في خطوة لافتة في توقيتها، أطلقت «عصبة الأنصار الإسلامية» مبادرة مصالحات مجتمعية في عين الحلوة، وذلك بعد أحداث أمنية متنقّلة اتّخذت طابعاً فردياً أو عائلياً أو ثأرياً أو عشائرياً، بهدف حفظ الأمن والاستقرار في المخيّم والحفاظ على حقّ العودة، وتنفيس أجواء الاحتقان السائدة بين بعض أبناء الأحياء في المناطق وخاصة بين الصفصاف (حيث الثقل الإسلامي) والبركسات (حيث ثقل حركة فتح).
وتكتسب المبادرة أهمية خاصة كونها تأتي في ظلّ توافق سياسي فلسطيني عام، وتحديداً بين «فتح» والقوى الإسلامية ما يُمكّنها من تأدية مثل هذا الدور، وكونها تأتي من أحد الأطراف السياسية المنضوية في إطار هيئة العمل المشترك الفلسطيني في لبنان، التي تضمّ كل أطياف الفصائل الفلسطينية الوطنية منها والإسلامية، وتُعتبر المرجعية السياسية والأمنية والاجتماعية للمخيّمات.
ويقول الناطق الرسمي باسم العصبة الشيخ أبو شريف عقل لـ»نداء الوطن»: «لدينا مشروع كامل للمصالحات المجتمعية للعائلات في عين الحلوة بالتعاون مع القوى السياسية الفلسطينية كافة، وذلك من أجل حفظ أمن واستقرار المخيم والحفاظ على دماء الناس وأرزاقهم، وتحديداً في مخيّم عين الحلوة كونه عاصمة الشتات الفلسطيني وعنوان اللجوء، وأي تفريط بالأمن أو به يعني التفريط بحقّ العودة».
ويوضح أنّ المبادرة «عكست بوضوح ارتياحاً على كافة المستويات الفلسطينية واللبنانية السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية، وخصوصاً أنّ الناس قد وصلوا لمراحل من اليأس بسبب فوضى السلاح والأحداث الأمنية، ولا طاقة لهم لتحمّل أي ظروف قاسية أو إصلاح أضرار في ظلّ الظروف المعيشية الصعبة والأزمة الاقتصادية اللبنانية الخانقة».
وخلال الأشهر الماضية، شهد المخيّم استفزازات ومناوشات عدّة تخللها إطلاق نار، اتّخذت طابعاً عشائرياً ومناطقياً بين الصفصاف والبركسات على أثر خلافات قديمة عائلية وثأرية، وكادت تتحول اشتباكاً سياسياً، لولا سرعة تدخّل وتواصل قيادتي «فتح» والقوى الإسلامية لتطويقها من دون أن تتمكّن الجهود من وقفها نهائياً أو عدم تكرارها عند أقلّ الأسباب.
وشدّد الشيخ عقل على أنّه «لا بدّ من الانتهاء من معزوفة الصفصاف والبركسات، لأنّ أهلهما هم أهلنا وأبناء ملّتنا، لقد أُزهقت أرواح الناس وتدمّرت المنازل واحترقت الأرزاق والسيّارات بغير حق»، داعياً إلى «تعميم شعار التسامح والعفو والتعالي عن الجراح وتقديم شرع الله على كل شيء، لأنّنا أصحاب قضية ولا نستطيع الدفاع عنها، إن لم نكن موحّدين ونوجّه السلاح نحو فلسطين وحدها».
وتسود المخيم معادلة الأمن بالتراضي منذ عقود طويلة، منعت في وقتها من محاسبة المرتكبين والمُخلّين بالاستقرار على قاعدة الغطاء السياسي، ولكن في الآونة الأخيرة اتّخذ قرار بالإجماع على مستوى القيادة الفلسطينية الموحّدة بتسليم كل من يتورّط بأي إشكال يذهب ضحيته قتلى أو جرحى.
وقال الشيخ عقل: «نحن أطلقنا المبادرة ولكننا سنسعى إلى تحقيقها بجهد كل القوى، ونحن على يقين أن السفير الفلسطيني أشرف دبّور وكل طاقم السفارة سيسعون لذلك ولن يبخلوا بدفع المال لتحقيقها وعلى قاعدة أن لا غطاء لأحد بزعزعة أمن المخيّم واستقراره، فكل من يخطئ وينتمي للعصبة سيعاقب بحسب جرمه، وقد أثبتت الأحداث الأمنية أن العصبة تتبنّى هذا الدور بالعقاب والمحاسبة، وأيضاً ما تقوم به قوات الأمن الوطني الفلسطيني من محاسبة وخصم من الراتب لكل مخلّ بالأمن من عناصرها وتسليمه للسلطات اللبنانية».
وترجمة لهذه المبادرة، باشر وفد قيادي من العصبة بزيارة القوى الفلسطينية، حيث التقى رئيس تيار «الإصلاح الديمقراطي» في «فتح» العميد محمود عبد الحميد عيسى»اللينو» ثم وفداً قيادياً من حركة «حماس» على أن يلتقي باقي القوى وفي مقدّمها «فتح» والأمن الوطني لعرض التفاصيل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق