الملف النووي الإيراني ما بين التحذيرات الامريكية والتهديدات الإسرائيلية

 

محمد أبو ليلى 

▪️قال المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، اليوم السبت الماضي 20 أيار، إن "المرونة مطلوبة في حالات ضرورية، لتخطي العقبات الصعبة والصخرية ولاستكمال الطريق". ويأتي كلام المرشد،  في الوقت الذي سرّبت بعض المعلومات عن تطورات مهمة جدًا حول ملف الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية وعن أن هناك تقدم ملحوظ، لا ترغب الولايات المتحدة الأمريكية الكشف عنه في الوقت الحالي.
▪️ولكن على الدفة الأخرى من المشهد،  صعّدت "إسرائيل" بدورها من تهديداتها باستهداف المنشآت النووية في إيران وأحدثت "زوبعة" من التصريحات،  منها ما قاله رئيس مجلس الأمن القومي "الإسرائيلي" تساحي هنغبي "إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيحصل على دعم لضرب منشآت إيران النووية إذا استنفدت كل الطرق". بدوره، قال  رئيس أركان الجيش "الإسرائيلي" أفيف كوخافي " لدينا القدرة على ضرب إيران، ولسنا غير مبالين بما تحاول إيران بناءه من حولنا".
▪️اللافت، أنه سبق هذه "الزوبعة"، ما نشره موقع "أكسيوس" (Axios) الأميركي -نقلاً عن مسؤولين أميركيين و"إسرائيليين"- إن إدارة بايدن اقترحت على "إسرائيل" قبل أسابيع قليلة فكرة الانخراط في تخطيط عسكري مشترك بشأن إيران، لكن تل أبيب تنظر بشك إلى الاقتراح. ويقول المسؤولون الأميركيون إن الاقتراح "غير مسبوق" ويمكن أن يرفع مستوى التعاون العسكري بين الولايات المتحدة و"إسرائيل" بشكل كبير.
▪️أيضًا، ما هو لافت، أنه وفي ونهاية أبريل/نيسان الماضي، نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" (Wall Street Journal) الأميركية عن مسؤولين أميركيين أن الجيش الأميركي أرسل إلى الشرق الأوسط مقاتلات هجومية مزودة بقنابل خارقة للتحصينات بهدف ردع إيران. 
▪️حديثًا، تشير صور أقمار صناعية نشرتها وكالة الصحافة الأمريكية أسوشيتد برس، إلى أن إيران تبني منشأة نووية تحت أرضية جديدة قرب قمة جبال زغروس، بحيث تكون عصية حتى على القذائف خارقة التحصينات الأكثر تطورًا لدى الولايات المتحدة، من ضربها.
▪️بالمقابل، قال مسؤول إيراني مطلع "إن أي اعتداء عسكري على المنشآت النووية لبلاده سيقابل برد واسع وغير مسبوق، مؤكدًا أن تخصيب اليورانيوم في إيران يجري عند عتبة 60%، وأن كلام "إسرائيل" مجرد تحريض ودعاية. 
▪️هذا وقد دفعت التهديدات "الإسرائيلية" إيران للكشف عن صاروخ "خيبر" بعيد المدى. وقال الجنرال مهدي فرحي نائب وزير الدفاع الإيراني إن صاروخ خيبر يبلغ مداه 2000 كيلومتر ويصل إلى الهدف خلال 12 دقيقة.
▪️وفيما تحاول "إسرائيل" أن تعزز من قدراتها  الأمنية والإستخباراتية داخل إيران، كشف وزير الاستخبارات الإيراني إسماعيل خطيب عن اعتقال أجهزة الأمن الإيرانية مجموعة "إرهابية" مرتبطة بـ "إسرائيل" مؤخرًا على الحدود الغربية للبلاد. ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن خطيب قوله إنه "تم القبض على مجموعة إرهابية مرتبطة بالنظام الصهيوني دخلت البلاد من الحدود الغربية". علمًا أنه ليست المرة، إذ كشفت الأجهزة الأمنية إيرانية عن شبكات "إسرائيلية" أخرى تم القبض عليها.
 خلاصات واستنتاجات:
▫️التعزيزات العسكرية الأمريكية في المنطقة ليست بالجديدة، وانما تأتي في سياق إعادة التموضع الإستراتيجي في الشرق الأوسط. كما وتأتي في سياق استعادة التموضع الجيو – إستراتيجي الأمريكي في الخارطة العالمية، نظرًا لتصاعد  النفوذ الصيني الاقتصادي والتكنولوجي من جهة، وكبح جماح قوة الدفع الروسية من جهة أخرى.
▫️أيضًا، التهديدات "الإسرائيلية" تجاه إيران ليست بالجديدة، وإن كانت أكثر حدة هذه المرة. أما عن الدوافع "الإسرائيلية" من رفع منسوب التهديد تجاه إيران، فيمكن الإشارة إلى عدة محددات  أهمها، أن "إسرائيل" لن تتقبل وجود قوة نووية غيرها في المنطقة، و"إسرائيل" ترى أن حيازة إيران على القنبلة النووية يشكل "خطرًا إستراتيجيًا" على وجودها، وتشكك "إسرائيل" بمصداقية القيادة الإيرانية وهي غير مؤمنة بالسلوك الأمريكي الدبلوماسي لحل الملف النووي الإيراني بالوسائل الناعمة.
▫️إيران هي الأخرى تعاني من حصار اقتصادي خانق، وعليه، تتعالى الدعوات في إيران من نخبة خارج إطار السلطة، إلى ضرورة إحياء هذا الاتفاق سبيلاً للخروج من الأزمة الاقتصادية، وربما تصريح المرشد تأتي في هذا السياق، إذ طالب بالمرونة في السياسية الخارجية دون أن تتعارض مع الثوابت.
 أمام كل ما سبق:
 ما زال الملف النووي الإيراني في مرحلة التدافع الناعم والخشن "عرض عضلات" بين الاطراف المعنية بشكل مباشر أو غير مباشر. 
 لاشك أن هناك معلومات متضاربة حول قرب اعادة احياء المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة الامريكية، رغم أن لدى كِلا الطرفين "الأمريكي والإيراني" مصلحة في ذلك.
من المستبعد أن تقوم "إسرائيل" بشن أي ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية -في المدى المنظور على أقل تقدير-  وأن مثل هكذا خيار لا يمكن أن يتم دون موافقة الولايات المتحدة الأمريكية التي تريد هدوء في الشرق الأوسط نظرًا لاهتمامها بملفات أخرى أكثر أهمية وتعقيدًا (الصين – روسيا).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق