النشرة
تتأرجح الأوضاع الأمنية في مخيم عين الحلوة على حبال التوتير حينا ومساعي التهدئة أحياناً بعد الاشتباكات التي اندلعت بين حركة "فتح" والناشطين الإسلاميين (الأحد 30 تموز الماضي)، وأسفرت عن سقوط 13 قتيلا من بينهم قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في منطقة صيدا اللواء أبو أشرف العرموشي ومرافقيه وأكثر من 65 جريحا، إضافة إلى أضرار مادية جسيمة في الممتلكات من المنازل والمحال التجارية والسيارات والبنى التحتية في شبكتي الكهرباء والمياه والإنترنت.
وفيما
انعكست تداعيات الاشتباكات بوضوح في تقسيم المخيم إلى مربعات أمنيّة مع استمرار
الاستنفار العسكري وإقامة الدشم والشوادر وعدم عودة كل العائلات النازحة خاصة في
منطقتي الطوارئ والتعمير، حيث يتحصن الجناة في جريمة اغتيال العرموشي ومرافقيه،
أكدت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، أن وكالة "الأونروا" باشرت
إعداد خطة تربوية بديلة لطلاب مدارسها بعدما تولّدت لديها قناعة راسخة بأنّ العام
الدراسي الجديد 2023-2024 سيبقى في مهب الريح إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه،
إذ وفق تقديرها فإن الصراع بين الجهتين لم ينتهَ بعد... وهو قابل للاشتعال مجددا
وفي أي وقت.
ومخاوف
الوكالة لا تتوقف عند حدود عودة الاشتباكات المسلحة ما ينسف كل إستعدادتها، بل تصل
إلى المدة الزمنية–الوقت، الذي تتطلبه
عملية ترميم وإصلاح مدارسها التي تضررت لجهة مسح الأضرار وتقييم الخسائر واجراء المناقصة
وتأمين المواد، ناهيك عن التمويل المالي اللازم لكل ذلك، وهي تؤكد أنه حتى اليوم ما
يزال المجمعان المدرسيان اللذان يشملان ثماني مدارس محتلين من قبل المسلحين، رغم النداءات
التي أطلقتها مراراً بضرورة إخلائها فورا، على اعتباره "انتهاك صارخ لحرمة مباني
الأمم المتحدة بموجب القانون الدولي".
ويضم
مجمعا "الأونروا" في عين الحلوة ثماني مدارس تقع بين منطقتي الطوارئ
والتعمير والشارع الفوقاني وبستان القدس وهي "بيسان، الناقورة، صفد والسموع،
مرج بن عامر، حطين، الفالوجة وقبية"، وهي توفر التعليم لنحو 5900 طالب في
مختلف المراحل الابتدائية والمتوسطة حتى الثانوية، على أن يبدأ العام الدراسي في
تشرين الأول 2023.
وكشفت
أوساط تربوية مسؤولة في "الأونروا" لـ"النشرة"، عن التحديات
التي تواجه الإدارة ودائرة التربية والتعليم تحديدا مع كيفية المواءمة بين بدء
العام الدراسي والثوابت التي تتمسك بها، وأكدت أن الوكالة ليس لديها أي مشروع من
تحت الطاولة ولا من فوقها لإقفال أي مدرسة أو حتى نقلها إلى خارج المخيم، وليس
لديها قرار بتأجيل العام الدراسي كما اقترح البعض أو العودة إلى التعليم
"أونلاين" لإدراكها بعدم جدواه بعد تجربة "كورونا" كما
الحضوري، علما انه كان يمكن اللجوء إليه في مثل هذه الأوضاع الأمنيّة على اعتباره
الخيار الأكثر سهولة.
من
خلفية هذه القناعة، بدأت دائرة التربيّة والتعليم في "الأونروا" بالبحث
عن بدائل، فوضعت سلسلة سيناريوهات أولّها نقل الطلاب من المجمع التربوي بين
الطوارئ والشارع الفوقاني والذي يضم (بيسان، صفد والناقورة والسموع) إلى المجمع
الآخر في بستان القدس، ولكن دخول المسلحين إليه أسقط هذه الفرضية مجددا على اعتبار
أنه بات غير آمن، فانتقل البحث إلى خيار آخر يتمثل بنقل الطلاب إلى مدارس
"الأونروا" الأقرب إلى المخيم وهي: "الشهداء" قرب الحسبة
غربا، "دير القاسي" قرب النبعة شرقا، و"الصخرة" المجاورة لها،
مع إبقاء احتمال أن يسقط ذلك في حال تجددت الاشتباكات في أي وقت.
وتؤكد
أنه يجري الأخذ بعين الاعتبار نظام الدفعتين مع صعوبة استيعاب 7 مدارس مثلا في 8
منها، أو 40 شعبة في 28 شعبة، مع اقتراح بوضع بيوت جاهزة في باحة مدرسة
"الشهداء" لاستيعاب الطالبات، والطلاب الصغار لتفادي تأخرهم حتى المساء،
مشيرة إلى أنه حتى الآن، ليست هناك حلول مرضية بالكامل لكن "الأونروا"
مستنفرة وفي سباق مع الزمن حتى تمرير هذا القطوع بأقل الأضرار على الطلاب وذويهم،
مع كلفة الانتقال أو مشقتها أو تفريق الأخوة في مدرستين بعيدتين وسواها، مشدّدة
على ضرورة التعاون مع لجان الأهل وذوي الطلاب والإدارة معاً بما يضمن نجاح أي حلول
موقّتة.
مديرة
"الأونروا" في لبنان دوروثي كلاوس، التي أعلنت حالة طوارئ ضمنية منذ
اليوم الأول لحصول الاشتباكات (30 تموز 2023) ونجحت في تأمين الإيواء والإغاثة
للعائلات النازحة من أرجاء المخيم بعدما فتحت مدرستين تابعتين لها، الأولى
"نابلس" في مدينة صيدا والثانية "عسقلان" في مخيم المية ومية،
باشرت اليوم مع مسؤولي دائرة التربية والتعليم وضع مسوّدة خطة طوارئ تربوية، عقدوا
لقاءات مع الجهات المعنية وتربويين وسياسيين في صيدا ومع ممثلي "تجمع
المؤسسات الأهلية" وصولا إلى أهالي الطلاب أنفسهم، مشدّدة على التزامها بضمان
حصول طلاب المخيم على التعليم بداية العام الدراسي وهو أولوية قصوى للوكالة ولجميع
المعنيين.
وأشارت المديرة كلاوس الى أن "الأونروا ستواصل مناقشاتها ومشاوراتها مع مختلف المعنيين للتوصل إلى اتفاق حول الخيار الأنسب الذي يضمن سلامة هؤلاء الأطفال ويحمي حقهم في التعليم"، مشددة مرة أخرى على أنه "يجب على المسلحين إخلاء المدارس في عين الحلوة على الفور. فاستمرار استيلائهم على عليها لا يؤثر فقط على تعليم الطلاب، بل يخلق أيضا جوا من انعدام اليقين والأمن. نحن نبذل كل جهد ممكن لضمان عدم المساس بتعليمهم في ظل النزاعات"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق