فــيـلــيـب لازاريــنــي في رسالته للعاملين في الاونروا



 الزميلات والزملاء الأعزاء،

 

لقد عدت للتو من مقر الأمم المتحدة في نيويورك حيث ألقيت بيانًا أمام الدول الأعضاء في الأمم المتحدة حول التحديات الخطيرة التي تواجه لاجئي فلسطين والأونروا.  وكنت قد سلطت الضوء فى خطابي على المصاعب الجمة والمتزايدة التي يواجهها لاجئو فلسطين ، والحالة الحرجة لوضعنا المالي ، والهجمات ذات الدوافع السياسية الموجهة ضد الوكالة.  وفى الأسبوع الماضي سافرت في مهمتي الأولى كمفوض عام إلى العاصمة الأمريكية واشنطن للقاء المسؤولين الحكوميين والمشرعين هناك والشركاء وممثلي المجتمع المدني حيث استمعت للكثير من التأييد لحقوق لاجئي فلسطين على الرغم من الهجمات الواضحة والمستمرة من منتقدينا.

 

وفى هذا العام ، رحبنا بحرارة باستئناف الدعم الأمريكي للأونروا ولكن ، ولسوء الحظ ، شهدنا أيضًا انخفاضًا كبيرًا في التمويل من بعض أكبر الجهات المانحة لنا ، بينما لم يساهم الشركاء الآخرون بأي أموال للوكالة – مما أدى إلى تقويض المكاسب التي حققها استئناف التمويل الأمريكي.  وعليه فقد أبلغت الدول الأعضاء في الجمعية العامة أن الاونروا لا تملك الموارد الكافية لتشغيل خدماتها الأساسية في مجالات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية والخدمات المنقذة للحياة في شهري تشرين الثاني / نوفمبر وكانون الأول / ديسمبر.  علاوة على ذلك ، لا تزال الوكالة تعاني من نقص قدره 15 مليون دولار لضمان حسن سير خدماتها لشهر تشرين الأول\اكتوبر الجاري.

 

لقد تفاقمت تحديات التدفق النقدي للأونروا خلال الأشهر القليلة الماضية على الرغم من بذلنا قصارى جهدنا لجمع الأموال.  وبهدف الحفاظ على الخدمات وتأمين دفع رواتبكم في الوقت المناسب ، كنت قد طلبت قرضًا قصير الأجل بقيمة 15 مليون دولار أمريكي من صندوق الأمم المتحدة المركزي لمواجهة الطوارئ (CERF)  في شهر أيلول الماضي ، وبعد مناقشة مع المانحين المعنيين ، اضطرت الأونروا أيضا لاقتراض 50 مليون دولار من بوابات الموازنة الأخرى الخاصة بالوكالة فقط لضمان استمرار خدماتنا. ومن المهم الاشارة هنا الى  انه يجب على الاونروا سداد كلا القرضين خلال شهر تشرين الأول (أكتوبر) الجاري بالإضافة إلى دفع رواتب هذا الشهر وتوفير الخدمات الحرجة كتوفير الطعام لأكثر من 300000 لاجئ فقير يعتمدون على شبكة الأمان الاجتماعي وضمان توفر الأدوية لعياداتنا.

 

على مدى الأسابيع الماضية ، استمرت أنشطتنا وجهود التواصل دونما انقطاع، حيث ضاعفت الإدارة العليا جهودها لجمع الأموال الكافية للابقاء على جميع الخدمات وجميع الوظائف حتى نهاية العام.  وضمن هذه الجهود كنت قد عقدت جملة من اللقاءات عالية المستوى مع كل من كندا والصين والدنمارك وجمهورية مصر العربية والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا والهند وإندونيسيا وأيرلندا واليابان والكويت ولوكسمبورغ ونيوزيلندا وقطر وروسيا والمملكة العربية السعودية وسويسرا وممثلي الدول العربية في الأمم المتحدة. كما تواصلت نائب المفوض العام وفريق الإدارة العليا مع دولة الأرجنتين واستراليا والنمسا وبروناي واليابان وماليزيا والنرويج والسويد وسويسرا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية.

 

للحفاظ على الخدمات لأطول فترة ممكنة من خلال الأموال المتاحة والاحتفاظ بثقة المانحين ، فإنني ملتزم بتحقيق كل المدخرات الممكنة، حتى وإن كانت طفيفة. وللابقاء على جميع خدمات الأونروا والحفاظ على الوظائف، فقد قررت واعتبارا من الأسبوع الماضي اتخاذ إجراءات إضافية، بما في ذلك تجميد التعينات الجديدة وتجميد السفريات الرسمية غير الأساسية ، وورش العمل الخارجية.   ستوفر لنا هذه الإجراءات الجديدة 5 ملايين دولار إضافية لهذا العام.

 

الابقاء على الخدمات الحيوية للاجئين الفلسطينيين هى من صميم  أولوياتي لمنع عوامل ضاغطة اضافية خلال عام مدمر آخر في المنطقة.   لقد ذكّرت الجمعية العامة بأن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تشترك في مسؤولية تنفيذ تفويض الأونروا، وهو نفس التفويض الذي يصوتون عليه ويدعمونه. وأعلمتهم أيضًا أن إجراءات التقشف المعمول بها قد وصلت إلى أبعد مداها، وكان لها تأثير على جودة الخدمات وتسببت في ضائقة هائلة بين مجتمع لاجئي فلسطين.

 

ما زلت ملتزمًا ببذل كل ما في وسعي لحماية جميع الوظائف ولن أدخر أي جهد لضمان دفع رواتبكم  في الوقت المناسب . إنني مدرك تمامًا للدعم الذي يقدمه كل موظف في الأونروا لأسرته الممتدة ومجتمعه ، وأشعر حقًا مع كل زميل في مواجهة حالة عدم اليقين التي تحيط بالوضع المالي للوكالة. كما أنني أدرك تمامًا مدى الإجهاد الذي يسببه تذكيري المستمر بالتحديات المالية التي يمكن أن تؤثر على رواتبكم ، وأعبر عن أسفى للقلق الذي ينتاب جميع الزملاء بهذا الخصوص.

 

لتجنب أزمات التمويل المتكررة، كالأزمة الحالية التى نمر بها، وبهدف توفير الاستقرار الذي تزداد الحاجة إليه في حياة لاجئي فلسطين وموظفينا ، تستعد الأردن والسويد لعقد مؤتمر دولي حول الأونروا في بروكسل في تشرين الثاني (نوفمبر). هذا المؤتمر هو الخطوة الأولى في عملية تهدف إلى وضع الأونروا على أساس مالي سليم ، ومن خلال العمل مع شركاء الأونروا على تقديم خيارات لتزويد الوكالة بتمويل كافٍ ويمكن التنبؤ به ومستدام.  سوف يتطلب الأمر تعاوناً هائلاً ومستداماً بين الأونروا وشركائها للاتفاق على صيغة تستمر الأونروا بموجبها في التحديث المطلوب لتحسين خدماتها  حيث سيدعم  شركاؤنا رحلة التحديث هذه.

 

أتعهد لكم بأنني وفريقي سنواصل بذل كل ما في وسعنا للحصول على الدعم المالي خلال رحلاتي القادمة إلى الكويت والمملكة المتحدة . وسأواصل أيضًا التشاور مع أتحاد العاملين ووضعهم فى صورة التطورات.

 

نحن نتعامل الان، ومرة أخرى، مع أزمة وجودية تواجه لاجئي فلسطين والأونروا. جهودي أنا وفريقي ترتكز على الدعوة المستمرة فى حق لاجئي فلسطين بحياة كريمة وبما يتماشى مع أجندة التنمية المستدامة للأمم المتحدة وحقوق جميع الناس في جميع أنحاء العالم. لا يمكن الاستغناء عن الأونروا طالما أنه لا يوجد هناك حل عادل ودائم لمحنة اللاجئين.  يجب أن تستمر خدماتنا الأساسية مع التأكيد بأن الحصول على التعليم الجيد والرعاية الصحية والحماية الاجتماعية وغيرها من الخدمات  هى حقوق غير قابلة للتفاوض.  إنني على ثقة من أن كل موظف في الأونروا سيدعم الوكالة مع ثقتي بأن جهودنا للحفاظ على رفاهية لاجئي فلسطين تبقى في صميم مهمتنا وجهودنا.

 

أود هنا أن أحيي جميع زملائي، من عمال الصحة البيئية إلى المعلمين والأطباء في الخطوط الأمامية إلى فريق الإدارة العليا للأونروا، على جهودهم المميزة وشعورهم العالى بالمسؤولية في جميع الأوقات.  وأود أيضا أن أعترف بالضغوط الشديدة التي يتعرض لها موظفو الأونروا ، والالتزام الذي تستمرون في إظهاره في ظل ظروف استثنائية.

 

ولا يخفى على أحد أن الهجمات ذات الدوافع السياسية على الوكالة تتزايد وتيرتها وعدوانيتها.  إن من يقفون وراء هذه الهجمات لا يضعوا رفاهية وتطلعات أطفال لاجئي فلسطين في صلب اهتماماتهم. تهجمهم على الاونروا  يهدف إلى نزع الشرعية عن الوكالة ونزع تمويلها وتقويض حقوق لاجئي فلسطين.  إن مهاجمة الأونروا وإضعافها لن يمحو أو يؤدي للتخلص من 5.7 مليون لاجئ فلسطيني مسجل.  إن حقوق لاجئي فلسطين منصوص عليها في القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ولن يؤدي وقف تمويل الوكالة إلا إلى إثارة أزمة إنسانية وأمنية إقليمية.

 

في كثير من الأحيان ، يبحث منتقدونا عن حادثة فردية غير مقبولة ويروجون لها كموقف معياري للأونروا.  لذلك، من الضروري ضمان الحد الأدنى من عدم وقوع مثل هكذا حوادث ، خاصة فيما يتعلق بالمبادئ الإنسانية، كمبدأ الحياد ، حتى لا يتم إفساح المجال أمام تصاعد الهجمات ضد الأونروا وموظفيها.

 

لنكن واضحين ، بصفتي مفوضا عاما وكأونروا ، فاننا نتبني سياسة عدم التسامح مطلقًا مع خطاب الكراهية أو التحريض على التمييز أو العداء أو العنف والتى تشمل العنف القائم على النوع الاجتماعي. والأونروا لن تدخر جهدا لتقليل مخاطر انتهاك مقاصد الأمم المتحدة وقيمها.  أناشدكم اليوم أن تساعدونا في ضمان عدم تسييس عملنا.

 

يقودني هذا إلى موضوع إطار التعاون بين الولايات المتحدة والأونروا. خلافا للتعليقات التي سمعتها مؤخرًا ، فإن الإطار لا يفرض على الأونروا أي شيء لا يتماشى مع ولايتنا وقيم الأمم المتحدة ، بما في ذلك المبادئ الإنسانية. يعتمد إطار العمل هذاعلى العديد من الأطر المتفق عليها مسبقًا ويعزز قدرتنا ، بصفتنا وكالة تابعة للأمم المتحدة ، لدعم المبادئ الإنسانية. ان الالتزام الصارم بالمبادئ الإنسانية ، بما في ذلك الحياد ، يساعد على حماية الأونروا من الهجمات السياسية.  لمواصلة النجاح ، تحتاج الأونروا إلى الحماية من الهجمات السياسية.

 

دعونا نواصل العمل معًا والقيام بذلك بروح من الوحدة والتعاون لتقديم أفضل الخدمات التي يمكننا تقديمها للاجئين ولحماية وظائفكم.

مع أفضل الأمنيات،

 

فــيـلــيـب لازاريــنــي

المفوض العــام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق