الشتاء ومخيمات اللجوء في لبنان.. ملح في الجرح المفتوح


لاجىء نت
 يعيش اللاجئون الفلسطينيون في لبنان، في 12 مخيماً و158 تجمعاً سكانياً، أوضاعا صعبة ومعقدة خالية من الحقوق الأساسية، وتزايدت أزماتهم مع الأزمات المتراكمة التي يعاني منها البلد المضيف، علاوة على تذرع "الأونروا” بالأزمة المالية، وما رافق ذلك من تراجع خدماتها المقدمة.
وكأن كل ذلك لا يكفي حتى دخل فصل الشتاء قاسياً وصعباً على الناس هناك؛ فاقم معاناتهم، وزاد من آلامهم، ووضع الملح في جراحاتهم الكثيرة.
وبحسب "الأونروا”، يعيش حوالي 210 آلاف لاجئ فلسطيني في لبنان، من ضمنهم حوالي 30 ألف فلسطيني قدموا من سوريا في السنوات العشر الماضية، في المخيمات المكتظة أو خارجها.
ووصلت نسب الفقر بين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان إلى 93%، في حين تخطت النسبة الـ80% لمجمل المقيمين على الأراضي اللبنانية.
موسم الخير "مخيف"
المدير العام للهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين علي هويدي، أكد أن البنى التحتية في مخيمات اللاجئين في لبنان غير مؤهلة للأمطار الكثيفة واستيعابها من خلال المجاري، وحتى الطرقات في غالبيتها ترابية وغير معبدة، الأمر الذي يجعل المياه تدخل منازل الاجئين وتغرقها.
وبيّن "هويدي" في حديث مع "المركز الفلسطيني للإعلام"، أن مشكلة أخرى تعد واحدة من أخطر مشكلات المخيمات الفلسطينية في فصل الشتاء، وخاصة في مخيمي برج البراجنة وشاتيلا، وتتمثل في تداخل خطوط المياه والكهرباء، ما يؤدي إلى وقوع عشرات حوادث الصعقات الكهربائية.
وكشف عن وفاة قرابة 60 لاجئاً فلسطينياً خلال السنوات العشر الماضية بسبب هذه المشكلة التي لم تحل على مدار السنوات الماضية وحتى الآن.
وأشار إلى صعوبة الحركة للمواطنين وأبنائهم الطلبة داخل المخيمات، وهو ما يجعل الناس يصلون في حالة يرثى لها سواء وهم ذاهبون إلى المدارس وأعمالهم أو أثناء العودة، بسبب حالة الطرق الصعبة.
وأوضح "هويدي" أن اضطرار الناس إلى إغلاق منازلهم وعدم تهويتها خلال فصل الشتاء بسبب البرد وخوفاً من دخول مياه الأمطار إليها، يزيد من الرطوبة داخل المنازل ما يزيد من الأمراض المزمنة كالربو والضغط والسكري وغيرها من الأمراض التي يعاني أصحابها من قلة ما يقدم لهم من علاج وأدوية في الوضع الطبيعي، سيما في فصل الشتاء.
وأشار إلى نتائج دراسة أجرتها "الأونروا” عام 2015 أظهرت أن ثلث اللاجئين الفلسطينيين يعانون من أمراض مزمنة كالربو والسكري والضغط.
ويرى "هويدي" أن أزمة أخرى يعاني منها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان خلال فصل الشتاء وخاصة في المناطق المرتفعة كتجمعات الفلسطينيين في منطقة البقاع، وهي نقص "المازوت" المخصص للتدفئة، حيث توزع "الأونروا” كميات قليلة وغير كافية على السكان.
ويضاف إلى كل ما سبق، وفق هويدي، حاجة الأهالي إلى الملابس والأغطية في سياق حالة البرد الشديد وقلة وسائل التدفئة؛ بسبب حالة الفقر الشديد التي يعانون منها، ما يدفع الناس للعودة للتدفئة من خلال الفحم، وما يحمله ذلك من مخاطر تهدد حياتهم.
"الأونروا” مقصرة ومحاولات فصائلية قاصرة
"هويدي" يرى أن خدمات أونروا "أفقية"، ولا تختلف من فصل لآخر، سوى أنها توزع كميات "غير كافية" من "المازوت" المخصص للتدفئة في التجمعات الفلسطينية في البقاع.
وبيّن أن خدمات "الأونروا” الخاصة بالتنظيف خاصة قرب مجاري المياه بحاجة لموظفين إضافيين لتتمكن الطواقم من العمل بكفاءة تمكنها من تأدية مهامها بشكل يحمي الناس، وهو ما لا توفره "الأونروا” تحت ذريعة عدم توفر ميزانيات وأموال إضافية.
وقال: "حتى الأدوية التي تقدمها أونروا والتي يزيد الإقبال عليها في فصل الشتاء، كمياتها قليلة وغير كافية، علاوة على ضعف فعاليتها وعدم تماشيها مع الحاجة الفعلية للاجئين في المخيمات".
وبيّن أن بعض الفصائل الفلسطينية تحاول القيام بدور إيجابي لناحية خدمة اللاجئين والتخفيف عنهم، لكنها "خدمات لا ترتقي إلى مستوى الاحتياجات"، وهذا ينطبق أيضاً على ما تقدمه مؤسسات المجتمع المدني، كما يقول "هويدي".
وبين أن الحاجة أكبر من أن تستطيع هذه الجهات تغطيتها، مشدداً على ضرورة أن تقوم "الأونروا” بدورها؛ لأنها الجهة التي يجب أن تتحمل المسؤولية كاملة في كل مناحي حياة اللاجئين الفلسطينيين.
عضو رابطة آل حجير في مخيم عين الحلوة هادي حجير، وافق رأي "هويدي"، متهماً وكالة "الأونروا” بالتقصير الكبير في تقديم الخدمة للاجئين الفلسطينيين طوال السنة وليس في فصل الشتاء فحسب.
وقال، في حديث مع "المركز الفلسطيني للإعلام": إن بعض الفصائل تحاول تقديم مشاريع إغاثية بين وقت وآخر إلا أنها مشاريع لا ترقى إلى حجم الألم الذي تعاني منه المخيمات الفلسطينية في لبنان.
ووجّه أصابع الاتهام بالتقصير الشديد لمنظمة التحرير باعتبارها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، كما تصف نفسها، بل وزاد بالقول، إنها تتحمل جزءًا من واقع التقصير الذي تمارسه "الأونروا” بحق اللاجئين في لبنان، بطريقة أو بأخرى.
ودعا إلى ضرورة دفع "الأونروا” إلى تحمل مسؤولياتها كاملةً عن واقع المخيمات الفلسطينية واللاجئين في لبنان.
ورغم كل ذلك لا تجد في مخيمات اللجوء في لبنان من يطلب التوطين، بل لسان حالهم جميعاً يقول لنعِش بكرامة في مخيماتنا حتى يحين وقت العودة إلى فلسطين.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق