شبح نهر البارد حاضر: اشتباكات مخيم عين الحلوة تضرر مئات البيوت والسيارات


 انتصار الدنان
قبل الاشتباكات الأخيرة في مخيم عين الحلوة، كان ضجيج المخيم يأخذ منا آذاننا وأعيننا عندما نسير في شوارعه الرئيسة، وأزقته وفي سوق الخضار الذي كانت تصدح أصوات الباعة فيه. اليوم وبعد توقف الاشتباكات لم يعد مخيم عين الحلوة كالسابق، لا ضجيج للسيارات ولا صوت للباعة ولا حتى حركة للمارة غير بعض الأشخاص الذين يعبرون الشارع لقضاء حاجة، أو لبعض الأشخاص الذين يعاينون منازلهم ومحالهم ويرفعون الزجاج والركام من أمام محالهم ومن بيوتهم. وحدها أصوات الدراجات التي تمر بين حين وآخر تصم الآذان.
المشهد محزن، وما يحزن أكثر بأنه ليس هناك قدرة للناس على تعويض ما فات، لا عمل ولا الإمكانيات المادية تسمح بذلك، ولا العمر يكرر نفسه، وهناك روايات كثيرة على ألسنة الناس، ولكل شخص من أهالي المخيم قصة يقص فيها ما حصل معه في أثناء الاشتباكات، فشامندي الشاب الذي يعمل من أجل تأمين مستقبله، المقيم في حي المجمع في المخيم، قال: استهدفوا الخزن، ملابسنا وشاشة التلفاز، ومن سيعوض ما راح وما تخرب.
يوم الاشتباكات، قبلها بقليل أخذت والدي الضرير لزيارة عمي في المنزل المواجه لمنزلنا، وبعد نصف ساعة أتى شاب وبدأ بإطلاق النار نحو البيوت وعلى الناس وأبي ما زال موجودًا عند عمي، والمشكلة هنا هي أنه ما ذنب المدنيين في أن يتم إطلاق النار عليهم وتهجيرهم".
يتابع، خرجنا من المخيم عن طريق الحسبة، إلى مدرسة للأونروا في صيدا، والدي ضرير، وأمي مريضة ضغط وسكري، كما أنني هربت عمتي الضريرة أيضا، وخسرنا كل شيء في البيت، ولا من يعوض علينا. الوضع ليس آمنًا، لأنه لا نعرف بأي وقت قد يحصل شيء.
بعد انتهاء الاشتباكات، أخذت والدي إلى صور ليعيش ولو بشكل مؤقت عند بيت جدي، لأنه ليس عندنا مياه ولا كهرباء، فأي اشتباك يحصل بشكل مفاجئ قد يؤثر على والدي، كما أن عدم وجود المياه والكهرباء في البيت يجعلنا لا نستطيع الإقامة في البيت، لقد حاولت تصليح قساطل المياه لكن تكلفتها 40 دولار، وطبعا أنا لا أعمل الآن.
وقال جهاد رميض، وهو أحد المتضررين من الاشتباكات التي حصلت: "لقد تعرض بيتنا لطلقات رصاص، خرب الانترنت وأشرطة الكهرباء، وقساطل المياه، لكننا عدنا إلى بيتنا، وبدأت بتصليح بعض الأمر في البيت. بيتنا لم يتضرر بشكل كبير كما تضرر منزل جارتنا الذي احترق بأكمله، وهي اليوم تسكن عند أخيها في سيروب لأنها لا تستطيع أن تسكن في منزلها".
أما فاطمة أم حسين المقيمة في المجمع بمخيم عين الحلوة، قالت: "أنا لم أترك بيتي ولم أذهب إلى أي مكان، لأنه ليس عندي أي مكان أذهب إليه، لكن لم تأتِ أية جمعية لإحصاء الأشخاص الذين بقوا في منازلهم لتقديم المساعدة لهم، فأنا زوجي مريض وهو بحاجة لأدوية، وما من أحد سأل عنا، ولا نعلم إلى متى سنبقى نعاني مما نعانيه اليوم.
وقال أبو أحمد، صاحب محل للحلويات: "لقد تضرر محلي، تكسر الزجاج وخربت الحلويات التي كانت في المحل، خسارتي المادية كبيرة، كما أنني لا أستطيع تصليح ما خرب عندي، لأنني عاطل من العمل حاليا، وكذلك لا أضمن الوضع الأمني، فأنا أخاف إن قمت بتصليح ما تضرر أن تحصل اشتباكات في المخيم من جديد، وفي الوقت نفسه ما من أحد يعوض علينا خسارتنا غير الله، كما أنه ليس هناك حركة في المخيم، فغالبية الناس لم يعودوا إلى منازلهم، فمنهم من ظل عند أقرباء له، ومنهم من استأجر منزل مع عدد من أهله.
ما تزال مأساة مخيم نهر البارد وشبح الحرب عليه وعلى سكانه، ماثلة في عقول أهالي مخيم عين الحلوة، والخوف من تكرار هذه المأساة فيه وفي مخيمات أخرى!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق