حلوى التمرية الفلسطينية عروس العيد غير المكلفة


 العربي الجديد- انتصار الدّنّان

22-04-2023
يأتي عيد الفطر هذا العام محمّلًا بأعباء اقتصادية تثقل كاهل أهالي مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين في بيروت، على غرار كل المخيمات الفلسطينية وكل اللبنانيين أيضاً، بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار. لكن رغم هذا الواقع تبقى بارقة أمل لدى الناس بقدرتهم على التمتع بمذاق حلويات اعتادوا على تناولها في الأفراح، وصنعت بهجة أعيادهم وأيامهم.
للعيد نكهة خاصة، ويُعرف أنه يتضمن ارتداء ملابس جديدة وتناول حلويات وتبادل نشاطات الفرح، لكن غالبية سكان مخيم برج البراجنة لا يستطيعون شراء حلويات حرموا منها في الأصل خلال شهر رمضان بسبب ارتفاع أسعارها، وضيق ذات اليد. وبما أن الكعك هو عريس العيد، وثمنه مرتفع ما يمنع الكثيرين من شرائه، يفضلون إعداد حلوى التمرية التي تعرف أيضاً باسم "المقروطة"، وهي عبارة عن طحين محشو بتمر، خصوصاً أن مواده توجد عادة في بيوتهم، ويشترونها بأسعار أقل نسبيا من الكعك.
تقول عبير حسن المصري المتحدرة من يافا بفلسطين وتعيش في مخيم برج البراجنة ببيروت، لـ"العربي الجديد": "لم أتابع تعليمي بعد المرحلة المتوسطة، لكنني تدربت على طرق الطبخ وتحضير الحلويات. وبعد زواجي بدأت أعمل في مطبخ سفرة في مخيم برج البراجنة، وأنا مستمرة في شغل هذه الوظيفة منذ 13 عاماً، حيث أعد الطعام بحسب الطلب".
وتشرح أن "حلوى التمرية من التراث الفلسطيني، ويختلف إعدادها بين منطقة وأخرى في فلسطين على صعيد المكونات المستخدمة فيها، وأساليب منحها نكهات خاصة بحسب الأذواق، فأهل يافا يعجنونها مثلا باليانسون. وعموماً تحضّر التمرية في الأعياد والمناسبات، وهي مفيدة وغير مكلفة وخفيفة ولذيذة، وتحتوي على طحين وزيت زيتون وتمر، علماً أن بعضهم يستغني عن الطحين ويكتفي بالفرخة، ويعجنها آخرون بالحليب، أما أنا شخصياً فأدخل ضمن مكوناتها الحليب المجفف وأعجنها باليانسون، ثم أضع السمسم وجوزة الطيب ومحلب وبهارات الكعك وخميرة، وأيضاً السكر الناعم أو العادي والسمنة. وبعد تحضير عجينة التمرية أضعها في البراد لأن العمل عليها بعد تبريدها يكون أكثر سهولة. ولاحقاً أحشو العجينة بتمر، وأقطعها ثم أخبزها في الفرن. ومن الضروري ذكر ان التمرية تعد في أعياد المسلمين والمسيحيين بفلسطين".
تتابع: "بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي واجهها أهلنا في المخيمات، بدءاً بجائحة كورونا ثم ارتفاع سعر صرف الدولار، لم يعودوا يستطيعون شراء حلويات من المحلات، وصاروا يحضرونها في البيوت، علماً أن أسراً استغنت حتى عن المأكولات فهم سيفعلون ذلك بالتالي مع الحلويات غير الأساسية على الموائد. في الأعوام الماضية كانت حجوزات أصناف الكعك التي نحضرها كبيرة بحلول منتصف شهر رمضان، لكنها خفّت اليوم، واستبدل الناس الكعك بالتمرية الأقل تكلفة من المعمول، وتعتبر من التراث الفلسطيني".
وتذكر أيضاً أن "وضع الناس مأساوي جداً، إذ جعلهم الغلاء يغيّرون عاداتهم ويقللون من مصاريفهم، إذ استغنى بعضهم عن اشتراك مولد الكهرباء، وأيضاً عن العديد من أصناف الطعام على موائدهم الرمضانية. كذلك كان يذهب كثيرون إلى أعمالهم في سيارات أجرة، ثم صاروا يستخدمون أقدامهم من أجل تخفيف أعباء بدلات النقل، كما باتوا لا يتناولون الحلويات، وتخلوا عن شراء ملابس".
وتقول مريم الشعار، مؤسسة "مطبخ سفرة" لـ"العربي الجديد":" عندما بدأنا تنفيذ فكرة سفرة، كنا نفكر في تعزيز القدرات المهنية للنساء وتمكينهن اقتصادياً واجتماعياً. ونحن نحاول تشغيل أكبر عدد ممكن من النساء، لكن رمضان هذا العام أتى بظروف اعتبرت الأسوأ على الناس ليس في المخيمات فقط، بل في لبنان عموماً، وتأثر الجميع بالأوضاع الاقتصادية الصعبة، وأولويات الناس اختلفت هذه الأيام، وبالتالي موائد شهر رمضان عن السنوات الماضية. ونحن نحاول مع جمعيات وأفراد النظر إلى الشق الإنساني في المخيمات، وتوفير دعم بقدر ما نستطيع، فمطبخ سفرة يوزع وجبات إفطار في شكل يومي تقريباً".
وعن حلوى التمرية، تقول: "نعدّ في مطبخ سفرة اليوم أكلة تراثية بأيدي نساء فلسطينيات، وهي أقل تكلفة عن كعك العيد، لأن هناك سيدات لا يستطعن شراء المعمول، فيستبدلنه بالتمرية الأقل تكلفة. وهكذا تبقى للعيد فرحته رغم المذاق المر للأيام التي يعيشها الناس بسبب ارتفاع أسعار السلع، وحتمية الاستغناء عن العديد من الأشياء الضرورية وغير الضرورية، في ظل تمسكهم بالدرجة الأولى بالبحث عن متعة العيد بأس وسيلة تتوفر لديهم".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق