جغرافيا فلسطين

 


الموقع

تقع فلسطين في غربي القارة الأسيوية بين خط طول 15-34ْ و40- 35ْ شرقاً ، وبين دائرتي عرض 30-29ْ و 15 -33ْ شمالاً .

وهي تشكل الشطر الجنوبي الغربي من وحدة جغرافية كبرى في المشرق العربي ، هي بلاد الشام ، التي تضم - فضلا عن فلسطين -كلا من لبنان وسورية والاردن ، ومن ثم كانت حدودها مشتركة مع تلك الأقطار، فضلاً عن حدودها مع مصر.

وتبدأ حدود فلسطين مع لبنان من رأس الناقورة على البحر المتوسط وتتجه بخط مستقيم شرقاً حتى ما وراء بلدة بنت جبيل اللبنانية عندما ينعطف الحد الفاصل بين القطرين شمالاً بزاوية تكاد تكون قائمة، ليطوق منابع نهر الأردن ، فيضمها إلى فلسطين في ممر أرضي ضيق، تحده من الشرق الأراضي السورية و بحيرات الحولة ولوط وطبرية.

ومن جنوب بحيرة طبرية تبدأ الحدود مع الاردن عند مصب نهر اليرموك، لتساير بعد ذلك مجرى نهر الأردن، ومن مصبه تتجه الحدود جنوباً عبر المنتصف الهندسي للبحر الميت فوادي عربة حتى رأس خليج العقبة.

أما الحدود مع مصر فيبدأ خط الحدود من رفح على البحر المتوسط إلى طابا على خليج العقبة.

وفي الغرب تطل فلسطين على المياه الدولية المفتوحة للبحر المتوسط، مسافة تربو على 250 كليومتر فيما بين رأس الناقورة في الشمال ورفح في الجنوب .

وفلسطين بحكم موقعها المتوسط بين أقطار عربية تشكل مزيجاً من عناصر الجغرافيا الطبيعية والبشرية يضم بين جناحيه طابع البداوة الأصيل في الجنوب ، وأسلوب الاستقرار العريق في الشمال ، وتتميز الأرض الفلسطينية بأنها كانت جزءاً من الوطن الأصلي للإنسان الأول ، ومهبطاً للديانات السماوية ، ومكاناً لنشوء الحضارات القديمة ، ومعبراً للحركات التجارية، والغزوات العسكرية عبر العصور التاريخية المختلفة، وقد أتاح لها موقعها المركزي بالنسبة للعالم أن تكون عامل وصل بين قارات العالم القديم آسيا وأفريقيا وأوربا، لذا أصبحت جسر عبور للجماعات البشرية منذ القدم ، وهي رقعة تتمتع بموقع بؤري لذا فهي محط أنظار الطامعين .


الأهمية التاريخية لموقع فلسطين

لموقع فلسطين أهمية كبيرة على الصعيدين السلمي والحربي، ففي العصور القديمة كانت فلسطين تمثل أحدى الطرق التجارية الهامة التي تربط بين مواطن الحضارات في وادي النيل وجنوب الجزيرة العربية من جهة، ومواطن الحضارات في بلاد الشام الشمالية وفي العراق من جهة ثانية، وكانت فلسطين مسرحاً لمرور القوافل التجارية قبل الإسلام وبعده، حيث تسير إليها القوافل العربية صيفاً قادمة من الجزيرة العربية كجزء من رحلة الشتاء و الصيف التي ورد ذكرها في القرآن الكريم .

كما كانت معبراً لمرور هجرات القبائل العربية التي قدمت من الجزيرة العربية في طريقها لبلاد الشام أو شمالي أفريقيا، واستقر بعضها في فلسطين بينما استقر بعضها الآخر في المناطق المجاورة .

الأهمية التجارية لموقع فلسطين

ازدادت أهمية الموقع التجاري لفلسطين في عهد المماليك عندما كانت البلاد ممراً للقوافل التجارية التي تنقل البضائع المتجهة من الشرق الأقصى لأوروبا وبالعكس. وكانت السفن التجارية تصل إلى عدن وتفرغ حمولتها لتنقل براً بواسطة القوافل عبر اليمن والحجاز إلي المواني الفلسطيني على البحر المتوسط حيث تنتظر السفن الراسية تمهيداً لشحنها بسلع متنوعة كالحرير والعطور والتوابل والمجوهرات وغيرها، ومن ثم نقلها إلى الموانئ الاوروبية .

ولا زالت فلسطين تحتفظ بأهمية موقعها التجاري لأنها تمثل حلقة وصل بين بيئتي المداريات والموسميات في جنوبي أسيا والشرق الأدنى من جهة ، وبين بيئتي البحر المتوسط وأوروبا الوسطى والغربية من جهة أخرى . ولا شك ان الحركة التجارية تزدهر بين البيئات المتفاوتة في إنتاجها، وجاءت فلسطين بموقعها لتربط بين حضارة الشرق الزراعية وحضارة الغرب الصناعية، وبذلك أصبحت طريقاً هاماً لمرور حركة التجارة العالمية والمسافرين على كافة طرق المواصلات البرية والبحرية والجوية .

ومن جهة ثانية فإن الموانئ الفلسطينية ظلت حتى عام 1948 تقدم خدمات تجارية لظهيرها الشرقي في جنوبي سورية ومملكة الاردن، وكانت تجارة الاردن الخارجية تعتمد اعتماداً كبيراً على هذه الموانئ ، غير أن التوجيه الجغرافي لهذه التجارة تغير بعد الاحتلال الصهيوني لفلسطين ، وأصبح يتجه شمالاً نحو الموانئ اللبنانية والسورية وجنوباً نحو ميناء العقبة. كذلك كان النفط العراقي يتدفق في أنابيب من حقل كركوك بشمال العراق إلى مصفاة حيفا ليتم تكريره فيها، ومن ثم يصدر إلى الخارج. الا أنه توقف ضخ النفط العراقي إلى حيفا بعد عام 1948 .

وإذا استثنينا ميناء غزة الذي اقتصرت خدماته على ظهيره المحدود في قطاع غزة، فإن بقية الموانئ الفلسطينية سواء أكانت على البحر المتوسط كحيفا ويافا وأسدود وعكا وعسقلان، أو على خليج العقبة كإيلات، تقدم حتى اليوم خدمات كبيرة للكيان الصهيوني، حيث يأخذ التوجيه الجغرافي لتجارة فلسطين مساره عبر موانئ البحر المتوسط إلى أوروبا و أمريكا الشمالية و أمريكا اللاتينية وعبر ميناء أيلات إلى جنوبي أسيا والشرق الأقصى وشرقي أفريقيا .

المطامع الإستعمارية بفلسطين

أما المظهر العسكري للموقع الجغرافي فيتمثل في تعرض فلسطين للعدوان متمثلاً في مرور الغزوات الحربية عبر أراضيها نحو البلدان المجاورة ، أو بغرض الاستيلاء على هذه الاراضي للسيطرة على فلسطين. وقد تكالبت عليها أمم شتى كالبابليين والأشوريين والحثيين والفرس واليونان والرومان، ثم جاء الفتح العربي الإسلامي ليضمها إلى ديار الإسلام ، فأصبحت جزءاً هاماً من ديار الإسلام.

وفي أواخر القرن الثامن عشر الميلادي تعرضت فلسطين لحملة نابليون بونابرت التي استهدفت السيطرة على بلاد الشام، ولكن آمال بونابرت تحطمت على أسوار عكا عندما فشل في احتلال عكا بفضل مقاومة أهالي فلسطين بقيادة والي عكا أحمد الجزار.

وفي القرن الماضي تعرضت فلسطين لعدوان بريطاني خلال الحرب العالمية الأولى ، أدى إلى طرد العثمانيين من البلاد، واحتلالها تحت اسم الانتداب البريطاني على فلسطين، واستفادت بريطانيا ودول الحلفاء من موقع فلسطين خلال الحرب العالمية الثانية، وقبل أن تنهي بريطانيا انتدابها على فلسطين بالرحيل عنها في 25 أيار / مايو 1948 ، كانت قد مهدت السبيل لإقامة كيان صهيوني في فلسطين يكون قاعدة للدول الغربية في المنطقة وإسفينا لشرخ جسم الأمة العربية وفصل مشرقها عن مغربها، ولا يزال الكيان الصهيوني منذ عام 1948وحتى اليوم يقبع فوق أرضنا العربية، وينعم بمواردها ، ويستفيد من أهمية موقعها الجغرافي في تنفيذ مخططاته العدوانية والتوسعية .

الحدود والمساحة

تم رسم الحدود بين مصر وفلسطين عام 1906 ، بينما جرى تعيين حدود لفصل فلسطين عن سورية ولبنان في أواخر عام 1920 بموجب اتفاقية فرنسية - بريطانية، وقد وافقت عصبة الأمم على ما جاء في المذكرة البريطانية الإيضاحية بشأن تعيين الحد الشرقي بين فلسطين وشرق الاردن في 23/9/1922 . وقد أجرت بريطانيا وفرنسا تعديلات علي حدود فلسطين مع كل من سورية ولبنان في عام 1922 /23، أدخلت بموجبها بعض الأراضي السورية وكذلك بعض القرى اللبنانية داخل الحدود الفلسطينية .

تبلغ مساحة فلسطين الانتداب البريطاني كم2، ويبلغ مجموع أطوال حدودها البرية والبحرية 949 كم، منها 719 من حدود برية و230 من حدود بحيرة. وتشغل الحدود الاردنية الفلسطنية أطول حدود فلسطين البرية ، إذ يصل طولها إلى 360 كم، بينما يصل طول الحدود مع مصر 210كم، ومع لبنان 79، ومع سورية 70كم، أما سواحل فلسطين المطلة على البحر المتوسط فيبلغ طولها 224كم، بينما يبلغ طول سواحلها المطلة على خليج العقبة 6 كم .


تبدأ الحدود الشمالية لفلسطين على البحر المتوسط عند رأس الناقورة في الغرب، وتجري في اتجاه مستقيم تقريباً نحو الشرق لتنحرف فجأة نحو الشمال كانها شبه جزيرة او اسفين يمتد ما بين سورية شرقاً ولبنان غرباً إلى مسافة نحو 30 كم.وصممت هذه الحدود على اساس ارضاء شهوات الصهاينة . ففي الشمال طلب الصهاينة بأن يكون الحد الشمالي هو مجرى نهر الليطاني ، أي شمال الحدود الحالية بنحو 40 كم، وأن تكون منابع نهري بانياس و القاضي ( دان ) داخل حدود فلسطين . وقد لقي هذا الطلب الشاذ بعض المقاومة من سلطة الانتداب الفرنسي على سورية ولبنان . وأصرت فرنسا على وقوع منابع بانياس داخل الاراضي السورية لضمان بقاء الطريق التي تربط بين جنوب غربي سورية نحو المال إلى الشرق من لبنان تعويضاً عن فقدان نهري الليطاني وبانياس . وكان هذا التمدد الشمالي على شكل اسفين يمتد إلى منطقة المنابع العليا لنهر الاردن، بحيث ضمت إلى فلسطين بعض الاراضي السورية القريبة من نهري بانياس والقاضي ( دان ) وبعض القرى اللبنانية القريبة من نهري الحاصباني والليطاني كان منها قرى المنصورة وصلحا وهوين وطربيخا .

واذا تتبعنا الحدود الشرقية من الشمال إلى الجنوب اتضح لنا انها تبدء من قرية بانياس السورية، ثم تتجه نحو الجنوب بحيث تترك نهر الاردن ومنابعه العليا كلها في فلسطين . وتحف الحدود بالشواطئ الشمالية الشرقية لبحيرة طبرية على بعد عشرة امتار من شاطئ البحيرة حتى تصل إلى موضع مسفير عند منتصف الشاطئ الشرقي حين تأخذ في الابتعاد عنه حتى تصل إلى نهر اليرموك ، وتكون قد ابتعدت بنحو 3 كم او يزيد عن البحيرة ، ثم تتبع الحدود نهر اليرموك نفسه مجرى نهر الاردن إلى مصب في البحر الميت، ثم تمر من منتصفه وتسير في وادي عربة حتى تصل الي نقطة على رأس خليج العقبة .


الأقاليم والتضاريس

تمتاز فلسطين بوضوح أشكال سطح أرضها، وبساطة بنيتها الجيولوجية التي تتألف من طبقات من الصخور الجرانيتية والرملية والكلسية والطينية والطباشيرية والبازلتية تنتمي لمعظم العصور الجيولوجية منذ الزمن الجيولوجي الأول حتى الزمن الحديث.

أما أشكال سطح الأرض فإنها تتفاوت بين الاغوار المنخفضة عن سطح البحر، والسهول المنبسطة التي ترتفع قليلاً عن سطح البحر، والهضاب المتوسطة والعالية تتخللها بعض السلاسل الجبلية، وعلى الرغم من صغر مساحة فلسطين والتي تبلغ 000،27 كيلو متر مربع وبساطة تكوينها فإنها تتكون من الاقاليم التضاريسية التالية :

1- إقليم السهول الساحلية . يمتد هذا الاقليم بمحاذاة شاطئ البحر المتوسط ما بين رأس الناقورة شمالاً ورفح جنوباً ، وينحصر بين المرتفات الجبلية شرقاً والبحر المتوسط غرباً .

ويتكون إقليم السهول الساحلية من أراضي منبسطة قريبة من مستوى سطح البحر ورغم استواء السطح وانبساطه إلا أنه لا يخلو من وجود تموجات خفيفة تتمثل في بعض الكثبان الرملية والجروف الشاطئية وتلال الحجز الرملي الكلسي ، بالإضافة إلى الأودية التي تخترق الإقليم قادمة من المرتفعات الجبلية في طريقها للبحر المتوسط ، حيث أن الانحدار العام للأرض الاقليم يتجه من الشرق إلى الغرب .

يتكون السهل الساحلي من من سهل عكا بين الناقورة وحيفا، ومن السهل الساحلي الأكبر، الذي تفصله عن سهل عكا جبل الكرمل الذي يمتد منها إلى غزة ورفح، وهو يزداد اتساعا في اتجاهه للجنوب، فيصبح عند غزة نحو الثلاثين كم، ويتصل بهضبة النقب التي تبلغ مساحتها نحو نصف مساحة فلسطين، اما الجبال فانها على العموم تزداد ارتفاعا بالاتجاه جنوبا، ويفصل بين جبال الجليل وجبال نابلس مرج بن عامر المتسع والخصب . ويمتد غور الأردن من منطقة مرج الحولة جنوبا عبر بحيرة طبرية إلى البحر الميت.

وتتألف السهول الساحلية من ترسبات الرمال الشاطئية التي اختلطت مع ترسبات الطمي والحصى المنقولة من المرتفعات الجبلية بواسطة الاودية، لذا تكونت من هذه المواد الاصلية تربة البحر المتوسط الحمراء التي تنتشر في مساحات واسعة من الاقليم، وتتميز هذه التربة بأنها طفيلية خفيفة خصبة، تحتفظ بالرطوبة وتسهل تهويتها، لذا تجود فيها زراعة الحمضيات والعنب والزيتون والحبوب وغيرها، وبالاضافة إلى خصوبة التربة فإن المياة الجوفية تتوافر في السهول الساحلية كمياه الينابيع والآبار .

ورغم الاستواء النسبي لسطح هذا السهل ، فهو يرتفع وئيداً من مياه البحر المتوسط نحو الداخل، ليبدو كسهل مرتفع، تحف به قواعد مرتفعات وسط فلسطين من الشرق، حيث يعرف محلياً باسم سهل "سارونه"، وينفرد هذا القسم من أراضي فلسطين - فضلاً عن استوائه - بميزات جغرافية هامة، لعل أهمها مناخه البحري الذي يتصف بالاعتدال في حرارته، فهو من أدفأ مناطق فلسطين شتاء، وأدناها حرارة في فصل الصيف، فمعدلات الحرارة لا تتدنى دون 19ْ في شهر كانون الثاني/ديسمبر، بينما لا ترتفع أكثر من 26ْ كمعدل في شهر آب/ أغسطس، والأهم من ذلك عنصر الأمطار الشتوية الوفرية، حيث تتلقى منحدرات سفوح الكرمل من الشمال 800 مليمترا مكعباً سنوياً من مياه الأمطار مما يدخل النصف الشمال من هذا السهل ضمن المناخ الرطب، بيد أن معدلات الامطار تتضاءل كلما اتجهنا جنوباً بحيث لا تسقط علي رفح في المعدل أكثر من 150 مليمترا سنوياً .

أما سهل عكا الذي يبدأ من رأس الناقورة، فتربته سوداء صالحة لزراعة الخضار والفواكه والبرتقال ويبلغ عرضه عند عكا 12 كيلومترا وتملأ هذا السهل تلال، يدل كل منها على قرية كانت آهلة بالسكان الذين كانوا يفلحون أرض السهل وقد جرت مياه نهر الكابري على قناطر بنيت فوق المنخفضات منذ حكم الجزار، إلى أن تصل إلى عكا .

أما سهل فلسطين الساحلي " شارون " فهو يبدأ من الكرمل ويأخذ في الاتساع من 200 متر كلما سرنا جنوباً حتى يصل عرضه إلى 35 كيلومتراً عند يافا، وتربة الشارون نشأت من تفتت الصخور في مكانها ثم نقلتها العوامل الطبيعية، وهذه الصخور المفتتة تذوب أملاحها في الماء، فتكسب الأرض خصوبة، وتحت التربة الرسوبية صخور كلسية يحللها الماء بتأثير حامض الكربونيك، ولكثرة مادة الحديد في هذه التربة تظهر حمراء (سمقة) سهلة التفتت، تصلح لزراعة الحبوب والحمضيات .

2 - أقليم المرتفعات الجبلية : يتألف هذا الاقليم من هضاب وأقواس جبلية تحصر بينها بعض السهول الداخلية أحياناً، ويعد بمثابة العمود الفقري للأرض الفلسطينية، كما أنه يمتد من أقصى شمال البلاد إلى اقليم النقب في الجنوب.

ولا يتجاوز ارتفاع أرض الاقليم الالف متر بصفة عامة، وتنحدر الأرض تدريجياً نحو السهول الساحلية في الغرب، بينما يشتد انحدارها نحو الشرق لتطل على وادي الاردن بواسطة حوافها الجبلية وجروفها العالية، وقد حفرت الاودية بعمق في الهضاب الكلسية لتنحدر نحو البحر المتوسط غرباً ونهر الاردن شرقاً، ومعظم هذه الاودية جافة أو فصلية تفيض بالمياه بعد هطول الامطار مباشرة.

ويمكن تقسيم اقليم المرتفعات الجبلية إلى وحدتين هما: كتلة الجليل والسلسلة الجبلية الوسطى.

أ- كتلة الجليل : تعد كتلة الجليل الفلسطيني امتداداً لكتلة الجليل اللبناني التي تعرف ايضاً بكتلة جبل عامل، ويتدرج ارتفاع الأرض في الجليل تدرجاً سلمياً، حيث تصل الأرض إلى اقصى ارتفاع لها في الشمال بالجليل الاعلى وإلى أدنى ارتفاع لها في الجنوب بسهل مرج ابن عامر.

وتنحدر كتلة الجليل انحداراً شديداً نحو وادي الاردن الاعلى والاوسط شرقاً، بينما تنحدر ببطء نهو سهل عكا غرباً، وتقدر مساحة الجليل بنحو 2083 كم2.

ويمكن تقسيم الجليل إلى الأقسام الفرعية التالية : 1- يتألف الجليل الاعلى من هضبة جبلية مرتفعة، يبلغ طولها 40 كيلومتراً من الشرق إلى الغرب، ويبلغ عرضها 25 كيلومتراً من الشمال إلى الجنوب، وأعلى قممها الجبلية جبل الجرمق (1208م ) في شمال غربي صفد، وهو اعلى القمم الجبلية في فلسطين، ومن الجرمق تتفرع عدة أودية لجهة الشمال الغربي والشمال الشرقي والشرق. وهناك جبال مرتفعة اخرى في الجليل الاعلى كجبل كنعان ( 936م ) الذي أقيمت عليه مدينة صفد، وجبل حيدر ( 1047م ) شمال قرية الرامة، و جبل عداثر ( 1006م ) بالقرب من قرية سعسع.

وكانت هضبة الجليل الاعلى قد تعرضت إلى التصدع وثوران البراكين في الأزمنة الجيولوجية الغابرة، وخلفت هذه الحركات الأرضية بعد أن خمد النشاط البركاني مسطحات بازلتية سوداء فوق سطح الهضبة، وأودية انكسارية تنحدر على طول الانكسارات في طريقها نحو وادي الاردن. لذا فإن الأرض ذات طبيعة وعرة لكثرة صخورها وتنوع أشكال سطحها .

2- الجليل الادنى : يمتد إلى الجنوب من الجليل الاعلى، ويفصل بينهما وادي الشاغور، وهو أقل ارتفاعاً من الجليل الاعلى، إذ لا يزيد ارتفاعه عن 200 م فوق سطح البحر، كما أنه أكثر خصباً من القسم الشمالي. ويبلغ طوله نحو 50 كيلومتراًَ من الشرق إلى الغرب، ويتجاوز عرضه 15 كيلومتراًَ من الشمال إلى الجنوب ، ويتألف من سلاسل جبلية متوازية وممتدة من الشرق إلى الغرب، حيث تحصر بينها أودية عريضة وسهولاً مفتوحة أو شبه مغلقة.

وأهم هذه السلاسل الجبلية : جبل طابور أو الطور ( 562 م ) إلى الشرق من الناصرة، وجبل الدّحي أو حرمون الصغير (550 م) جنوب الناصرة، وجبل النبي سعين ( 500م) احدى القمم المحيطة بالناصرة. وأهم الاودية التي تجري في الجليل الادنىوادي الفجاس و وادي البيرة، وينتهيان في نهر الاردن. ومن سهوله المشهورة سهل حطين الذي دارت فيه معركة حطين وانتصر فيها صلاح الدين الايوبي على الصليبيين، وسهل البطّوف الذي أنشأ الكيان الصهيوني فيه خزان البطوف لخزن مياه نهر الاردن المحمولة إلى النقب. وقد تعرض الجليل الادنى لتصدع أرضه في الازمنة الجيولوجية الغاربة فتكونت السهول التي هبطت على طول الانكسارات ، وتدفقت المصهورات البركانية التي انتشرت بعد أن خمد النشاط البركاني على شكل مسطحات بازلتية سوداء. وانبثقت مياه الينابيع المعدنية الحارة في منطقة الحمة بالقرب من منطقة طبرية .

3 - سهل مرج بن عامر : سمي بهذه الاسم نسبة إلى بني عامر من بني كلب الذين نزلوه في أوائل الفتح العربي الاسلامي. ودعي بالمرج نسبة إلى نمو النباتات الطبيعية العشبية فيه وإلى اتساع أرضه التي تُحرج فيها الدواب ذهاباً وإياباً ، وتكون هذا السهل بفعل هبوط الأرض على طول الانكسارات ، ويتميز بانبساط أرضه وتموجها قليلاً، وبوجود جوانب له ذات حواف شديدة الانحدار، تقطعها فتحات طبيعية تمثل ممرات تربط السهل بما حوله من مناطق، وأشهر ممراته ممر مجدّو ووادي نهر المقطّع، ويصلانه بسهل فلسطين الساحلي، ووادي سهل زرعين الذي يصله بالغور مارّاً في بيسان ومن ثم إلى اربد شرقاً ودمشق شمالاً، كما تصله طريق جنين - سهل عرابة مع أواسط فلسطين وجنوبها .

يفصل هذا المرج كتلة الجليل عن جبال نابلس وجبل الكرمل، ويتراوح ارتفاعه ما بين 60-75 متراً فوق سطح البحر، يبلغ طوله نحو 40 كيلومتراًَ من الغرب إلى الشرق، ويبلغ عرضه نحو 19 كيلومتراًَ من الشمال إلى الجنوب ، وتقدر مساحته بنحو 351 كيلومتراًَ مربعاً، تنحدر أرضه تدريجياً من منتصفه قرب العفولة نحو الشرق إلى وادي الاردن (غور بيسان) حيث يجري وادي جالود الذي تصب مياهه في نهر الاردن، كما تنحدر أيضاً نحو الغرب إلى سهل عكا حيث يجري نهر المقطع ليصب في خليج عكا.

وتربته في الغالب صلصالية تناسب زراعة الحبوب، وهي من الترب الخصبة في فلسطين، لذا تركز الاستعمار الاستيطاني اليهودي في المرج منذ أوائل فترة الانتداب البريطاني .

ب - السلسلة الجبلية الوسطى : تمتد هذه المرتفعات الجبلية ما بين مرج ابن عامر شمالاً ومنطقة بئر السبع جنوباً، وتقدر مساحتها، بما فيها جبل الكرمل، بنحو 529 كيلومتراًَ مربعاً، وتتألف من هضبة مرتفعة تتخللها بعض السهول المغلقة التي تنحصر بين الجبال، كما أن سطحها غير منتظم، ويتفاوت ما بين الأرض المتموجة إلى الأرض الجبلية الوعرة، وتمكنت الاودية الجافة التي تنحدر نحو البحر المتوسط غرباً ووادي الاردن شرقاً من تقطيع هذه الهضبة وتعميق مجاربها في التكوينات الكلسية لهذه الهضبة. وتطل الهضبة بجروف وعرة وحواف شديدة الانحدار على وادي الاردن الادنى نذكر منها الجبل الكبير ورأس أم الخروبة وأم حلال وقرن سرطبة و جبل القرنطل ورأس الفشخة ورأس تربة ورأس المرصد وخشم اسدوم وغيرها من الجروف المطلة على البحر الميت. غير أن الهضبة تنحدر تدريجياً نحو الغرب حيث تمتد اقدام التلال متوغلة في الاطراف الشرقية للسهل الساحلي .

ويمكن أن نقسم المرتفعات الوسطى إلى قسمين : جبال نابلس في الشمال و جبال القدس والخليل في الجنوب .

1- جبال نابلس : تمتد جبال نابلس نحو الشمال الغربي لتتصل بجبل الكرمل الذي ينتهي طرفه في البحر المتوسط. ويمتد نحو الجنوب حتى أودية دير بلوط، وهي المجاري العليا لنهر العوجا الذي يصب شمال يافا، وتجدر الاشارة إلى أن جبال نابلس ليست منفصلة عن جبال القدس، بل أن الاقواس الجبلية تلتقي ملتحمة ببعضها في سلسلة متصلة.

ويقدر طول جبال نابلس بنحو 65 كيلومتراًَ من الشمال إلى الجنوب، في حين يقدر إتساعها من الغرب إلى الشرق بنحو 55 كيلومتراًَ .

ويشكل جبل عيبال (940م) أعلى قمم هذه السلسلة، ويطلق عليه اسم الجبل الشمالي في مقابل جبل جرزيم ( 881م) أو الجبل الجنوبي، حيث تقوم عليهما مدينة نابلس بعد أن غطى عمرانها الوادي المنحصر بين الجبلين.

وهناك جبال اخرى مثل جبل فقوعة وجبل جلبون في الجهة الشمالية الشرقية من جنين، وجبل الاقرع وجبل بايزيد وجبل بلال وغيرها، ويتخلل هذه الجبال بعض السهول مثل سهل عرّابة ومساحته 000،30 دونم، و سهل صانور (مرج الغرق) ومساحتة 000،20 دونم، وسهل مخنة ويمتد على طول القاعدة الشرقية لجبلي عيبال وجرزيم. وأهم الأودية التي تنحدر من جبال نابلس شرقاً لتنتهي في نهر الاردن أودية البادان والفارعة والمالح، أما الأودية التي تنحدر غرباً إلى البحر المتوسط فأهمها نهر العوجا الذي يصب في البحر شمال يافا .

2- هضبة القدس والجليل : تمتد هذه الهضبة من منتصف المسافة بين نابلس والقدس (قرية بيتين) شمالاً إلى وادي بير السبع جنوباً، بطول قدره نحو 90 كيلومتراًَ.

وتنحصر الهضبة ما بين وادي الاردن الادنى والبحر الميت شرقاً والسهل الساحلي الجنوبي غرباً، ويتراوح عرضها من 40 - 50 كيلومتراًَ بما فيها برية الهضبة المطلة على البحر الميت ومنحدراتها الغربية المشرفة على السهل الساحلي.

وتتألف الهضبة من صخور كلسية أساساً، وتستخرج من هذه الصخور بعض الانواع الجيدة من حجر البناء، وبخاصة في منطقة القدس. وقد تعرضت الهضبة بمرور الزمن إلى إذابة بعض التكوينات الكلسية بفعل مياه الامطار وسيول الاودية الجافة، فتقطعت إلى مجموعات من التلال والسلاسل الجبلية التي تفصل بينها الخوانق، وتكونت الكهوف والاشكال الأرضية الوعرة .

وتمثل الجبال آكاماً مستديرة فوق هضبة واسعة تعرضت إلى الارتفاع والانطواء على شكل قوسين جبليين محدبين يعرف أحدهما بقوس الخليل - بيت لحم، ويعرف الثاني بقوس القدس - رام الله ، وتفصل بين القوسين عتبة منخفضة نسبياً في منطقة القدس. كما تعرضت الهضبة إلى التصدع في أطرافها، وبخاصة في المنحدرات الشرقية التي تهبط في مستويات سلمية على شكل جروف وعرة شديدة الانحدار تطل على البحر الميت.

أما المنحدرات الغربية فإنها تهبط نحو السهل الساحلي ببطء، وتنتهي على أشكال اقدام للتلال المتوغلة في السهل الساحلي، والمتقطعة من جراء الاودية الجافة والفصلية كوادي علي (باب الواد) ، ووادي الصرار، ووادي الخليل، أما الأودية المنحدرة شرقاً فأهمها وادي العوجا ووادي القلط المنتهيان في نهر الاردن ، ووادي النار ووادي الزويره المنتهيان في البحر الميت.

وأهم جبال القدس : تل العاصور ( 1016م ) وجبل النبي صمويل ( 885م ) وجبل المشارف ( 819م ) و جبل الطور أو جبل الزيتون ( 826م ) وجبل المكبر ( 795 م ) وأهم جبال الخليل جبل خلة بطرخ (1020م) و جبل حلحول ( 1013م ) وجبل سعير ( 1018م) و جبل بني نعيم ( 91م ) وجبل دورا (838م)، وتنتهي المنطقة الجبلية على بعد نحو 24 كيلومتراًَ جنوبي الخليل، وذلك بالقرب من قرية الظاهرية حيث تبدأ هضبة الصحراء الفلسطينية .

3- اقليم وادي الاردن : يمتد هذا الاقليم الاخدودي على طول الجزء الشرقي من فلسطين ممتداً من أقدام جبال الشيخ في الشمال حتى خليج العقبة في الجنوب، ويدخل الجزء الشرقي من هذا المنخفض المتطاول في الأراضي الأردنية بينما يدخل جزؤه الغربي في الأراضي الفلسطينية.

ويتجاوز طول وادي الاردن 420 كيلومتراًَ، وهو جزء فرعي من نظام رئيسي يشتمل على مجموعة من الاودية الاخدودية المتقطعة، أي أنه جزء صغير جداً من نظام الاخدود الافريقي الآسيوي الذي يمتد مسافة 6000 من خط عرض 20ْجنوباً في موزمبيق إلى خط عرض 45ْ شمالاً في تركيا ليشتمل على 65 درجة عرضية أي حوالي خمس محيط الأرض.

ويعد وادي الاردن من بين أغوار العالم التي تسترعي الانتباه، ذلك لأنه يشتمل على بقعة البحر الميت التي هي من أكثر بقاع العالم انخفاضاً عن سطح البحر ، يبدأ وادي الاردن عند أقدام جبال الشيخ مرتفعاً نحو 160 متراً عن سطح البحر، إلا أنه لا يلبث أن ينحدر نحو الجنوب، ويأخذ في الهبوط ليصل ارتفاعه إلى 70 مترا عند بحيرة الحولة (سابقاً) وإلى مستوى سطح البحر عند جسر بنات يعقوب على نهر الاردن شمال بحيرة طبرية، ثم ما يلبث أن يهبط مستواه دون سطح البحر في بحيرة طبرية التي تنخفض نحو 212 متراً عن سطح البحر، ويصل إلى أدنى مستوى له عند البحر الميت الذي ينخفض سطح مياهه نحو 398 متراً عن سطح البحر، ويصل انخفاض أعمق نقطة لقاع البحر الميت نحو 797 متراً دون سطح البحر، ثم يأخذ مستوى الأرض في الارتفاع كلما اتجهنا جنوباً من البحر الميت، حتى إذا ما وصلنا إلى موقع العجرم في أواسط وادي عربه يزداد الارتفاع إلى منسوب 240 متزاً فوق سطح البحر، وتمثل منطقة العجرم خط تقسيم للمياه بين البحر الميت شمالاً والبحر الأحمر ( خليج العقبة ) جنوباً. ويعود منسوب الأرض في وادي عربه للانخفاض إلى الجنوب من موقع العجرم حتى نصل إلى خليج العقبة .

تشكّل وادي الاردن من كسور طولانية عنيفة أدت إلى إنهدامه حتى هذه المستويات . وبقي مدة من الزمن متصلاً بالبحر ثم انفصل عنه بعد أن ترسبت التكوينات البحرية على شكل طبقات متعاقبة فوق قاعه، وفي العصر المطير غمر جزء من وادي الاردن بالمياه فيما عرف باسم البحيرة الاردنية القديمة التي امتدت من بحيرة طبرية شمالاً إلى جنوب البحر الميت الحالي بحوالي 30 كيلومتراًَ جنوباً، وقد اختفت البحيرة قبل الفترة التاريخية بآلاف السنين، ولم يبق من مخلفاتها سوى بحيرة طبرية والبحر الميت، ونستدل على جفاف البحيرة من بقايا الارسابات البحيرية لتكوينات مارن اللسان ، ثم ظهر نهر الاردن الذي حفر لنفسه مجرى في هذه التكوينات وبنى سله الفيضي على جانبيه .

ويمكن أن نميز مستويين للأرض في وادي الاردن وهما مستوى الغور ومستوى الزورى، أما الغور فهو المستوى الاعلى الذي يتكون من الارسابات البحرية القديمة والمغطاة في كثير من الجهات بارسابات طميية حديثة، اما الزور فهو المستوى الأدنى الذي يتكون من إرسابات نهر الاردن الفيضية، ويتراوح انخفاض مستوى الزور عن مستوى الغور ما بين 20-40 متراً، حيث تفصل بينهما مجموعة من الأراضي الوعرة التي تعرف باسم الكتار محلياً .

ويتفاوت وادي الاردن في اتساعه ما بين 5 كيلومتراًَ شمالي العقبة و35 كيلومتراًَ على خط عرض مدينة اريحا شمال البحر الميت.

وينحدر قاع الوادي من حافتيه الجبليتين نحو نهر الاردن الذي يعد مصرفاً طبيعياً للمجاري المائية في وادي الاردن، وأهم الاودية الجانبية التي تخترق وادي الاردن قادمة من المرتفعات الجبلية الفلسطينية في طريقها لنهر الاردن أودية حنداج وعامود والبيرة و جالود والفارعة والمالحة والعوجا والقلط.

أما الروافد الشرقية لنهر الاردن فهي أودية اليرموك والعرب وزقلاب واليابس وكفرنجه وراجب والجرم والزرقاء وشعيب والكفرين وحسبان، وتتفاوت هذه الاودية الجانبية ما بين اودية دائمة الجريان إلى أودية فصلية وأخرى جافة. ونظراً لاختلاف المناسيب التي تجري عليها هذه الاودية ما بين الحواف العالية للوادي الاخدودي ومستوى الغور فإنها تهبط إلى أرض الغور فجأة لترسب كثيراً من حمولاتها فيما يعرف بالمراوح الفيضية المحيطة بمجاريها قرب اقدام الجبال العالية .

4- اقليم الهضبة الصحراوية ( النقب ) : يتكون هذا الاقليم من هضبة صحراوية تمتد في جنوب فلسطين، وتتخذ شكل المثلث الذي تسير قاعدته في خط يصل بين جنوب البحر الميت وغزة على البحر المتوسط، ويوجد رأسه عند خليج العقبة.

وتقدر مساحة القسم الجبلي من هذه الهضبة بنحو 8294 كيلومتراًَ مربعاً أي اكثر من 79% من مساحة الهضبة، وتعد الهضبة حلقة وصل بين هضبة القدس والخليل شمالاً ، وهضبة شبه جزيرة سيناء جنوباً ، وهي إمتداد جنوبي للمرتفعات الفلسطينية التي تمثل العمود الفقري لفلسطين. وتطل هذه الهضبة على وادي عربة في الشرق بحافة جبلية وعرة تتمثل في سلسلة من الجروف والحواف الأرضية التي تنحدر منها الاودية الجافة في طريقها لوادي عربة. وتنحدر تدريجياً نحو الغرب إلى السهل الساحلي الجنوبي الذي يستقبل مجموعة من الاودية الجافة في طريقها إلى البحر المتوسط .

تتفاوت أشكال سطح الهضبة ما بين السلاسل الجبلية والهضبات الصغيرة والسهول المغلقة والمنخفضات والقيعان والأحواض وغيرها، ويتميز سطح الأرض بطبيعته الوعرة التي دفعت بعض الباحثين إلى تسمية الجبال بجروف النقب بدلاً من جبال النقب.

وتختلف حدة معالم السطح ما بين منطقة وأخرى، فالسطح في الجزء الشمالي من النقب قليل الارتفاعات ، وهو بمثابة منطقة سهلية مترامية الاطراف ، ولا سيما في المنطقة التي تمتد غرب وجنوب مدينة بير السبع، غير أن السطح يزداد وعورة وتضرساً إلى الجنوب من بير السبع في منطقة النقب الأوسط حيث يزداد ارتفاع بعض القمم الجبلية عن 1000 متر فوق مستوى سطح البحر.

ومما يسترعي الانتباه أن الجبال الواقعة في جنوب غربي بير السبع اكثر ارتفاعاً من الجبال الواقعة في الجهات الاخرى من عاصمة النقب، وتمثل هذه الجبال امتداداً طبيعياً لجبال سيناء الجنوبية، كما أنها تترواح في ارتفاعها ما بين 600- 1035 متراً فوق سطح البحر.

ويعد رأس الرمان ( 1035 م) الواقع بالقرب من الحدود الفلسطينية المصرية أعلى قمة في هذه الجبال، بل إنه يعد ثالث القمم الفلسطينية ارتفاعاً..

ومن ذرى هذه الجبال يمكن أن نذكر جبل عجرمية ( 1015 م )، وقرون الرمان ( 1006م ) ، وجبل سماوي ( 1006 م ) ورأس الخراشة ( 1000م) ، وجبل خاروف ( 1000م) وجبل عريف ( 957م ) وجبل عديد ( 935 م) .

أما الجبال الواقعة في الجنوب الشرقي من بير السبع فإن ارتفاعها يتراوح ما بين 500- 844 متراً، ويمكن ان نذكر من بينها جبل أبو علاليق ( 844م ) وجبال حثيرة ( 716 م )، ورأس ارديحة (713م) ، وجبل حليقيم ( 625م) وجبل أم طرفة ( 525 م).

وقد تعرضت الهضبة الصحراوية لتصدع الأرض في بعض جهاتها القديمة الصلبة، وبخاصة في النقب الأوسط، ونتج عن وجود هذه الانكسارات هبوط الأرض في أحد جوانبها وارتفاعها في الجانب الثاني منه.

وقد شقت كثير من الأودية الجافة طريقها على طول امتداد هذه الإنكسارات، كما تتعرض الهضبة إلى عوامل التعرية المائية والريحية، ونتج عنها نحت السيول والرياح لكميات كبيرة من التكوينات الرسوبية، كالطين والرمال والحصباء، ونقلها إلى مسافات بعيدة حيث يتم ترسيبها في مناطق شاسعة من النقب الشمالي سواء في حوض بير السبع أو في ا لجهات الشرقية والشمالية الغربية من النقب، وتكونت عن هذه الترسبات المنقولة ما يعرف بتربة القوس الصحراوية التي تتألف من الرمال والحصى أساساً .


المناخ والمياة

يعد مناخ فلسطين انتقالياً بين مناخ البحر المتوسط والمناخ الصحراوي، لذا فإنه يتأثر بكل من البحر المتوسط والصحراء ، إذ تسود في معظم الايام مؤثرات البحر المتوسط، بينما تسود في بعض الايام مؤثرات الصحراء . تتكون فلسطين جغرافيا من أربعة مناطق طبيعية واضحة هي:[2]

المدن

وتحوي فلسطين على عدة مدن ساحلية على شاطئ البحر المتوسط ومن اهمها: عكا، حيفا، الخضيرة، نتانيا، هرتسليا، تل أبيب، يافا أشدود، عسقلان (المجدل)، وغزة، والتي تعتبر من أهم مدن فلسطين من الناحية الجغرافية والاقتصادية والديمغرافية حيث يتركز في المدن والبلدات الساحلية نحو 60% من السكان (نحو 75% من السكان اليهود، ونحو 40% من السكان العرب)، وتوجد فيها أكبر المراكز الصناعية والتجارية. وتعتبر هذه المنطقة الساحلية، وبشكل خاص محافظة تل أبيب وقطاع غزة، من أكثر مناطق العالم كثافة.

جبال صحراء النقب

تمتلك فلسطين عدّة مناطق خصبة، أهمها المروج الشمالية بين جبال الجليل، مرج بن عامر وبعض المروج في وسط البلاد. إمدادات المياه للمنطقة ليست وفيرة، وهي معتمدة على مياه الأمطار التي تهطل خلال فترة 5 أشهر سنويا لا غيرها (من نوفمبر إلى مارس). تعد بحيرة طبريا أهم وأكبر مصادر المياه الطبيعية للشرب والري في المنطقة، إذ كانت بحيرة الماء العذبة الوحيدة فيه. ويكون مصدر مياه البحيرة هو مياه الأمطار الهاطلة عليها مباشرة أو مياه نهر الأردن المغذَّى بثلوج جبل الشيخ المذوبة في موسم الربيع. نهر الأردن هو أكبر الأنهر في المنطقة، يتدفق جنوبا خلال بحيرة طبريا إلى البحر الميت الشديد الملوحة. كذلك يتم ضخ مياه الشرب من الإكويفيرات (الطبقات تحت الأرضية الحاملة لمياه الأمطار المتغلغلة في الأرض)، وفي الآونة الأخيرة تعرضت هذه الخزانات الطبيعية تحت الأرضية للتمليح والتلوث بسبب زيادة جلب المياه منها ونقص مياه الأمطار التي تغذيها، وكذلك بسبب دفن النفاية الصناعية في أرض المنطقة الساحلية...[3]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق