بالرغم من مرور 75 عامًا على النكبة الفلسطينية إلا أن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وسوريا لا يزالون يعيشون النكبة تلو الأخرى، في ظل ظروف معيشية واقتصادية صعبة للغاية، ولا يصبرهم على شظف العيش سوى الأمل بالعودة يومًا لديارهم التي هجروا منها قسرًا. فاللاجئون الفلسطينيون في لبنان هم الأكثر معاناة من بين اللاجئين في الشتات، في أسباب تعود بالدرجة الأولى لتعامل الدولة اللبنانية معهم التي لم تمنحهم أي حقوق اقتصادية واجتماعية بل حرمتهم من العمل في عشرات الوظائف ما جعل الوضع الاقتصادي لهم في غاية السوء. وهذا الحال يزداد من سيئ لأسوأ في ظل الأوضاع الصعبة التي تعيشها لبنان أساسًا التي تعصف بها منذ عدة سنوات أزمات اقتصادية وسياسية من الأسوأ عالميًا، لينعكس ذلك بدوره على 550 ألف لاجئ فلسطيني في لبنان (بحسب إحصائيات أونروا الرسمية) كما يبين المدير العام للهيئة (302) للدفاع عن حقوق اللاجئين في لبنان. ويزيد بالقول: "على أرض الواقع فإن أعداد اللاجئين أكبر بكثير تصل لقرابة 300 ألف لاجئ فلسطيني من ضمنهم 30 ألف لاجئ مهجرون من سوريا، وهم يعيشون في 12 مخيمًا معترفًا بها إضافة إلى 158 تجمعًا آخر". وعزا هويدي سبب المعاناة الكبيرة جدًا التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان، عدم حصولهم على حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية من الدولة المضيفة منها الحق بالعمل، والتملك والاستشفاء والتعليم وتشكيل المؤسسات، مستدركًا بالقول: "ومنذ عام 2019 حتى الآن ازدادت هذه الأوضاع قتامة وبؤسًا ومعاناة على مستوى الوضع الإنساني". وشرح بالقول: "فنسبة الفقر وصلت إلى 93%، والبطالة قاربت على الـ80%، في ظل عجز الأونروا عن تقديم الخدمات الكافية لهم، لعدم وجود التمويل الكافي، إذ يوجد نقص على مستوى الصحة والتعليم والإغاثة والبنى التحتية". وبيَّن أن الوضع على المستوي الإنساني مأساوي، فالبعض بحاجة للعمل لثلاثة أيام متتالية لتوفير جرة غاز لمنزله حتى يتمكَّن من الطهي، إضافة إلى عدم وجود شعور بالأمان في لبنان، فلا يتردد اللاجئ الفلسطيني في اغتنام أي فرصة لمغادرتها، فلا يتردد البعض في اللجوء لقوارب الموت وغيرها من الطرق بالرغم من خطورتها. وقال: "هناك شعور باليأس، فالوضع مأساوي وهناك معاناة ما بعدها معاناة على المستوى الإنساني، فكل يوم نسمع من الأهالي نداءات الاستغاثة، حتى أن الأونروا أطلقت نداء طوارئ خاص بلاجئي لبنان قيمته 160 مليون دولار ونداء طوارئ آخر بقيمة 436 مليون دولار للاجئي لبنان وسوريا والأردن سويًا، ولكن حتى هذه اللحظة لم يُجمع سوى 35 مليون دولار منه".
وأعرب عن اعتقاده بأن اللاجئ الفلسطيني في لبنان هو الأكثر حاجة ما بين اللاجئين الفلسطينيين في الشتات، لوجود تراكم في المعاناة وعدم وجود حقوق اقتصادية من قبل الدولة المضيفة، وفي الوقت نفسه وجود تراجع في خدمات الأونروا. ولفت هويدي إلى وجود صمود للاجئ الفلسطيني في لبنان على المستوى السياسي بالرغم من مرور 75 عامًا على النكبة، "فإن اللاجئ في لبنان لم يستسلم ولم يقل بأنه لم يعد يريد العودة لفلسطين بالرغم من ضنك العيش فهو متمسك بحقه المشروع في العودة". ونبَّه إلى أن اللاجئ الفلسطيني في لبنان هو الأكثر تأثرًا في الوضع الذي يعانيه لبنان حاليًا، إذ يعيش حالة انهيار اقتصادي واجتماعي وتفاقمًا في نسبة البطالة، والفقر، واليأس والإحباط، وعدم توفر الاحتياجات اليومية الضرورية للمواطنين. وقال: "فحياة اللاجئ في لبنان أصبحت شبه مستحيلة بسبب ارتفاع أسعار السلة الغذائية والمياه والوقود حتى اشتراكات مولدات الكهرباء والصحة والأدوية، حتى أن بعض مرضى السرطان أوقفوا علاجهم نتيجة التكلفة المالية العالية للعلاج". ونبَّه إلى أن "أونروا" تعد شريان الحياة للاجئين، ويجب أن تولي اهتمامًا على المستوى الإنساني للاجئين في لبنان، لتوسيع نطاق خدماتها لهم، فالاحتياجات ضخمة جدًا في ظل ارتفاع الأسعار في لبنان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق