فتح/حماس.. عبثية الحوار إن لم تكن على أسس وطنية واضحة



عبد معروف

أكدت عشرات جلسات الحوار من أجل المصالحة بين فتح وحماس خلال السنوات الطويلة الماضية، أن الحوار بينهما عقيم، ولم يخرج بنتائج إيجابية ملموسة على أرض الواقع، تضع حدا للانقسام وتشكل خطوة من أجل وحدة الموقف الفلسطيني وتشكيل جبهة وطنية موحدة في مواجهة التحديات التي تتعرض لها القضية الفلسطينية، خاصة مع استمرار وتصعيد مخططات ومشاريع العدو الاسرائيلي، واستمرار الهجمات ومصادرة الأراضي وبناء المستوطنات وعمليات القتل والعدوان واقتحام المقدسات الدينية، إلى جانب ارتفاع حالة الإحباط واليأس والفوضى والتشتت والحرمان والقهر للشعب الفلسطيني في الشتات.

وهذا يذكرني بمقال كنت قد نشرته في صحيفة السفير اللبنانية أواخر التسعينات من القرن الماضي، أتحدث فيه منذ ذلك التاريخ أن الحوار بين الفصيلين سيكون عقيما وعبثيا، إن لم يلتزم بقوانين وشروط الحوار، ويعتمد على أسس  وقواعد محددة يوافق عليها الطرفين ، بعيدا عن العصبوية التنظيمية والتدخلات الخارجية والاقليمية.


كما يذكرني بحوار شاركت فيه على قناة القدس قبل حوالي عشرة سنوات، حول الوحدة بين الفصائل الفلسطينية والمصالحة بين فتح وحماس، يومها كانت مداخلة من فلسطين للقائد الراحل عبد الرحيم ملوح، نائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وعضو اللجنة التنفذية لمنظمة التحرير الفلسطينية. الذي قال ردا على مداخلتي واتهمني (بانني لست مطلعا على جلسات الحوار وان المصالحة ومن ثم الوحدة سوف تتحقق خلال الأسابيع بل خلال والأيام القادمة).

رحم الله القائد الوطني عبد الرحيم ملوح كم كان متفائلا وكم كان يعتقد أن جلسات الحوار ستمضي حسب أمله . 

ولكن رغم فشل جلسات المصالحة وعدم قدرة الفصائل على وحدة موقفها وتشكيل جبهتها إلا أن عدم تحقيق ذلك واستمرار الانقسام والشرذمة كان سببا رئيسيا لما وصلت إليه الفصائل من ضعف وعجز و هزاىم وما وصلت إليه القضية من تراجعات .

المصالحة ووحدة الموقف وتشكيل الجبهة الوطنية أمر حتمي في اطار حركة التحرر الوطني من أجل المواجهة وكل فصيل لا يعمل جادا من أجل الوحدة في ميادين القتال ومواجهة الاحتلال وفي ميادين الدفاع عن مصالح الشعب ورفع الظلم والقهر عن اللاجئين في الشتات ..وكل فصيل يحمل أجندات خارجية ..هي فصائل استعراضية.

والطريقة التي تجريها فيها جلسات الحوار في الجزائر وقبلها في عواصم أخرى تؤكد فشلها وعدم جديتها؛ بل قال لي احد قادة الفصائل (أننا ذهبنا الى الجزائر ونحن نعلم أن جلسات الحوار لن تكون جدية ولن تصل إلى نتيجة).

أمام هذا الواقع المأزوم ...فلماذا جلسات الحوار اذا كانت عبثية ؟ ومن الأفضل أن تقدم الفصائل تكاليف ومصاريف السفر خبزا وحرامات تدفئة للفقراء .

لكن يبدو أن الفصائل تعمل من أجل الحفاظ على ماء وجهها وكسب الرأي العام وتؤكد من خلال تلبيتها لدعوات الحوار من دول صديقة وشقيقة وحليفة أن التدخل الإقليمي ينخر عظام الفصائل بل أصبح ضعف الفصائل وترهلها وانقسامها مطلبا من دول إقليمية وجزء من صراعات إقليمية .

فكفى استعراضا وتضليل للشعب واذكروا الأمور كما هي حقيقتها . لأن الله لا يغير ما بكم ما لم تغيروا ما بأنفسكم .

فالفصائل مشتتة ومشرذمة وعليها أن تكون أكثر جدية وحسما من أجل المصالحة والوحدة رحمة بالقضية ورحمة بالشعب الذي يواجه عدوان الاحتلال و بالفقراء في لبنان والشتات الذين يتعرضون للقهر والفقر والبرد والعوز .

فماذا يعني وجود فصيلين باسم جبهة التحرير الفلسطينية وماذا يعني وجود فصيلين بإسم جبهة النضال الشعبي ..ولما كل هذا الاستعصاء بإعادة الوحدة بين التنظيم الواحد بل ومن يمنع الوحدة بينها..

الواضح أن لا خلاف جذري ولا ايديولوجي بين التيارات المتقاسمة والمنقسمة. وهو ليس خلاف بين المناشفة البلاشفة في الحزب الشيوعي ولا خلاف بين تيار تروتسكي وحزب لينين. ..الفصائل الفلسطينية يجمعها العجز ..وبالتالي إن لم يكن في مقدورها الوحدة في ميادين القتال . فلتكن الوحدة في ميادين العجز .. والجزئيات تشبه بعضها وهي اصلا من رحم واحد وتاريخ واحد ومصابة بنفس الامراض. .فلماذا لا تتوحد الا إذا كان قرار عدم الوحدة هو قرار خارجي وفي إطار الصراع الإقليمي. 

لماذا كل هذا العبث ولماذا كل هذا التضليل ؟

تحية للشعب المقاتل في فلسطين والاجلال للشعب الصامد الصابر في بلاد الشتات ولبنان .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق