارما ولم يعد بالإمكان احياءه مجددا نظرا لحالة الاهتراء والتكلس وعدم القدرة على تطوير أو تصحيح مسار وبناء ما أسسه لينين وستالين.  لذلك وفي ظل طموح بوتين لاستعادة مجد روسيا واستعادة قوتها وعظمتها كان لابد من أن يتبع نهجا جديدا يتمدد من خلاله في دول العالم ويفرض هيبة روسيا وقوتها على حساب دم الشعوب والدول الأخرى تماما كما فعلت الولايات المتحدة في فيتنام وكمبوديا والعراق وافغانستان .

اليوم وفي عهد بوتين تحاول روسيا استعادة عظمتها ودورها العالمي من خلال التمدد والقصف والاحتلال والغزو والدمار في دول أخرى.

ايا يكن النظام الحاكم في كييف وأيا تكن تحالفاته وأحلامه ..فلا يحق لدولة أن تسحق دولة أو تحتل دولة أخرى أو غزو دولة أخرى بالسلاح والتدمير والقتل .

ذلك لأن هذه الوسيلة من السيطرة هي وسيلة من وسائل الامبرياليات في العالم منذ ما قبل الحرب العالمية الأولى والثانية  وحتى الآن 

لذلك يبدو أن الصراع على أرض اوكرانيا هو صراع بين الامبرياليات القديمة المأزومة والصاعدة التي تحاول استكمال السيطرة الامبريالية على العالم ...وروسيا تعتقد أن فشل الولايات المتحدة وهزائمها وتراجع نفوذها ليس لأنها هي أزمة امبريالية عالمية لم تقدم للشعوب سوى الغزو والموت وتبييض الأموال وارتفاع نسبة الجريمة وصراع الأقليات والطوائف والمخدرات والهجرات والنزوح.  لكن موسكو تعتقد أن الأزمة هي أزمة أمريكية فقط . وتصرف النظر عن أنها أزمة النظام العالمي الذي تحاول موسكو أما أن ترثه او تتقاسم العالم معه .

للاسف أن بعض القوى اليسارية والنظم في الوطن العربي مازالت تعتقد أن روسيا دولة اشتراكية وشيوعية . ونسيت التحول الكبير في بنية النظام في موسكو باتجاه مافيوي امبريالي. لذلك هللت بعض النظم والأحزاب العربية لاجتياح أوكرانيا كما هلل العرب لجيوش الحلفاء ضد الاحتلال التركي في الحرب العالمية في النصف الأول من القرن الماضي ..لكن سرعان ما تحول الانتداب إلى احتلال عمل على تقسيم الوطن العربي باتفاقيات سايكس بيكو ومنحت الصهيونية وعد بلفور لاحتلال فلسطين إلى جانب تجميد التطور ومنع التصنيع والإنتاج في الوطن العربي ومازال العرب يدفعون ثمن هذا الانتداب حتى اليوم انقساما واحتلال ومتخلفا 

فكيف ستكون تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا .  وكيف ستكون نتائجها على روسيا نفسها وعلى أوكرانيا وعلى العالم وطبعا على العرب 

هذا لا يظهر اليوم أمام حمم المدافع والطائرات والدمار والموت والتهجير.  بل سيكون لك ذلك نتائج وخيمة خاصة إذا كانت الإمبريالية الأخرى تخطط لأن تكون اوكرانيا مستنقع من الوحل تغرق فيه روسيا مجددا .

ما يجعل من إمكانية الحرب الباردة بين موسكو وواشنطن أمرا حتميا لكن لن يكون الصراع بين القوى والدول الاشتراكية والرأسمالية بل ستكون الحرب الباردة بالتالي الصراع سيكون بين الامبرياليات القديمة والصاعدة . يختلفان ويتفقان على الحصص ومناطق النفوذ ..لكن الامبرياليتين لهما ميزات مشتركة  في المنطقة العربية وهي.. الغزو والتدمير والقتل والاحتلال وتجزئة الوطن العربي ودعم الكيان الصهيوني .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق