الأونروا في زمن الكُوليرا

 

 إياد كريرة
 إنتشر في الأيام القليلة الماضية مرض الكوليرا في شمال لبنان والكوليرا هي مرض بكتيري [عدوى إسهالية حادة تتسبب فيها بكتيريا الضَّمَّة الكُوليريّة]، وتنجم في أغلب الأحيان عن شرب مياه ملوثة أو تناول طعام ملوث. وتتسبب الكوليرا، كل عام، في وقوع ما يتراوح من 3 إلى 5 ملايين حالة إصابة، وما يتراوح من 100 ألف إلى 120 ألف حالة وفاة. كما أن فترة الحضانة القصيرة (التي تتراوح من ساعتين إلى 5 أيام) تزيد من قابلية فاشيات الكوليرا للانفجار، وتُعدّ الكوليرا من أشد الأمراض فتكاً، وتُسبِّب إسهالاً مائياً حاداً لكل من الأطفال والبالغين.
فيما أعلنت وزارة الصحة العامّة أمس في تقريرها اليومي، تسجيل 9 إصابات جديدة بالكوليرا بالاضافة الى حالة وفاة واحدة، ليصبح العدد التراكمي للإصابات 43 حالة إصابة مثبتة و حالتين وفاة في لبنان.
مع ظهور أولى حالات الإصابة في مخيمات اللاجئيين الفلسطينيين في شمال لبنان وقد نُقلت إلى المستشفى لتلقي العلاج، تخرج علينا وكالة الأونروا عبر تصريح لمدير قسم الصحة في وكالة الأونروا بلبنان الدكتور عبدالحكيم شناعة ليقول أن وكالة الأونروا وضعت خطة متكاملة بين مختلف الأقسام لحماية المخيمات من تفشي الكوليرا ومنها القيام بحملات توعية على مواقع التواصل الاجتماعي ونشر فيديوات قصيرة عن المرض وأسبابه والوقاية منه وتأكيد أن الكوليرا بكتيريا ويمكن معالجتها وأدويتها متوفرة، وتدعو أبناء المخيمات الى الوقاية وأهمها النظافة الشخصية وغسل اليدين قبل الأكل وبعده وبعد الدخول الى الحمام.
بإستثاء الحملات التوعوية يوجد تقصير كبير لدى الأونروا بالتحضير وحتى العمل لحماية المخيمات من الكوليرا، كما حدث مع تفشي كورونا في المخيمات وغياب تام لوكالة الأونروا بإستثناء دفع جزء من تكاليف المريض داخل المستشفيات والتي شكلت 10٪ من مجمل الإصابات بفايروس كورونا في مخيمات اللاجئيين الفلسطينيين في لبنان.
أن البرنامج الصحي في وكالة الأونروا يعمل على توفير المياه بكل المدارس مع التأكد من عدم تلوّثها مع وجود عمال للإهتمام بشكل منتظم بالنظافة وخاصة دورات المياه التي غالباً ما تكون مقفلة بإستثناء أوقات الإستراحات الطلابية، أما عيادات الصحة في الأونروا تعاني من نقص كبير من الكادر الصحي وهذا من مخلفات كورونا حيث عمدت الأونروا إلى تقليص العمال والموظفين وإغلاق أقسام، أغلب العيادات الصحية في الأونروا تفتقر إلى وجود الكادر الطبي الذي يتناسب مع عدد المرضى اليومي فيضطر المريض إلى الإنتظار عدة ساعات ليزور الطبيب المختص إن وجد، بالإضافة إلى وجود نقص في الأدوية والمستلزمات، وهذا ما يتنافى مع إدعاء الأونروا بإنها مستعدة لاستقبال أي حالة وأن الأدوية موجودة داخل عياداتها ومنها للإسهال والجفاف والالتهابات أو نقل أي حالة مرضية الى المستشفى.. فكيف والجميع يعلم أن الأونروا لا تمتلك سيارات إسعاف لنقل المرضى من عياداتها إلى المستشفيات وهذا ما طالب به جموع اللاجئيين بأن تستحضر الأونروا سيارات إسعاف وكادر طبي متنقل لنقل المرضى والتخفيف عن كاهل اللاجئ الفلسطيني.
وبحسب إدعاء الأونروا يوجد قسم الهندسة لفحص الآبار الارتوازية والتأكد من خلوّها من الجراثيم، ووضع “الكلور” ومراقبتها بانتظام، رغم ذلك تعاني غالبية المخيمات الفلسطينية من شح المياة ووجود المياة المالحة في عدد من المخيمات، وبالحد الأدنى يضطر نصف سكان المخيمات إلى شراء الماء نتيجة الأعطال المتكررة في المضخات و تشغيلها لأوقات قصيرة لتوفير مادة المازوت للمولدات الكهربائية.
يختلف الكوليرا عن الأمراض الأخرى من ناحية خطره عن الأطفال حيث بإمكانه التسبب بوفاة الأطفال وكبار السن، وان الإكتظاظ الحاصل داخل مدارس الأونروا قد يكون أحد الوسائل لتفشي المرض بسرعة كبيرة داخل المخيمات، وعموماً توجد كثافة سكانية عالية في المخيمات الفلسطينية، فهل نحن مقبلين على وباء قد يفتك بأبناء شعبنا الفلسطيني… وهل حملات الأونروا التوعوية كافية ليتفادى اللاجئ الوباء ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق