أزمات غزة مستمرة، ولا حلول في أفق لنمو اقتصادها

 


أ.د. سمير مصطفى أبو مدلله
محاضر في جامعة الأزهر- غزة
عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
 
تعرض الاقتصاد الفلسطيني نتيجة الاحتلال الإسرائيلي للعديد من الانتكاسات حظي قطاع غزة بالحصة الأكبر منها بسبب موقعه الجغرافي -المحصور بين البحر غربًا والاحتلال الإسرائيلي شرقاً وشمالاً ومصر جنوبًا-، وهذا الذي سهل إغلاقه وحصاره.
    فمنذ فوز حركة حماس بالأغلبية بالانتخابات التشريعية وتشكيلها للحكومة العاشرة عام 2006، ومن ثم سيطرتها بقوة السلاح على قطاع غزة عام 2007، فرضت إسرائيل وأطراف دولية أخرى الحصار الشامل على الحكومة الفلسطينية العاشرة وحركة حماس المسيطرة على القطاع حينذاك، وأصبح القطاع يفتقر إلى كافة مقومات الحياة بمختلف مناحيها، بسبب عزله بأكمله عن العالم الخارجي، الأمر الذي انعكس بشكل سلبي ومباشر على معظم مؤشراته الاقتصادية والاجتماعية.
    إن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية تفاقمت في قطاع غزة بفعل قيام السلطة الفلسطينية منذ العام 2013 بوقف الترقيات والعلاوات عن موظفيها في غزة ما أدى لتراجع القوة الشرائية، وتأثيره بشكل جزئي على المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية في القطاع. أما في عام 2017 قامت السلطة الفلسطينية بتطبيق قانون التقاعد الإجباري على قرابة 18000 موظف، وبخصم حوالي 50% من رواتب موظفيها التي هي في الأساس متآكلة نتيجة توقف العلاوات والترقيات وصرف غلاء المعيشة منذ العام 2013 ما فاقم الأوضاع المعيشية والإنسانية والاقتصادية.
        يضاف إلى ما سبق أن متوسط الرواتب في القطاع الخاص في غزة لم يتخطى 800 شيكل، أي أنه لم يصل إلى الحد الأدنى من الأجور الذي يقدر بـ 1880 شيكل، وبهذا المتوسط المتدني من الرواتب لا تزال نسب البطالة في أعلى مستوياتها في ظل العرض المرتفع من الأيدي العاملة وغياب فرص التشغيل. كل ذلك وأكثر انعكس بشكل مباشر على النشاط الاقتصادي والإنتاج، وتراجعت القدرة الشرائية بشكل كبير، وسادت حالة ركود عامة أصابت مختلف القطاعات الاقتصادية.
وبالنظر إلى أهم المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية نجد أن معدل التغير السنوي في الناتج المحلي الإجمالي في فلسطين للعام 2022 بالأسعار الثابتة لعام 2015 قد بلغ حوالي 3.6% فقط مقارنة بـ 7% بالعام 2021، وذلك بسبب التوقف شبه التام للدعم الخارجي المخصص للموازنة الفلسطينية واستمرار قرصنة دولة الاحتلال لأموال المقاصة الفلسطينية واقتطاع ما يوازي ذلك مصروفات الشهداء والجرحى والأسرى، بالإضافة إلى تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وما رافقها من ارتفاع أسعار المواد الأساسية. وهذا كله انعكس بشكل متفاقم على قطاع غزة، إضافة للأسباب المذكورة سابقاً فإن قطاع غزة يعاني أصلاً حالة ركود ناجمة عن تدهور حصيلة الناتج المحلي الإجمالي عقب تواصل انخفاض الإنفاق الحكومي بالإضافة إلى استمرار الانخفاض في معدلات الاستثمار الناتج عن العدوان واستمرار الحصار المفروض على القطاع، فضلاً عن تراجع معدلات الدعم الخارجي الموجه نحو المشاريع التطويرية وكذلك نحو الأونروا. كل ذلك أدى إلى تراجع معدلات النمو في الناتج المحلي الإجمالي في قطاع غزة ليحقق انخفاضاً هو الأدنى في السنوات الثمانية الأخيرة بواقع 2,767 مليار دولار.
من ناحية أخرى كان للجانب السياسي النصيب الأكبر في التأثير على الوضع الاقتصادي في الضفة الغربية، حيث القرارات الأميركية المتتابعة ضد القضية الفلسطينية وما تبعها من الموقف الغربي والأميركي وتقليص الدعم الأوروبي في دعم موازنة السلطة الفلسطينية وتقليص المنح التطويرية.
أما نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في فلسطين في العام 2022 بلغ نحو 3,045 دولار مرتفعاً بنسبة 4.2% عن العام 2021، وفي الضفة الغربية كان النمو بنسبة 5.1% بواقع 4,410 دولار، أما قطاع غزة فقد ارتفع بنسبة 0.5% ليصل أدنى مستوى له على الإطلاق بواقع 1431 دولار، وهو ما يشكل حوالي ثلث متوسط دخل الفرد في الضفة الغربية.
وقد حققت مكونات الطلب الكلي تطورات سلبية عام 2022، وذلك نتيجة لاستمرار سيطرة الاحتلال على منافذ التجارة والإجراءات المرتبطة بالاستيراد والتصدير فضلاً عن الكثير من العوامل التي أثرت سلباً على القدرة التنافسية للسلع الفلسطينية منها الإغلاق الذي واكب جائحة كورونا ومن ثم تبعات الحرب الروسية الأوكرانية التي رافقها شح في توريدات الطاقة وارتفاع أسعار السلع الأساسية، ومن جانب التجارة تمثلت هذه التطورات في تزايد العجز التجاري إلي أكثر من 37% من الناتج المحلي الإجمالي بسبب استمرار الضعف في الصادرات مقابل ارتفاع في الواردات بحوالي ثلاثة أضعاف الصادرات، على الرغم من تحقيق الصادرات نمو بنسبة 7.9% إلا أنها لم تستطع مواجهة الواردات وسد الفجوة فيما بينها، والتي بدورها نمت أيضاً بنسبة 7%، علاوة على أن نمو الواردات بوتيرة أسرع من الصادرات انعكست بشكل سلبي على الميزان التجاري مؤدية إلى تعميق العجز وتفاقمه ليصل إلى أكثر من ثلث الناتج المحلي الإجمالي، وهو يعود إلى سيطرة إسرائيل على المعابر وكافة المعيقات التي تعرقل بها العملية التجارية من ارتفاع تكاليف النقل والشحن وغيرها، إضافة إلى غياب السياسات الحكومية الداعمة للمنتج الوطني في ظل المنافسة مع المنتجات الإسرائيلية.
على صعيد قطاع غزة شهدت غالبية مكونات الطلب الكلي تراجعاً للعام الثاني على التوالي، الأمر الذي أوقع الاقتصاد الغزي في حالة ركود، حيث استمر الانخفاض في الإنفاق الحكومي بنسبة 4.2%، كذلك الاستثمار انخفض بنسبة 13.4%، وقد استمر التباطؤ في نمو معدلات الاستثمار نتيجة لخطورة البيئة الاستثمارية في القطاع، التي تعتبر غير جاذبة أو حتى محفزة للاستثمار، الأمر الذي انعكس على رأس المال الاستثماري بشكل سلبي وعمل على تراجع دخوله في أي استثمارات جديدة.
كما انعكست الضغوط التضخمية وارتفاعات الأسعار عالمياً تدريجياً على مستوى الأسعار المحلية، خاصة وأن فلسطين تستورد معظم استهلاكها من السلع والخدمات من الخارج، مما تسبب في ارتفاع المستوى العام للأسعار على مدار العام 2022، وليبلغ معدل التضخم في فلسطين حوالي 3.8% مقارنة مع العام 2021. ويعتبر هذا المعدل الأعلى منذ نحو عشر سنوات.
أما فيما يخص سوق العمل فقد بلغ عدد العاملين ما يقارب 1.133 مليون عامل بواقع 655 ألف في الضفة و285 ألف في قطاع غزة و 193 ألف في إسرائيل والمستوطنات، حيث أن 54% من مجموع العاملين يعملون في القطاع الخاص مقابل 24% في القطاع الحكومي و22% يعملون في إسرائيل مقابل 367 ألف عاطل عن العمل، منهم 65% في قطاع غزة، وبالرغم من التحسن في أعداد العاملين مقارنة مع الأعوام السابقة إلا أن معدل البطالة في السوق الفلسطيني انخفض إلى حوالي 24% في العام 2022 مقارنة بـ26.9% في العام 2021، ويعود الارتفاع في معدل البطالة إلى الارتفاع الكبير في معدلاتها بقطاع غزة حيث ما يقارب نصف المشاركين في القوى العاملة 45.3% هم عاطلون عن العمل مقارنة بـ13.1% في الضفة الغربية، وما زال التفاوت كبيراً في معدل البطالة بين الذكور والإناث؛ حيث تبلغ 21٪ بين الذكور و39% بين الإناث، ويذكر أن البطالة بين الخريجين الشباب (20-29) سنة من حملة شهادة الدبلوم المتوسط فأعلى بلغت 48% بواقع 28% في الضفة الغربية و73% في قطاع غزة. الجدير ذكره أن نسبة البطالة في المخيمات الفلسطينية هي الأعلى حيث بلغت 38.6% مقابل 27.4 في الريف و15.6% في المدن، وهذا إن دل فإنما يدل على زيادة عدد الباحثين عن عمل في فلسطين، وتدنى قدرة سوق العمل في القطاع على استيعاب العمالة الجديدة بفعل الحصار، مقابل مساهمة سوق العمل في إسرائيل والمستوطنات في استيعاب أعداد كبيرة من العاملين في الضفة الغربية.
ويضاف إلى ما سبق أن ما نسبته 63% من العمال في قطاع غزة يعملون لدى القطاع الخاص مقابل 81% من العمال في الضفة الغربية يعملون في نفس القطاع، الأمر الذي يعكس اعتماد قطاع غزة على القطاع العام أكثر من الضفة مما يلقي الضوء على تضخم القطاع الحكومي في غزة ما بعد مرحلة الانقسام.
وفيما يتعلق بنسب الفقر وصلت في فلسطين إلى 29.2% بواقع 13.9% في الضفة الغربية وحوالي 53% في قطاع غزة، وبالمقارنة مع عام 2011 تكون نسبة الفقر في فلسطين ارتفعت بنحو 13.2%، ونضيف هنا أن حوالي 80% من سكان قطاع غزة يتلقى على الأقل شكل من أشكال المساعدات الأمر الذي ينذر بأزمة حقيقة قد تنعكس على كافة مجالات الحياة.
أما إيرادات المقاصة فقد حققت انخفاضاً ملحوظاً رافقه انخفاض في المنح والمساعدات الخارجية، الأمر الذي أدى إلى تراجع في الإيرادات العامة والمنح، وتستحوذ إيرادات المقاصة على ما نسبته 62.7% من الإيرادات العامة وإيرادات الجباية المحلية بلغت 37.3%، وبالمجمل حققت الإيرادات العامة انخفاضاً نسبته 3.6% في العام 2022 مقارنة بالعام 2021، كذلك المنح والمساعدات انخفضت بنسبة 7.1% لنفس الفترة، وعلى صعيد آخر شهد الإنفاق العام انخفاضاً بسبب انخفاض بند الأجور والرواتب، ويمثل الإنفاق الجاري حوالي 92.9% من إجمالي الإنفاق العام (42.1% أجور ورواتب، 42.8% إنفاق على غير الأجور، 6.8% صافي الإقراض، 1.2% مدفوعات مخصصة)، وفي نهاية العام 2021 بلغ الدين الحكومي على السلطة الفلسطينية ما يعادل3,848.1 مليار دولار مقارنة مع 3,649.2 مليار دولار في العام 2020، كما بلغت نسبة الدين العام 18.5% من إجمالي الناتج المحلي الفلسطيني خلال الربع الثاني من العام 2022.
لقد عملت إسرائيل منذ انشاء السلطة الفلسطينية على اضعاف اقتصاد قطاع غزة سواء بالعدوان أو الحصار أو السيطرة على المعابر ومنع دخول المواد الخام تحت دواعي أمنية، وهذا يأتي ضمن سياستها طويلة الأمد بجعل التنمية الاقتصادية مستحيلة، فأصبح اقتصاد قطاع غزة هو اقتصاد الفقراء، وعليه فإن استمرار صرف المنحة الأميرية القطرية تعد استراتيجية لإبقاء منظومة الفقراء وهذا يضاف إلى المساعدات المقدمة من برنامج الغذاء العالمي والأونروا ووزارة التنمية الاجتماعية، وتزايدت أعداد مشاريع الفقراء (بائعو السجائر أو المشروبات أو مواد التنظيف) وأصبحوا يشكلوا نسبة كبيرة من اجمالي العمال وأصبحوا منظومة عمل تتعرض للاضطهاد، وتزايدت المنح والمساعدات ذات الجانب الإنساني والإغاثي وأصبح جُل الغزيين يعتمدون على المساعدات سواء النقدية أو العينية أو مزيج منها. وبرزت بالسنوات الأخيرة إشكالية توزيع الدخل والثروة حيث تم خلق مجتمع يعاني من تراجع مستويات العدالة الاجتماعية، حيث برزت سلطة الاحتكارات والتغول على قوت الشعب دون رقيب أو حسيب وصولاً إلى تعاظم مفاهيم الرأسمالية المتوحشة، ورغم الحصار والعدوان إلا أن بروز زواج المتعة القائم على المصلحة بين السلطة التنفيذية ومقربين من الحكم ورأس المال استغلوا السلطة لتحقيق ثراء فاحش حيث تكدست الثروة في أيدي فئة قليلة ولم توظف في مشاريع إنتاجية.
وفي ظل استمرار موجة التضخم العالمية، والتشدد في الأوضاع النقدية، وتفاقم المشاكل المتعلقة بسلاسل التوريد، خاصة من السلع الأولية والأساسية، جراء استمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا، فإن النتائج تشير إلى استمرار التباطؤ في أداء الاقتصاد الفلسطيني للعام 2023، مدفوعاً بتزايد حالة عدم اليقين الناتجة عن الوضع المالي للحكومة، والارتفاع الملحوظ في مستويات الأسعار المحلية، وتراجع القوة الشرائية للدخل الفردي، ومن المتوقع تحقيق الاقتصاد الفلسطيني لمعدل نمو يصل إلى حوالي 2.5% خلال العام 2023، مقارنة مع نمو قُدر بحوالي 3.6% خلال عام 2022، مدفوعاً بنمو الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري والصادرات وتحسن القيمة المضافة لغالبية الأنشطة الاقتصادية، وأن يرافق هذا الأداء انخفاض طفيف في معدلات البطالة مقارنة في العام 2022، مع بقاء مستوى الدخل الفردي دون تغير يذكر.
إن تردي الوضع الاقتصادي يعود لتراجع القطاعات الإنتاجية وعلى رأسها الصناعة والزراعة لصالح قطاع الخدمات وسوء الأداء الاقتصادي للسلطة، يضاف إليه اتفاق باريس الاقتصادي الذي كرس التبعية للاقتصاد الإسرائيلي ووضع قيوداً على الاقتصاد الفلسطيني وربطه بغلاف جمركي موحد وجرده من أدواته وسياساته النقدية، يضاف إلى ما سبق الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة منذ العام 2006 والانقسام الفلسطيني الفلسطيني وتبعياته السلبية على كافة مناحي الحياة.
 
أمام ما سبق نستخلص التالي:
1.       يلعب الحصار المشدد والعدوان المتواصل على غزة، والذي يستهدف منشآت صناعية وزراعية وخدماتية، دوراً في تردي الأوضاع في القطاع، غير أن السلطة القائمة في غزة لا تملك بدورها رؤية للتنمية مغايرة عن نطاق السياسة العامة التي تسير عليها السلطة الفلسطينية بشكل عام.
2.       تراجع في معدلات الناتج المحلي الإجمالي في قطاع غزة ليحقق انخفاضاً يجعل مستوى الناتج في أدنى مستوى له منذ ثمانية أعوام بواقع 2,6 مليار دولار.
3.       انخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 9.5% ليصل أدنى مستوى له على الإطلاق بواقع 1,431.4 دولار، وهو ما يشكل حوالي ثلث متوسط دخل الفرد في الضفة الغربية.
4.       شهدت غالبية مكونات الطلب الكلي تراجعاً للعام الثاني على التوالي الأمر الذي أوقع الاقتصاد الغزي في شرك الركود، حيث استمرار الانخفاض في الإنفاق الحكومي والاستثمار.
5.       استمرار التباطؤ في نمو معدلات الاستثمار نتيجة لخطورة البيئة الاستثمارية في القطاع، التي تعتبر غير جاذبة أو حتى محفزة للاستثمار، الأمر الذي انعكس على رأس المال الاستثماري بشكل سلبي وعمل على تراجع دخوله في أي استثمارات جديدة.
6.       لا يزال حجم التجارة الخارجية دون مستوياته قبل الحصار، علاوة على أن نمو الواردات بوتيرة أسرع من الصادرات انعكست بشكل سلبي على الميزان التجاري مؤدية إلى تعزيز العجز وتفاقمه ليصل إلى أكثر من ثلث الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يعود إلى سيطرة اسرائيل على المعابر وكافة المعيقات التي تعرقل بها العملية التجارية من ارتفاع تكاليف النقل والشحن وغيرها.
7.       ارتفاع معدلات البطالة في قطاع غزة لتصل إلى 45.3% وارتفعت نسبة الفقر والفقر المدقع لتصل إلى 53%.
8.       يعمل حوالي 63% من العمال في قطاع غزة لدى القطاع الخاص مقابل 81% من العمال في الضفة الغربية يعملون في نفس القطاع، الأمر الذي يعكس اعتماد قطاع غزة على القطاع العام أكثر من الضفة مما يلقي الضوء على تضخم القطاع الحكومي في غزة ما بعد مرحلة الانقسام.
9.       بلغ الدين العام على السلطة الفلسطينية في نهاية العام 2021 ما يعادل 3.848.1 مليار دولار، وهو ما يؤكد أن هناك أزمة اقتصادية وأزمة مالية حقيقية، ودخول الاقتصاد في أزمة خسائر سنوية متفاقمة.
10.   ساهمت الإجراءات والسياسات العقابية للسلطة الفلسطينية بحق قطاع عريض من موظفي السلطة إضافة إلى ضرائب ورسوم حكومة غزة في اضعاف الاقتصاد، حيث تحمل الفقراء وأصحاب الدخل المحدود أعباء إضافية بسبب هذه الأزمة.
 
وفي ضوء تلك المعطيات والاستخلاصات لا بد أن نوصي بالتالي:
1.       ضرورة إتباع نهج متوازن في معالجة الأوضاع في غزة، يجمع بين التدابير الفورية لمواجهة الأزمة، وخطوات لإيجاد بيئة مواتية للتنمية المستدامة، مثل ضمان استمرار الخدمات الأساسية كالطاقة، والمياه، والصرف الصحي، والرعاية الصحية، والتي لها أهمية بالغة لمصادر كسب الرزق للسكان، وللاقتصاد كي يعمل ويؤدي وظائفه.
2.       الحاجة إلى زيادة القوة الشرائية للأسر لتمكينها من العودة إلى النشاط الاقتصادي الأساسي، وتعزيز مصادر كسب الرزق التقليدية عن طريق توسيع منطقة صيد الأسماك بعد حد الأميال الثلاثة الذي ينطوي على قيود شديدة، وصولاً إلى منطقة عشرين ميلاً التي اتفق عليها في تسعينيات القرن الماضي.
3.       على المجتمع الدولي الضغط على إسرائيل لدعم بيئة مواتية للنمو الاقتصادي عن طريق رفع القيود على التجارة، والسماح بحركة السلع والناس والتي بدونها لن يتحسن الوضع الاقتصادي في غزة أبداً.
4.       ينبغي على السلطة الفلسطينية أن تشرع في انتهاج السياسات وتنفيذ المشروعات اللازمة للتنمية الاقتصادية المستدامة، ومن ذلك دعم التجارة في الخدمات الرقمية التي يمكن أن تلعب دورًا رئيسيًا في الفترة الانتقالية، وضرورة تحقيق انتعاش اقتصادي قادر على الاستمرار.
5.       الإسراع في اتخاذ التدابير اللازمة لفك وإزالة الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة، وإنهاء الانقسام وكافة مظاهره ومضامينه، وتشكيل حكومة موحدة في الضفة الغربية وقطاع غزة ذات صلاحيات كاملة من أجل إقامة شراكات ثنائية ومتعددة مع المانحين لإعادة الإعمار وإعادة تأهيل البنى التحتية الخاصة بقطاع غزة، وإعادة إنشاء الشبكات التجارية والإنتاجية بين الضفة الغربية وقطاع غزة، لما لذلك من أهمية في تحفيز النشاط الاقتصادي وخلق فرص عمل مولدة للدخل.
6.       ضرورة العمل على تحسين البيئة الاستثمارية وخلق المناخ الاستثماري المشجع لجذب مختلف الاستثمارات.
7.       تقليص الاعتماد على المساعدات الخارجية والتخلص تدريجياً من التبعية والارتهان للاقتصاد الإسرائيلي.
8.       تنمية القطاع الخاص وتفعيل دوره التنموي من خلال القوانين وتسهيل الإجراءات الإدارية وغيرها.
9.       إعادة النظر بالسياسات المالية الحكومية من خلال تحفيز الطلب وإعادة النظر بسياسة الأجور ووضع حد أدنى وحد أعلى للأجور لتقليص التفاوت في المجتمع.
10.  بناء نظام اقتصادي سوّي وعادل يضع حد للاحتكارات ويقوم بتمويل التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتبني مفاهيم الاقتصاد المنتج والمقاوم، وإعادة النظر بالاقتصاد الاغاثي واستبداله بالعمل المنتج والبدء بدعم المشاريع التنموية الصغيرة كالتعاونيات ومشاريع الثروة الحيوانية والنباتية للخريجين والفقراء، من خلال قروض ميسرة بعيداً عن استغلال البنوك وكذلك بعض المرابين الذين انتشروا بالسنوات الماضية.
11.  إن الحلول الجذرية لاقتصاد قطاع غزة أمراً مستحيلاً في ظل الاحتلال والانقسام وسيطرة إسرائيل على الموارد والمعابر، وبالتالي تخفيف حدة المشكلة الاقتصادية في المرحلة الحالية من خلال تبني الاقتصاد المنتج والعدالة الاجتماعية وتمويل المشاريع الصغيرة وإعادة النظر بسياسة محاباة رؤوس الأموال على حساب الفقراء والتنمية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق