تحلّق الرفاق حول الرفيق "أبو السعيد الإيراني"، المحتفى به، في مكتب فرع لبنان بمخيم مار الياس، وسط العاصمة بيروت، صبيحة يوم 19/7 من الجاري، احتفاءً متواضعًا بالرفيق الذي نذر حياته، وصنع مجده وعمره وصاغ حكايته وقصصه، وحكمته وتجربته الثورية.
لقد قرر المكتب السياسي للجبهة أن يكرمه، فمنحة درع الوفاء، حيث قدم الدرع الرفيق مروان عبد العال، ومعه قيادة الجبهة في فرع لبنان إلى الرفيق ابو السعيد الذي وصفه بأنه الرفيق الجدير بالدرع، كان كذلك قبل أن يبعث برسالة مؤخراً مفعمةً بنكران الذات، التي تعبر عن القيم الصادقة والمبادئ الصلبة التي تستحق التكريم والتعميم والتعليم، التي ذكر فيها أن بقايا راتبه ومدخراته كافة، وبعد 40 عاماً من النضال، هي مرتجع للرفاق، لجبهته، ويكفيه كفاف يومه، فهو وما يمتلك وما يفيض عنه هو لمن يستحق، ولا حاجة له به، فهو جاء ليعطي وليس ليأخذ.
فكانت دلالة على استثنائيته التضحوية التضحية وقناعته المتينة بالعطاء والإيثار والالتحام بقضية فلسطين التي اجتاز من أجلها بلادًا وقرى ومدنًا وأزمنة إيرانية ابن (كوت عبدالله، عبادان..)،، ثم كانت مسيرته طلباً للعلم الى ألمانيا، ثم إلى بيروت، وعرفته تلال ووديان وأحراش وصخور جبال لبنان، يوم باع كل مقتنياته ليشتري سيارة ويأتي بها إلى لبنان، ملتحقاً بالمقاومة دفاعاً عن الثورة في لبنان، وتصدياً للغزو الصهيوني عام ١٩٨٢ والهدف والغاية بالنسبة له ظلت فلسطين، القضية الأسمى على الرتب والمراتب والمناصب، التي سكنته كأي فلسطيني، فكانت هويته النضالية وقضيته الثورية، وظل شاهدًا حيًّا في المخيم، وعليه وبين ناسه، رمزًا جسّد بالممارسة تلك الإنسانية النبيلة.
قد يكون ذلك استثناءً في زمن يتصارع فيه البعض على الإغراءات والمالية والمواقع القيادية، أراد أن يقدم مثلاً يحتذى ويستحق التقدير، ولم يكن هذا التصرف صدفة، فحياته أشبه بأنشودة وفاء للتآزر الإنساني والأممي، وهو سيظل درساً خالداً في تاريخنا الوطني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق