الأطفال بين الأزمات والأعياد... سرقة البسمة والأحلام

 

 محمد دهشة - نداء الوطن 
الأزمة المعيشية في لبنان سرقت من الأطفال بسمتهم وآمالهم ومستقبلهم معاً، بعدما عجزت الكثير من عائلاتهم على سدّ رمق عيشهم في ظلّ الواقع المأساوي والمزري بعد أربع سنوات على الانهيار الاقتصادي في لبنان، فجاء شهر رمضان المبارك بخيره وعطائه وتبرعاته ليبسلم بعض جراحهم من خلال مبادرات فردية وجماعية للمؤسسات الأهلية لشراء كسوة العيد لهم وإدخال الفرح إلى قلوبهم.
أنس حسن، 9 أعوام، طفل صغير، وقف عشية العيد مبتسماً أمام ستاند من الثياب الجميلة والانيقة في "سنتر المصري" في سوق صيدا التجاري، يرمق بعينيه بفرح قميصاً وبنطالاً، يختارهما بشغف تمهيداً لارتدائهما يوم العيد. يقول لـ "نداء الوطن": "انني سعيد بهذه الكسوة، لم اشترِ ثياباً جديدة منذ فترة طويلة، أعيش اليوم سعادة عارمة كي ارتديها وألعب مع رفاقي".
"التكافل الاجتماعي" عبارة تضجّ بها الصالونات العائلية الصيداوية، وبلغت ذروتها في شهر رمضان، بعدما بادرت الجمعيات إلى توزيع الوجبات الساخنة، المواد الغذائية والتموينية، والمساعدات المالية وأقامت الافطارات الجماعية، وختمتها بمشروع كسوة العيد لتأمين الثياب للاطفال الفقراء والمتعففين واليتامى ومنها جمعيات "أهلنا".
عبيدة عكرة، أم لابنتين احتارت في اختيار ما يناسب ابنتها مريم من ثياب، تقول لـ "نداء الوطن": "زوجي مريض ويعاني من داء المفاصل ولا يمكنه العمل، فجاءت مبادرة "جمعية أهلنا" لتدخل الفرح إلى قلبنا ولولاها لما استطعنا شراء ثياب العيد، الأزمة المعيشية فتكت بنا كما في اللبنانيين ولم يعد اهتمامنا سوى تأمين الطعام والشراب وكفاف العيش الكريم".
وتؤكد رئيسة جمعية أهلنا السيدة سحر جلال الدين الجبيلي لـ "نداء الوطن" انّ "هذا العام وضمن مشروع رمضان 2023 الذي اطلقناه تحت عنوان "معكن الخير بيكبر"، قمنا بتنفيذ مشروع كسوة العيد لـ 662 طفلاً، حيث استفاد من المشروع أطفال العائلات المسجّلة في الجمعية".
لم تُخف سحر، انه "رغم الظروف المأساوية والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر على لبنان، الا أن المجتمع الصيداوي وأهل الخير يسعون دائماً لإدخال الفرح إلى قلوب الاطفال، ونحن في جمعية أهلنا صلة الوصل بين المتبرّعين والعائلات المتعففة وهذه الثقة التي نحافظ عليها دوماً".
وتقول الطفلة تيا المصري 11 عاماً: "كل يوم أذرف الدموع حزناً على ما حلّ بنا، لقد فقدنا الأمل ببناء مستقبل زاهر، وكلّ تفكيرنا بات ينصبّ على كيفية تأمين الطعام"، في اشارة واضحة إلى أنّ الأزمة قلبت حياة الأطفال رأساً على عقب من الانهيار إلى جائحة كورونا وصولاً إلى استفحال الغلاء.
وبحسرة لا تخلو من حرقة، تضيف المصري: "من الآن بدأت أفكر بالنزول إلى سوق العمل باكراً من أجل تحسين ظروف عيشنا، اكمال الدراسة والتعليم الجامعي بات منالاً بعيداً، أصبحت حقوقي مجرد أحلام وثياب العيد الفرحة الكبرى".
في خضم الأزمة، تشير التقارير المحلية والدولية إلى مدى تأثيرها على نفسية الأطفال وعلى مستوى تفكيرهم، وباتت ترصد ظاهرة غريبة تتمثل بموافقة عائلات على التسرّب المدرسي وإرسال أحد أبنائها إلى سوق العمل من أجل مساعدة معيلها في مصروفه مع إرتفاع أعباء الحياة.
ويقول العامل علي جوهر لـ "نداء الوطن": "لقد فقدت وظيفتي مع بدء الأزمة المعيشية في احد محال النجارة، ولم أعد قادراً على تأمين متطلبات عائلتي الحياتية"، قبل أن يضيف: "يوماً أعمل وعشرة لا، فقرّر ولدي أحمد مساعدتي وهو يعمل اليوم في أحد المطاعم، وقد استطاع بشق النفس شراء ثياب العيد الجديدة لشقيقيه بلال ومحمود".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق