النشرة
نجح رئيس مجلس النواب نبيه بري في مساعيه الحثيثة بوقف إطلاق النار في مخيم عين الحلوة في أعقاب الاشتباكات الدامية التي وقعت بين حركة فتح" و"تجمع الشباب المسلم"، على خلفية اغتيال قائد قوات الأمن الوطني في منطقة صيدا اللواء أبو أشرف العرموشي ومرافقيه، وأدت في حصيلتها الأولية إلى سقوط نحو 37 قتيلا وأكثر من 225 جريحا، في جولاتها الثانية منذ اندلاعها في 30 تموز الماضي.
وقد تكامل جهد بري مع جهود رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ومختلف القوى والفصائل الفلسطينية وخاصة حركة حماس والقوى الإسلامية الفلسطينية، والأحزاب اللبنانية ولا سيما منها الصيداوية بدءاً من النائبين عبد الرحمن البزري وأسامة سعد، مروراً بالجماعة الإسلامية، التنظيم الشعبي الناصري، حركة أمل وحزب الله، وصولاً إلى قيادة الجيش اللبناني ومديرية المخابرات المركزية وفي الجنوب ممثلة برئيس الفرع العميد سهيل حرب والأمن العام ومديرها بالوكالة اللواء إلياس البيسري.
وتضافرت جهود هذه القوى والأحزاب والشخصيات لوقف إطلاق النار، على خلفية قناعتهم وشعورهم المتزايد بخطورة استمرار الاشتباكات وتداعياتها على القضية الفلسطينية وعلى حق العودة ورمزية المخيم، وعلى العلاقة مع الجوار اللبناني وخاصة صيدا، ناهيك عن شظاياها التي تكاد "تخلط الحابل بالنابل" وتدخل المخيم وقواه السياسية في آتون فتنة لا ينجو منها أحد.
وكشفت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، أن من أولى المخاوف اتساع دائرة الاشتباك العسكري إلى سياسي من خلال الاحتقان غير المسبوق بين مؤيّدي حركتي "فتح" و"حماس" والتي ترجمت بحملات متبادلة، فالثانية اتهمت الاولى عبر إصرارها على الاقتصاص من الجناة عسكريا بتدمير المخيم وتهجير أهله وتاليا الوصول إلى مشروع يشطب حق العودة، بينما فتح اتهمت حماس بدعم الناشطين الإسلاميين لاضعافها ومحاولة إمساكها بورقة المخيمات في لبنان.
وقد عُقد اجتماعان بين القيادتين برئاسة عضو اللجنة المركزية لحركة فتح المشرف على الساحة الفلسطينية في لبنان عزام الأحمد ورئيس حركة حماس في الخارج الدكتور موسى أبو مرزوق، وجرى توضيح الأمور بعد عتب ومصارحة انتهت إلى رسم خارطة طريق للحل في المرحلة المقبلة بالتعاون مع الجميع وهي تشق طريقها حتى اليوم بين قيادتي لبنان.
وثاني المخاوف، مع طول أمد الاشتباك وتوسع دائرته على غالبية أحياء المخيم، هو محاولة استدراج عصبة الأنصار الإسلامية إلى الاشتباك على محور الصفصاف- رأس الاحمر-الطيرة، وقد اتهمت فتح مجموعات منها بالمشاركة في الاشتباكات التي جرت في المنطقة، غير أن العصبة أكدت أن موقفها منذ البداية هو عدم مشاركتها "في تدمير مخيمنا وتهجير أهلنا"، وقد تدخلت لإخراج عناصر من الأمن الوطني سالمين، وجرى كذلك عقد اجتماع بين القيادتين لتوضيح الأمور والتعاون في تطبيق ما أُتفق عليه في هيئة العمل المشترك الفلسطيني في لبنان بدعم لبناني سياسي وأمني.
رابع المخاوف، محاولة استدراج الجيش اللبناني للدخول بالمعركة بعد استهداف مواقع ومراكز له في محيط المخيم وقد أدّى ذلك إلى سقوط عدد من الجرحى، اصابة أحدهم خطيرة، وقد وجهت قيادة الجيش تحذيرات شديدة اللهجة إلى الأطراف المعنيّة داخل المخيّم من مغبّة تعريض المراكز العسكريّة وعناصرها للخطر. وأكّدت أن الجيش سيتخذ الإجراءات المناسبة. وقد سارعت مختلف القوى الوطنية والإسلامية إلى إدانة هذا الإستهداف وأكدت على العلاقات الأخوية والتنسيق مع الجيش.
سادس المخاوف، تسليط الأضواء على السلاح الفلسطيني على أنه متفلّت وإسقاط رمزيته المعنوية "ارتباطا بحق المقاومة والدفاع المشروع عن حق العودة"، وتصوير المخيم على أنه بؤرة أمنيّة تسودها الفوضى وشريعة الغاب دون أيّ حساب أو رادع، وتبذل حاليا الجهود السياسية اللبنانية والفلسطينية لإعادة تصويب البوصلة إلى وجهتها الحقيقيّة نحو فلسطين ودون الاحتكام إليه في أي صراع.
سابع المخاوف، تأليب الرأي العام الفلسطيني على مرجعيّته السياسية من خلال العزف على وتر التعويض المالي جرّاء الأضرار التي وقعت في الممتلكات من المنازل والمحال التجارية والسيارات في ظلّ الأزمة اللبنانية المعيشية والاقتصادية الخانقة وارتفاع أسعار كل المواد، ويسود اليوم الشارع الفلسطيني حالة غضب غير مسبوقة ممزوجة بتساؤلات عمّن سيعوض على الناس، فضلاً عن الإرباك في التعامل مع بدء العام الدراسي وتأجيله أو تحمّل أعباء الكلفة والمشقّة في الانتقال إلى مدارس أخرى تابعة لوكالة "الأونروا" في محيط المخيم.
وتؤكد مصادر فلسطينية، أنه لهذه المخاوف لم تهدأ الاتصالات ولم تتوقف اللقاءات اللبنانية والفلسطينية والمشتركة السياسية والأمنية، لتطويق ذيول الاشتباكات إلى ان نجح بري، فيما الجهود تنصب اليوم على استكمال تطبيق بنود التفاهمات الفلسطينية-اللبنانية وخاصة منها تنفيس الاحتقان وعودة النازحين وإخلاء المدارس ودعم القوة الأمنية المشتركة وانتشارها فيها، وصولاً إلى جلب المشتبه بهم في جريمة اغتيال اللواء أبو أشرف العرموشي.
يُذكر إن "هيئة العمل الفلسطيني المشترك" في لبنان، وخلال اجتماعها في السفارة الفلسطينية في بيروت (الثلاثاء 5 أيلول 2023) اتفقت على تعزيز القوّة الأمنية نفسها ورفدها بعناصر للقيام بمهامها الموكلة إليها وخاصّة ما يتعلق منها بالجرائم الأخيرة بالمخيّم أيّ بجلب الجناة في جريمة اغتيال العرموشي بالقوة وباجماع فلسطيني وطني وإسلامي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق