بيان صادر عن حركة فتح- إعلام قيادة الساحة


 

يا جماهير شعبنا الفلسطيني  في الداخل والشتات... 

في هذه الذكرى نجدد العهد لشعبنا بأننا سنواصل المسيرة حتى النصر. 

في مثل هذا اليوم وبعد جهود مكثَّفة ومضنية قررت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح الإعلان التاريخي عن إنطلاقة حركة فتح الوطنية من صلب النضال الوطني الفلسطيني الذي خاض كفاحه الشعبي، وأثبت حضوره من خلال التصدي للمشاريع التي رسمها الاستعمار البريطاني على أرض الواقع، وكان ذلك واضحاً في ثورة البراق العام 1929، حيث مارس الانتدابُ البريطاني الظلم والقهر والإعدامات على حبال المشانق دون حسيب أو رقيب، ودون اهتمام عربي، ولا ننسى الإعدامات التي طالت ثلاثة شبان على أعواد المشانق وهم (فؤاد حجازي)  و(عطا الزير)، و(محمد جمجوم) ولا ننسى استمرار استخدام العنف والقتل لكبح جماح أبطال ثورة العام 1936، حيث شكل الثوار المجموعات المقاتلة، والتصدي للانتداب البريطاني الذي كان قد شرع في جلب مجموعات من الصهاينة من البلاد الأوروبية وغيرها، ثم توزيع وتجنيد هذه المجموعات بالسلاح، واستخدامها في معركة التصدي لأهالي القرى الفلسطينية العربية الذين تحَّملوا مسؤولياتهم، ولم يكن لديهم من الأسلحة والذخائر ما يمكِّنهم من التصدي للمستوطنات، وجيش الانتداب البريطاني. وهذا ما دفع الرجال العرب في مختلف القرى إلى إقناع النساء ببيع ما لديهن من الذهب أو الفضة لشراء الاسحلة والذخيرة، وهذا ما أجَّج ثورة العام 1936، ووجود عز الدين القسام الذي شكَّل حالة قيادية وطنية أشعلت نار الثورة والتحدي. إن التآمر الدولي ووضع ثقله في خدمة المستوطنين وتمتعوا بالإمكانيات العسكرية، والحماية من قبل الانتداب، وكانت بريطانيا هي التي تمارس القهر والقتل والتهجير للشعب الفلسطيني عن أرضه، أما الدول العربية فكانت في حالة ضياع، واعتبرت أن المعركة تستهدف الوجود الفلسطيني  فقط واقتلاعه من أرضه التاريخية، وتوطين الصهاينة هناك.  

بعد النكبة، وتشريد اللاجئين الفلسطينيين، وممارسة دول المنطقة للدور المطلوب منها لتمزيق الوحدة الاجتماعية والوطنية للفلسطينيين، و برزت وبشكل ملحوظ التوجهات والجهود الثورية المؤثرة في تغيير الواقع، وهذا ما قادته حركة فتح التي أنشأت هذه الحركة الوطنية الرائدة القائمة على أسس ثورية، وطليعة حركة فتح التي ضمت في صفها الأول مجموعة بارزة من الشخصيات الوطنية، والتي لها تجربة ناضجة سواء الذين ولدوا من صلب حركة فتح وكانوا من مؤسسيها أو الشخصيات الوطنية التي عاشت جزءاً من حياتها النضالية في بعض الأحزاب العربية، والإسلامية واليسارية، لأن الهدف بالنسبة لهؤلاء المقتنعين لاستكمال الكفاح ضد الاحتلال، وجدوا أن ساحة حركة فتح ومنطلقاتها، وقبل العام 1965 كان يشد الكثيرين تحت غطاء العمل الوطني الفلسطيني.  

ومن هذا المنطلق الواضح وجد الشباب الفلسطيني القيادي رغبته الجامحة بالبدء استناداً لهذه المنطلقات التي بدأت ترجمتها الواقعية قبل العام 1957 حيث التقت حركة فتح بقيادتها التاريخية مع العديد من الشخصيات التي كانت تبحث عن الوجهة الوطنية الصحيحة، وتلبي طموحات شعبنا، فقد عقدت قيادة الحركة وفي مقدمتها الزعيم الوطني ياسر عرفات، وبحضور القائد خليل الوزير أبو جهاد، وصلاح خلف، وخالد الحسن، وصبري صيدم وغيرهم، ووضع هؤلاء اللبنات الأساسية لهذه الحركة، ثم انطلقوا في معظم الاقطار العربية والدولية لتكوين الخلايا القادرة على القيادة وشق الطريق. هذه المرحلة كانت من أبرز المراحل لأن فيها تكوَّنت الأهداف  والمبادئ لحركة فتح التي شدَّت الشبان الفلسطيني الثاني، خاصة لأن تجربة فتح في تلك الفترة برزت بنجاحاتها الفكرية والميدانية خاصة بعد عدوان 1956 الثلاثي والذي وقفت فلسطين وحركة فتح، وبعض المجموعات الفلسطينية والتحقت بهذه المعارك الدول المعادية لمصر العربية، وبعدها انطلقت حركة فتح بشكل تنظيمي وسياسي وفدائي ضد العدوان الثلاثي وقد برز دور حركة فتح والمناضلين الفلسطينيين  بشكل بارز بعكس التيارات الحزبية والسياسية العربية التي لم يكن لها أيُّ دور مميَّز، وهذا ما زاد الالتفاف حول حركة فتح وقيادتها. 

إن هذه المقدمات للإعلان عن انطلاقة حركة فتح، جعل الجميع مؤمناً أن تلاقي الأفكار الثورية والوطنية بدأ يتجسد بشكل أوسع بعد أن كثفَّت القيادات الطلابية الفلسطينية نشاطها، وخاصة دور رابطة الطلاب الفلسطينيين في الجامعات المصرية، وعندما تسلَّم الرابطة الرمز ياسر عرفات ما بين 1952-1956، إضافة إلى الدور المميز عربياً وعالمياً والذي أدته في بعث القضية الفلسطينية، هذه الرابطة في بعث القضية  هي الأبرز حتى تأسيس الاتحاد العام لطلبة فلسطين العام 1959. 

ولا ننسى الدور الجهادي والتنظيمي الذي أسسه القائد أبو جهاد أحد مؤسسي حركة فتح الكبار، وهو الذي كان جريئاً في تحديد الخيارات، وهو الذي طلب من تنظيم الاخوان المسلمين يحثهم على تأسيس تنظيم خاص، ولكنهم رفضوا، ولذلك شق طريقه الوطني لحركة فتح، وبدأ ينفذ دوره مع الأخوة الذين تعاهدوا على الإنتماء، والجهاد حتى النصر. 

وفي هذه الفترة التي بدأت تتبلور فيها ركائز حركة وفتح وفكرها غير الحزبي، اشتد الحوار، وتم القفز فكريا وعلمياً خطوات إلى الامام وكانت الخطوة التأسيسية العام 1959 حيث نشطت اللقاءات والحوارات، فتح قنوات التحالف ودعم الصمود الفلسطيني من خلال ربط العلاقات مع الجزائر، ومع فيتام، ومع الصين وكوربا، وكوبا. 

وفي هذه الذكرى السنوية للانطلاقة يشرفنا في حركة فتح أننا واكبنا الحركة منذ البدايات وتحملنا مسؤولياتنا فمنا الشهداء، ومنا الأسرى، ومنا الجرحى، ومنا من ربط مصيره بمصير هذه الحركة الرائدة التي حملت اللواء الثوري والوطني، وما زالوا على العهد والوعد، وما زالوا حماةً للوطن، وما زالوا متمسكين بالقسم الذي أقسمناه عهداً لأرواح الشهداء. 

وفي هذه الذكرى نؤكد في حركة فتح حرصنا على الوحدة الوطنية ونحميها برموش عيوننا، لأن الحرص على الوحدة الوطنية هو الحرص على شعبنا المنتظِر في المخيمات، وعلى أهل الموقف الموحَّد، والحفاظ على شعبنا الذي أثبت جرأته وشجاعته في الدفاع عن حقوقنا. 

ونؤكد أننا في حركة فتح لنا عدوٌّ واحد، وهو الحركة الصهيونية التي احتلت أرضنا، واستباحت أرواح أهلنا  وأطفالنا، ونحن لن نسمح أن يوضع الرهان الفلسطيني في المزاد العلني لصالح أي دولة  لأن قضيتنا مقدسة ومباركة، وطريقنا هو صعب وشاق، ويحتاج إلى الرجال الرجال. 

وعلينا أن نتذكر باستمرار أن الحفاظ على المخيمات وأهلها، وأطفالنا، وأمنها، وبيوتها هو الأهم في حياة اللجوء إلى حين العودة إلى ديارنا المقدسة. 

نناشد شعبنا الفلسطيني في الداخل والشتات بأن يحفظ العهدَ والأمانة التي حملناها من الشهداء إلى الأجيال القادمة. 

ونقول بالاوراح نفديهم، فهم حماةُ الأقصى، وخليل الرحمن وكنيسة القيامة. 

من لبنان الشقيق ومخيماته نتوجه بالتحية والتقدير إلى أهلنا الأبطال الصامدين في الضفة والقدس، وكل أماكن تواجده، ونحن تعتز بكم وبصمودكم وتضحياتكم، وأملنا كبير بالنصر المؤزر طالما الوحدة الوطنية على رأس هرم تطلعاتنا. 

المجد والخلود لشهدائنا الأبرار. 

والحرية والنصر لأسرانا البواسل. 

والشفاء لجرحانا الأحرار. 

ودائماً النصر لشعبنا الصامد. 

حركة فتح- إعلام قيادة الساحة 

31/12/2021 

   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق