النشرة
تتدحرج دائرة الاستياء السياسي والشعبي في المخيمات الفلسطينية في لبنان، من أداء وكالة "الأونروا" في لبنان وتراجع خدماتها في ظلّ الأزمة الاقتصاديّة والمعيشيّة الخانقة، يرفض أبناؤها أن تدفن الإدارة رأسها في الرمال كما تفعل "النعامة" كي لا ترى ما يجري حولها، فيما الحقيقة في كل يوم تزداد معاناتهم وحصارهم بالمشاكل التي لا تنتهي بدءاً من الكهرباء وصولا إلى النفايات.
وتؤكد مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، أن "الأونروا" هي المسؤولة المباشرة عن البنى التحتية والخدماتية في المخيّمات، والتي تشمل كل ما يتعلق بحياة الناس اليومية، لجهة جمع النفايات وتأمين الكهرباء والمياه وتعبيد الطرقات وصيانة الآبار وسواها، غير أن العُرف في المرحلة السابقة والبحبوحة لدى القوى الفلسطينية أعفاها من تحمل بعض هذه المسؤوليات أو كلفتها المالية مثل: الكهرباء وتعبيد الطرقات وتأمين المقابر وسواها.
اليوم، مع تفاقم الأزمة الاقتصادية، بدأت بعض الأصوات اللبنانية تطالب ببدل مادي عن توفير الخدمات وآخرها الكهرباء عبر تصريحات وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض، حيث أكد فيها أنه لم يعد باستطاعة الدولة اللبنانيّة تأمين الطاقة لمخيمات اللاجئين والنازحين مجاناً، فيما حصل التباس حول قضية النفايات من مخيّمات بيروت الثلاثة صبرا، شاتيلا وبرج البراجنة.
وكشف الباحث الفلسطيني علي هويدي لـ"النشرة"، أن الالتباس يتمثل بأن بلدية الغبيري وفي ظل الأزمة المالية التي تعيشها جراء عدم قبض مستحقاتها المالية من صناديق الدولة المختلفة، وجهت رسالة إلى وكالة "الأونروا" تطلب فيها المساعدة لاستمرار جمع النفايات الصلبة حول المخيمات الثلاثة، ولم تتضمن أيّ قرار بوقف رفعها، على اعتبار أن الوكالة هي التي تقوم بالمهمة من داخل المخيمات ولا تنوي وقفها، بينما بلدية الغبيري أشارت أنه بعد 15 حزيران لن تكون قادرة على جمع النفايات نتيجة الأزمة المالية وبالتالي لا علاقة للمخيمات الفلسطينية بذلك.
وشدّد هويدي على أنّ البنى التحتية داخل المخيمات هي مسؤولية "الأونروا" على اعتبارها المعنية برعاية اللاجئين وتشغيلهم، وأن أي بدل مالي يجب أن يُناقش مع الجهات المعنية فيها أولاً، ومع القوى الفلسطينية–"هيئة العمل الفلسطيني المشترك" و"لجنة الحوار اللبناني–الفلسطيني"، في إشارة إلى قضية فواتير الكهرباء المطروحة اليوم، علمًا أن بعض المخيمات ومنها "نهر البارد، البداوي، مار إلياس والضبية" ما زالت تدفع الفواتير على غرار اللبنانيين.
ووفق معلومات "النشرة"، فإن من المقرر أن يشارك الوزير فياض في الاجتماع الذي سيُعقد اليوم (الإثنين) مع المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية عمران ريزا، للبحث في كيفية تحميل المنظمة الدولية دفع فواتير مخيّمات النازحين السوريين، خاصة أن مؤسسة كهرباء لبنان، أنهت تركيب العدّادات لها، وبات في إمكانها إصدار الفواتير لدفعها، لأنّه لم يعد بالمقدور تأمين الطاقة لهذه المخيمات مجانًا. بعدما لوّح في وقت سابق في تصريح تلفزيوني، بقطع التغذية الكهربائيّة عن مخيمات اللاجئين الفلسطينيين أيضا، في حال لم تدفع ثمن التغذية.
وتؤكد أوساط "اللجان الشعبية الفلسطينية" لـ"النشرة"، أن تحميل اللاجئين الفلسطينيين في المخيّمات أي أعباء ماليّة إضافيّة، يعني زيادة الضغط المعيشي على حياتهم ما سيؤدّي إلى انفجار اجتماعي بعدما زاد معدل الفقر إلى 93 % ونسبة البطالة إلى 80 %. وتراجع "الأونروا" عن تحمل المسؤولية تجاه الأزمات الإنسانية وزيادة حجم المساعدات الإغاثيّة والنقديّة تحت مبررات العجز المالي في الموازنة، محمّلة مسؤولية تأمين التمويل المترتّب سداده عن بدلات خدمات الكهرباء في المخيّمات إلى "الأونروا" بالتنسيق مع الدولة اللبنانية والمجتمع الدولي لأنها مسؤولية مشتركة.
وأعطت الأوساط مؤشّرا خطيرا على مدى تدهور الأوضاع الاقتصاديّة والاجتماعيّة للاجئين الفلسطينيين، بأن عدد المتقدمين لوظيفة "عامل تنظيفات" في "الأونروا" قد بلغ 30 ألف طلب، بينما العدد الفعلي للاجئين المقيمين في لبنان لا يتجاوز الـ300 ألف لاجئ، وهذه الوظيفة تعتبر الأقل مرتبة في سلم الوظائف وكانت في فترة من الفترات تعتبر غير محببة للكثير.
بالمقابل، يقول مسؤول "دائرة وكالة الغوث في الجبهة الديمقراطية" فتحي كليب أن مشكلة كهرباء المخيمات هي قديمة ولا يُمكن معالجتها بقرار إداري لبناني، لأنّ الأمر يتطلب تفاهما مع المرجعيات الفلسطينية المختلفة، وهو أمر جرى بحثه أكثر من مرة في اجتماعات لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني مع هيئة العمل الفلسطيني المشترك، وكان هناك توافق بين الجميع على الدفع، رغم غياب أيّ آلية محددة وواضحة حول الطريقة والجهّة التي ستتولى عمليّة الجباية أو تسديد حصة المخيمات من الكهرباء، خاصة بعد أن أعلنت "الأونروا" أنّها غير معنية لا بجباية من اللاجئين ولا بدفع الرسوم المتوجبة على المخيمات.
وأكد كليب أن معالجة مسألة كهرباء المخيمات أمر ممكن التحقيق إذا ما توافرت الجدّية والإرادة، بعيدا عن التسييس والتحريض والاستغلال السياسي، وعلى قاعدة المعالجات التقنية المستندة إلى خطط واقعية نابعة من دراسات علمية لواقع الكهرباء في لبنان وعلاقة المخيمات بها. وعلى هذه الخلفية لا يجوز الحديث عن المخيّمات كسلّة واحدة لجهة تغذيتها بالتيار الكهربائي، ومن الخطأ أصلاً وضعها في خانة تقييمية واحدة، لأنها تنتشر على جميع الأراضي اللبنانية من الجنوب إلى الشمال مرورا ببيروت والبقاع، وبالتالي تختلف وضعية كل مخيم عن الآخر باختلاف تعاطي المؤسسة مع هذا المخيم أو ذاك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق