"النطنطة" والاستعراضات لا تعالج أزمة ولا توقف مأساة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان



عبد معروف

تتفاقم مأساة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وتتصاعد أزماتهم المعيشية والأمنية، دون معالجات جادة من قبل الجهات والدوائر المعنية بهم.

وفي الوقت الذي تتفشى داخل المخيمات الفلسطينية البطالة وحالات الفقر والعوز وسوء الأوضاع الصحية وظاهرة السلاح المتفلت والمخدرات والهجرة غير الشرعية، يبحث اللاجئون الفلسطينيون عن المسؤول، ويقفون بانتظار الحلول والمعالجات، للحد من حالة الانهيار المعيشي والاجتماعي والأمني.

وبين الفترة والأخرى تهز المخيمات الفلسطينية حدثا أمنيا مروعا، يؤدي إلى سقوط الضحايا وينشر حالة من الرعب والهلع في صفوف المدنيين، انفجارات ،حرائق، اشتباكات، كان آخرها أمس الحادث المأساوي في مخيم برج الشمالي.

سواء أكان الانفجار ناتج عن حريق أنابيب غاز، أو مستودع للذخائر، فإن الحادث يشير مجددا إلى الاهمال والاستخفاف بحياة اللاجئين في المخيم.

وليس هنا مكان للمحاسبة أو إلصاق التهم، لكن حقيقة الأمر أن حياة الفلسطينيين تستحق الاهتمام والرعاية، هذا الشعب العظيم الذي قدم الشهداء والتضحيات الجسيمة من أجل قضيته ووطنه وحقه في حياة كريمة من حقه اليوم أن ينعم بحياة آمنة داخل المخيم.

فالقادرون على "النطنطة" والاستعراضات والسفر والغداء في المطاعم والنوم في الفنادق والزيارات وتصوير الفيديوهات، وتصدر وسائل الاعلام ووتنظيم الاحتفالات ومهرجانات التكريم، يمكن لهم أن يستفيدوا بما لديهم من إمكانيات و يعملوا أيضا من أجل حماية أبناء المخيمات ووقف الفلتان الأمني وحماية الأطفال من الرعب والهلع .

فمعالجة المأساة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في لبنان ليس بالأمر الصعب إذا ما صدقت النوايا، وإذا ماكان عمل الجهات المعنية والمسؤولة جادا وصادقا، وإذا ما كان الهدف هو حماية الشعب والدفاع عن مصالحه وليس أن يكون الهدف حجم ومكانة الفصيل أو التنظيم، وذلك يبدأ بتكليف قيادات ميدانية تكون على قدر المسؤولية لوضع الخطط والبرامج واستخدام الامكانيات المتوفرة من اجل تنظيم حياة اللاجئين في المخيمات ورفع مستوى وعيهم الانساني والوطني.

لا شك بأن معالجة الأزمات والمآسي التي تتعرض لها المخيمات الفلسطينية في لبنان، ليس بالأمر السهل، بعد أن وصلت إلى درجات عالية، لكن لابد من العمل باتجاه آخر أثبتت السنوات الماضية أن طريقة العمل السائدة عقيمة، وهذه مسؤولية القيادات والفصائل دون استثناء التي تعلن أنها مسؤولة عن الشعب الفلسطيني، وتؤكد أنها الأمينة على مستقبل الأجيال الفلسطينية، ولا بد من تحويل تمضية الوقت بـ"النطنطة" والاستعراضات والتقاط الصور إلى عمل ميداني يثمر حياة كريمة للاجئين الفلسطينيين.

 عمل شاق أن تتخلص المخيمات من كل الآفات التي تراكمت خلال السنوات الماضية، لكنه ليس بالأمر المستحيل، ويحتاج إلى نقاشات وحوارات وورش عمل يشارك فيها كادرات وقيادات قادرة وعلى مستوى المسؤولية ولديها من الوعي والتنظيم والجرأة والخبرة للدخول في ميادين الصراع لوقف حالة الانهيار الاخلاقي والانساني والوطني داخل المخيمات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق