"سمبوزيوم طرابلس التاسع": حضور فلسطيني مميز

 

أكثر من 125 فناناً يجتمعون في طرابلس ضمن ورشة فنية كبيرة في "السمبوزيوم" التاسع ، ولوحاتهم تتمحور حول قضايا الوطن والمنطقة خصوصاً فلسطين.

من أقاصي الجنوب اللبناني إلى أقاصي الشمال، ومن لبنان إلى فلسطين إلى سوريا، تضافر أكثر من 125 فناناً إلى الحديقة العامة في طرابلس، عاصمة لبنان الثانية، وأقاموا ورشة فنية كبيرة في السمبوزيوم التاسع الذي نظمه "محترف عمران ياسين"، بالتعاون مع "منتدى الفن التشكيلي"، وبمشاركة بلدية طرابلس و"اتحاد الفنانين الفلسطينيين".

الموقع هو "الحديقة العامة" -المعروفة بــ "المنشية"- بيئة طبيعية محصورة في وسط المدينة، تنظمها وتشرف عليها بلديتها، ويؤمها الناس يومياً للاستراحة، وسط أشجار مظللة، وأجواء نباتية مرتبة، ومساكب زهور، وحشائش نضرة.

هكذا اختار كل فنان مقراً له في الحديقة، وراح منذ الصباح الباكر يرسم ما نضحت به مخيلته، فكانت مواضيع بيئية وتراثية من طرابلس - مدينة التراث - ولم ينس الفنانون قضايا الوطن والمنطقة، خصوصاً منها فلسطين، فأحيوها في أعمالهم، قدساً شريفاً، ومسجد أقصى، وكوفية، ومقلاع قاذف للحجارة

الفنانون احتلوا أرجاء الحديقة العامة، ومارسوا فنونهم وسط عيون المواطنين الذين باتوا ينتظرون المناسبة مرة كل سنة، فيتمتعون بما ليس متوافراً في بقية الأيام من تصميم اللوحة، وضربات الريشة، واستخدام الألوان وخلطها، فكانت اللوحات تتكون أمامهم، وتنمو وتتبلور لحظة بلحظة، حتى إذا انتهى النهار، امتلأت الحديقة بمئات اللوحات، وأصبحت في حلة جديدة، وتنوع فريد.

عند الانطلاق حضر المنظمون، وألقيت كلمات الترحيب، والحفاوة بمظاهر الوحدة الوطنية التي تجلت بمشاركة فنانين من كافة المناطق اللبنانية دون استثناء، إضافة إلى المخيمات الفلسطينية، وسوريا.

رئيس بلدية طرابلس الدكتور رياض يمق شكر في كلمة المشاركين، منوهاً بمظهر الوحدة الوطنية التي احتضنتها مدينته.

أما رئيس "منتدى الفن التشكيلي" في لبنان الحاج علي ناصر فقال: "قررنا هذا العام أن نشارك في السمبوزيوم كما كل عام، لكن، حالياً، واجهتنا صعوبات الامكانات المادية التي لم يوفرها لنا أحد، فجمعنا تكاليف النشاط من عندنا، وكان همنا إنجاح هذا النشاط خصوصاً في مدينة طرابلس التي نعرف أوضاعها الاقتصادية، والاجتماعية السيئة، علماً أن البلد كله في وضع مأزوم"، موضحاً أن: "المؤسسات والبلديات عندها اليوم همومها، وأولوياتها في الشأن العام، ونحن أصرينا أن نأتي من كل أنحاء لبنان إلى طرابلس لنقدم كفنانين الوجه الثقافي للبنان. ويشرفنا أن نكون متواجدين عبر أعضاء المنتدى في كل مناطق لبنان، لنقدم نموذجاً للألفة، وكرمز للوحدة الوطنية بالفن والثقافة والجمال".

من جهته، رأى مسؤول "اتحاد الفنانين الفلسطينيين" أسامة زيدان أن: "أهمية السمبوزيوم لهذا العام تقع في الكم الكبير من الفنانين من مختلف المناطق والمشارب على المستوى التشكيل بطاقاته وقدراته المحببة، في ظل المسرح الأمني الآمن في الحديقة، وكانت هذه ميزة حيث أن الأنشطة المماثلة تقام في المغلقات".

ويفيد زيدان أنه "لمسنا اهتمام المواطنين بالفن، وتفاعلهم مع الفنانين، إضافة إلى تفاعل الفنانين الجدد مع الأقدم والأكثر خبرة، مما أضفى جوا من التطوير على الأعمال، وزيادة عطاء الفنانين، وما ينجم عن ذلك من تطوير للفن بصورة عامة، خصوصاً في مدينة مثل طرابلس تزخر بالمبدعين الفنيين وبالتراث الفني التشكيلي فيها".

وقال: "بمشاركتنا، شعر الجميع بحضور فلسطين بينهم، ولطرابلس خاصية في حضور المقاومة فيها، خصوصاً بوجود مخيمات قريبة منها وعلى تفاعل معها". 

ولفت زيدان إلى ناحية من موضوعات اللوحات التي جرى رسمها وهي "قضيتنا، ومعاناتنا بشكل حضاري وفني، فكان تجاوب رائع من طرابلس، من فنانينها، وناسها الذين نتواصل معاً في سبيل القضايا الانسانية والعادلة".

أحد الفنانين المشاركين خالد عيط رأى أن "لهكذا تجمعات فنية أهمية قصوى من حيث تعارف النخب الفنية، وبخاصة الأكاديميين، وتبادل الخبرات. كما انها تغذي الثقافة الفنية عند الجمهور"، مضيفا أنه سعى للتعارف مع الفنانين غير الشماليين، والترحيب بهم، لافتاً إلى أن للسمبوزيوم "أهمية كبرى للتعارف والتكاتف والتلاقي بين أبناء الوطن من مختلف المناطق، وخاصة في أوقات محنة الوطن من كافة النواحي".

وقال "يمجرد أن يأتي 125 فناناً وفنانة من خارج طرابلس من مختلف المناطق اللبناني، فهو نجاح بجدارة، ويبقى على المسؤولين أن يضيئوا على أهل الجمال، والإبداع في هذا الوطن العزيز بأهله جميعاً، والتعيس بمسؤوليه".

وفي الختام، تولى رئيس البلدية رياض يمق توزيع شهادات تقدير للفنانين قدمها "محترف الفنان عمران ياسين"،فيما اختتم باحتفالية جمعت الفنانين معاً حيث عرضوا أعمالهم وسط الحديقة.

المصدر: الميادين – نقولا طعمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق