نداءات استغاثة من مخيم برج البراجنة لتوفير الكهرباء



بوابة اللاجئين الفلسطينيين / دعاء عبد الحليم


أزمة قديمة جديدة تعود إلى الواجهة في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت، في ظل الانقطاع شبه التام الذي تشهده شبكات الكهرباء الحكومية في لبنان، وفقدان مادة المازوت الضرورية لتشغيل مولدات تؤمن التيار لأهالي المخيم باشتراكات نقدية شهرية.
وبعد إعلان أصحاب مولّدات الكهرباء الاشتراك عن اعتماد سياسة تقنين ساعات تشغيل الكهرباء، نتيجة لشح المازوت، المتأثر بانخفاض قيمة الليرة اللبنانية أمام العملات الأجنبية، واحتكار عدد من التجار لهذه المادة.
كارثة محتملة ما استمرت الحال هذه
والحال هذه، يواجه المرضى في المخيم خطراً كبيراً لا سيما أولئك المضطرين إلى استخدام الأوكسجين، واشتكى اللاجئ الفلسطيني من مخيم برج البراجنة ثائر الدبدوب وهو مسؤول عن مركز أمان الطبي عبر بوابة اللاجئين الفلسطينيين من الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، وقال: "إننا في أزمة كبيرة في ظلّ انقطاع الكهرباء التي تقدمها الدولة اللبنانية بشكل شبه دائم، والمشكلة الأكبرفي المخيم الآن هو تقنين كهرباء مولدات الاشتراك ورفع الأسعار، هناك الكثير من  الأشخاص داخل المخيم مرضى وعليه نحن مقبلون على كارثة إلى الأوكسجين وعليه فإننا مقبلون على كارثة صحيّة".
وأوضح الدبدوب أن مركز أمان لا يملك مولّداً خاصاً ويعتمد على كهرباء الاشتراك في تشغيل أجهزة تصوير الأشعّة وتخطيط القلب التي تتوقّف مع انقطاع الكهرباء ما يؤثّر بشكل سلبي على المرضى، ويؤخر في تقديم العلاج لهم، مشيراً إلى أنّ الأمر ذاته ستعاني منه مستشفى الهلال الأحمر الفلسطيني "حيفا" الوحيدة في مخيم برج البراجنة لعدم امتلاكها مولّدة طاقة كهربائية خاصّة بها.
ويضيف الدبدوب :"الأفجع من ذلك هو غياب الجهات المسؤولة عن الشعب الفلسطيني تماماً عن الساحة وعدم الالتفات لمعاناتنا، نحن نطالب الجهات المسؤولة عن الشعب الفلسطيني وعلى رأسها الأونروا أن تقف وقفة جادّة مع أبناء شعبها وتجد حلًا لهذه الأزمة".
وتقدم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" خدمة الكهرباء للمخيم عبر اشتراكات مالية شهرية تدجفعها للدولة اللبنانية مقابل التيار الكهربائي الذي يصل إلى مخيمات بيروت، ولكن لا توفر مولدات تعمل على تشغيل التيار في حال انقطاع التيار المشغل من طرف الدولة، ولا تؤمن المازوت الكافي للمخيم من أجل تشغيل مولدات خاصة.
وضع خاص لا يمكن معه الاستغناء عن الكهرباء
 يقول اللاجئ الفلسطيني سامر المختار  لـ بوّابة اللاجئين الفلسطينيين: إنّ حياتهم باتت لا تصلح للحيوانات، حرمان ونقص في كلّ المناحي داخل المخيم، وما زاد الطّين بلّة هو حرمانهم من الكهرباء المتنفّس الأخير للاجئ، ويضيف "الآن كمية المازوت محدودة،لكني في الآونة الأخيرة كنت ضد تقنين كهرباء المولدات لأنه يوجد هناك كبار في السن و أطفال و مرضى ضغط وقلب الذين يستعملون معدّات طبية تعمل على الكهرباء"، مشيرًا إلى أنّ لأهالي المخيّم وضعاً خاصاً يختلف عن باقي المناطق اللبنانية بسبب ضيق المساحة مقارنة مع الكثافةالسكانية "وحتى نحن في المخيم لنا وضع خاص هو أننا نعيش ببقعة لا تتعدى الكيلو متر واحد و يقطن فيه حوالي ٦٠ ألف نسمة بي نفلسطينيين و سوريين، نعيش في بيوت ضيقة صغيرة، بيوت متلاصقة ببعضها البعض، و هذا يحجب الشمس و الهواء و خاصة في الصيف ، مما يرفع نسبة الرطوبة، ولا ننسى أيضًا الأبنية العالية التي تحجب الهواء و الشمس عنالبيوت".
ويضيف، "كنت أيضا ضد ارتفاع تسعيرة الكيلو واط المحددة من الدولة، و لازلت ضدها، لأن بعض أصحاب المولدات و الذين هم مسيطرون على لجنة أصحاب المولدات في المخيم لا تعجبهم تسعيرة الدولة لأنهم يعدونها خسارة لهم، وهي ليست خسارة بل نقص في الربح الهائل الذي كانوا يربحونه من الناس، وفي نفس الوقت تبيّن لنا أنّ هناك أصحاب مولّدات فعلًا عندهم نقص في مادّة المازوت"
وأمام هذا الواقع، يقول المختار: إنّ المسؤول الأوّل والأخير عن حياة اللاجئين الفلسطينيين هي وكالة "اونروا" ومنظمةالتحرير الفلسطينية، وهاتان الجهتان من عليهما إيجاد مخرج للأزمة وتوفير المازوت المدعوم لأصحاب المولّدات ليأمنوا للناس كهرباء على مدار الساعة.
بدوره، قال صاحب مولدات النسيم في مخيم برج البراجنة، وليد البيتم: إن "تكلفة استجرار المازوت إلى المخيم زادت كثيرًا، لأن المادة مقطوعة في السوق المحلية، وما يُشترى هو من خلال السوق السوداء، وبتكلفة ضخمة".
نداءات استغاثة
وتابع البيتم "نتخوف من انقطاع مادة المازوت، خاصة بعد إطفاء عدد من أصحاب المولدات محركات مولدلاتهم، بسبب عدم قدرتهم على تأمين المازوت، والذي بلغ سعر التنكة الواحدة منه حوالي 100ألف ليرة لبنانية في السوق السوداء، وحاجة كل مولدة هي ما مقداره ألفا لتر في اليوم".
وأضاف البيتم "نحاول جاهدين تأمين الكهرباء لأبناء مخيمنا، إلّا أن التقنين الكهربائي من الدولة اللبنانية أكبر من طاقتنا، إذ تصل ساعات القطع إلى 22ساعة يوميًّا، هذا عدا عن ذكر الأوضاع الاقتصادية المتدهورة لأبناء شعبنا، وعدم تمكن كثير منهم من دفع ثمن الاشتراك بالمولدات".
ويشير إلى أنّه منذ ثمانية أشهر طرق أبواب اللجان الشعبية والفصائل الفلسطينية وأجرى اتصالات مع بلدية برج البراجنة واتحاد البلديات عن طريق الممثلين عن الفصائل، ووضعهم في صورة الوضع العام وحذّر من كارثة ستقع على اللاجئين اذا لم يتحركوا بشكل عاجل ويؤمنوا المازوت بسعر جيّد، إلّا أنّ نداءات الاستغاثة لم تجدِ نفعا.
ويبلغ عدد المولدات الخاصة في مخيم برج البراجنة ، حوالي ٧ مولّدات توزع الطاقة الكهربائية على الأحياء في المخيم، وتبلغ قيمة الاشتراك في المولدة 400 ألف ليرة لبنانية بالشهر الواحد، مقابل 5 أمبير فقط ومرشّحة لتصبح 700 ألف ليرة لبنانية في الأيام القادمة.
دور "أونروا" ومنظمة التحرير
بدوره، أشار عضو اللجنة الشعبية لتحالف القوى الفلسطينية في مخيم برج البراجنة أبو أشوف إلى أن "المخيمات الفلسطينية في لبنان، تعاني من أزمة تأمين مادة المازوت لتشغيل المولدات".
وقال أبو أشرف "تواصلنا خلال المدة الماضية، مع بلدية برج البراجنة، لحلحلة معضلة إدخال مادة المازوت إلى المخيم بالسعر المدعوم، ولكن حتى اليوم لا نستطيع سوى تأمين ثلاثة آلاف لتر فقط لثلاث مولّدات، وهي كمية لا تكفي ليوم واحد".
وأوضح أن المولّدات التي حصلت على المازوت المدعوم كانت قد أرسلت استمارة استبيان لبلدية برج البراجنة توضح عدد المولّدات وعددالمشتركين وعدد الامبيرات وحجم المولّدات.
وأكّد ابو أشرف لموقع بوابة اللاجئين الفلسطينيين أنّ اشتراك الكهرباء ضروري جدًا في المخيم، لأنّ بعض المنازل فيها مرضى وبحاجة إلى أجهزة الأوكسجين، وهناك مصالح ومحال تجارية داخل المخيم كلها بحاجة الى كهرباء دائمة، إضافة الى ان أغلبية المنازل لا يدخلها النور حتى في وضح النهار، مبيّنا أنّ الناس غير مزوّدة بالبطاريات أو الشمع، وفي ظل الانهيار الاقتصادي الذي تشهده البلاد،فإن أي كلفة إضافية على اللاجئ تزيد من أعبائه.
ويضيف أبو أشرف أنّ الأزمة تبدو طويلة، وما ينطبق على الواقع اللبناني سيؤثر على المخيم، لذلك المطلوب علاج جذري من قبل المؤسسات المسؤولة عن الشعب الفلسطيني في لبنان وعلى رأسها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" ومنظمةالتحرير الفلسطينية، وأن يتحملوا مسؤولية الواقع، من خلال إيجاد طريقة للمساهمة على الأقل في أن يبقى التيار الكهربائي في المخيم وأن يبقى يزود آبار المياه بالطاقة الكافية، لتزويد المخيم بالمياه أيضاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق