انتفاضة طُلابية تعكس صرخة الجيل الجديد.


بقلم: الأكاديمية والباحثة السياسية د. تمارا حداد، رام الله، فلسطين .

إن عملية طوفان الأقصى في قطاع غزة عكست نفسها بنتائج لم تتحقق لولا حدوثها وقد يكون اللافت في التغيير ليس فقط على مستوى الشعوب العربية والغربية وتحركها وإنما عكست نفسها في تغيير ثقافة ووعي لفئة تميزت في الداخل الأمريكي بأنهم طُلاب لنُخب سياسية تضع السياسات العميقة للولايات المتحدة الامريكية تبقى داعمة لدولة الاحتلال لم تتغير وجهتها حتى اللحظة في حماية اسرائيل دفاعاً وهجوماً ولوجستياً ومالياً وعسكرياً واستخباراتياً لتلاقي الصهيونية الدينية اليهودية والصهيونية المسيحية حيث تؤمن بنبوءات أن تجمُع اليهود في الاراضي الفلسطينية هي الوسيلة الوحيدة لخروج المسيح بعد معركة "هرمجدون" في وادي مجدو شمال فلسطين المُحتلة اضافة الى استخدام تلك النبوءة لترسيخ قاعدة مُتقدمة امريكية في منطقة الشرق الأوسط تقوم بدور وظيفي تعكس مصالح اقتصادية وامنية وسياسية لتحالف الغرب والولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة.
 تُعتبر المُظاهرات في الجامعات الأمريكية تطوراً لافتاً نحو الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وتغيُر جذري هام في تبني كامل للرواية الفلسطينية العادلة وعدم تصديق الرواية الاسرائيلية أن من حقها الدفاع عن نفسها أمام استمرار جرائمها بحق النساء والأطفال في قطاع غزة، إن  التحرك الطلابي هو تحرك قديم حديث أمام قضايا بحاجة لحل جذري سياسياً قانونياً دوبلماسياً إضافة إلى المطالبة بترسيخ حقوق ديمقراطية فعلية بالتحديد فيما يتعلق حرية التعبير والرأي التي انتُهكت أمام استمرار عنف الشرطة وحملة الاعتقالات بصفوف الطلاب والأساتذة ولأول مرة يُشارك الأساتذة والطلاب معاً في التظاهر بشكل مستمر وبناء مخيمات أمام الجامعات للدفع نحو وقف إطلاق النار على قطاع غزة وتعزيز حقوق عادلة للشعب الفلسطيني. 
واللافت في تحرُك الطُلاب أنهم اولاد النخب السياسية سواء المقربين من الكونغرس واللوبي الصهيوني والمؤسسات الأمنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية الهامة في أميركا واللافت أنهم من البيض وليس البشرة السوداء هذا يُضيف أن ما يحدث في قطاع غزة وصل شريحة كان اهتمامها فقط الدفاع عن اسرائيل والآن تغيرت الوجهة نحو الدفاع عن القضية الفلسطينية هذا إشارة أن عملية السابع من أكتوبر غيرت الرأي العام الخارجي كلياً نحو الاهتمام في ايجاد حل جذري لقضايا الشعب الفلسطيني.
إضافة إن التحرُك الطُلابي سيُؤثر على المعركة الانتخابية الأمريكية القادمة، لذلك أشار الرئيس الامريكي الحالي بايدن بخطابه أنه قلق لما يحدث داخل الجامعات الأمريكية والتي ستُؤثر سلباً على بايدن والأصوات الانتخابية وهذه شريحة عريضة واسعة عددها كبير ستُؤثر على الواقع الانتخابي بدرجة عالية.
حيث ان اللافت في هذه الجامعات أغلبها يتم دعمها من رجال اعمال يهود ومؤسسات اللوبي الصهيوني فعملية التحرك الطلابي ستُؤثر ضمنياً على سياسات مُستقبلية سلبية على اللوبي الصهيوني المتحكم بمفاصل الانتخابات الامريكية وأيضاً مؤسسات الاقتصاد والمال في اميركا لذا سيتم تخفيف الدعم المالي لها بحجة التغير في الاهتمام نحو القضية الفلسطينية ناهيك عن استقالات مستقبلية لرؤساء الجامعات والاساتذة عقاباً وردعاً لأي تحرُك مستقبلي لطُلاب الجامعات الامريكية .
بدأت الحراكات الطلابية في جامعة كولومبيا من خلال نصب الطلاب خيمة في المخيم الجامعي وتم استهدافها من قبل الشرطة الامريكية أدى الأمر إلى تعنُت الطلاب من خلال دفع المزيد من الاحتجاجات بسبب الاعتقالات بين صفوف الطلاب ما ادى الى تضامن بين الطلاب على الصعيدين المحلي والوطني، وفي جامعة هارفاد بدات الاعتصامات الطلابية تطالب بوقف التسليح لدى دولة الاحتلال وانهاء حالة الابرتهايد في الداخل الفلسطيني، اما جامعة تكساس تم اعتقال عدد كبير من الطلاب بعد تدخل عنيف من الشرطة لدى تلك الشريحة، فيما جامعة جنوب كاليفورنيا تم اغلاق الجامعة لتعدي الشرطة على عدد من الطلاب بالضرب والاهانة اللفظية، فيما وصلت المظاهرات في جامعة جورج تاون حيث عززت مسيرات نحو واشنطن أدى الأمر الى تضامن جامعة جورج واشنطن التي بدات اعتصام منذ يومين انضم اليه طلاب وهيئة تدريسية، وصلت التظاهرات الطلابية الى حامعة ولاية اوهايو والتي عززت فكرة التظاهرات السلمية كحرية الراي والتعبير، امتدت التظاهرات لجامعة ايموري تبلورت فيها الحراكات الطلابية نحو مطالبات بتغيير سياسة الولايات المتحدة الامريكية حول الدعم الامريكي ما ادى اعتقالات بين صفوف الطلاب، تعدت الحراكات لجامعة برنستون وجامعة انديانا وايرزونا حيث عززت فيها محاضرات للتوعية بالقضية الفلسطينية اضافة الى وقفات احتجاجية فيما جامعة واشنطن في سانت لويس حيث تم تفكيك مخيم طلابي هذا التفكيك ساهم في تضامن جامعة نيويورك في مانهاتن ما ادى الى تحرك جامعة ييل في نيو هيفن حيث خرج آلاف المُحتجين ضد سياسة اميركا تجاه الاحتلال، فيما نصب طلاب معسكرا من خلال مجموعة مؤيدين للقضية الفلسطينية في جامعة براون في بروفيداس  وقالوا انهم سيبقون حتى لو تم اعتقالهم ، اما جامعة كورنيل في آثاكا حيث اعلن تحالف من مجموعات طلابية لانشاء منطقة منطقة محررة لارسال رسالة ان تحرر فلسطيني هو المطلوب في الوقت الحالي، اما جامعة فلوريدا في غينزفيل نظم الطلاب ودعوا الجامعة الى الكشف عن استثماراتها والتنازل عن الشركات المرتبطة بالحكومة الاسرائيلية، فيما جامعة ماريلاند في كوليدج بارك شارك اكثر من مئة متظاهر للدفاع عن القضية الفلسطينية اضافة الى جامعة تكساس في دالاس وفي سان انطونيو وفي ارلينغون وجامعة نيومكسيكو في البلوكيركوان وجامعة نورث ويسترن في ايفانستون وجامعة ولاية ميتشيغان في تيست لانسينغ وجامعة روتشستر في نيويورك وجامعة تافتس في ميدفورد وجامعة دولاوير في نيوارك حتى المعاهد الامريكية دخلت خط الانتفاضة الطلابية مثل معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا والمدرسة الجديدة في مانهاتن بالمجمل عدد الجامعات التي دخلت الحراكات الطلابية 62 جامعة ومعهد ومدرسة هذا اشارة لتغير لافت في الراي العام الخارجي امام جمود طويل للدفاع عن القضية الفلسطينية وهذا نتاج عملية طوفان الاقصى التي قامت بها المقاومة الفلسطينية.
تحركات هامة جداً وان كان تأثيرها متوسط على القضية الفلسطينية لكن حراك لافت مهم إيجابي نحو الدفع القادم لايجاد حل لحقوق الشعب الفلسطيني من خلال التأثير المستقبلي على صناع القرار الأمريكيين لتعزيز توجهات وسياسات جديدة تختلف عن سياسات الدولة العميقة في أميركا والذي يُحركه اللوبي الصهيوني.
  الخلاصة، حراكات مهمة بالتحديد بالوقت الحالي عكست تغيرات مستقبلية في النظام الدولي والتوازنات الدولية الاقليمية الجديدة باتت امر واقع حيث ان ما بعد السابع من اكتوبر فعلياً ليس كما قبله، ناهيك عن استقالة متحدثة الخارجية الأمريكية باللغة العربية هي رسالة لرفضها سياسة بايدن في إدارته للحرب على القطاع واستمرار التمويل المالي والعسكري والذي ينعكس على المدنيين وإطالة الحرب دون توقف ودون وضع خطط اليوم التالي بعد انتهاء الحرب وهذا يتوافق مع فكرة اليمين المتطرف الإسرائيلي الذي يريد تحقيق احتلال عسكري مباشر لقطاع غزة  دون توجه سياسي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق