مهن قديمة تعود إلى الواجهة من جديد بفعل الأزمة الاقتصادية في المخيمات


 وكالة القدس للأنباء – ميرنا الحسين

بعض المهن كانت في طريقها للاندثار، قبل أن تعود مجدداً مع ظروف الحياة الصعبة، فما كان متاحاً للاجئين الفلسطينيين في المخيمات الفلسطينية بسهولة قبل عدة أعوام، أضحى اليوم من الماضي، بسبب الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي تعصف في البلاد منذ أكثر من عامين.

اللاجئون الفلسطينيون اليوم يحسبون ألف حساب قبل شراء أي قطعة ملابس أو أحذية جديدة، بسبب ارتفاع أسعارها بشكل جنوني، حيث أن غالبية الموظفين والعاملين يتقاضون رواتبهم بالعملة اللبنانية، التي انهارت قيمتها بفعل ارتفاع سعر الدولار، لذا أصبحوا يتجهون نحو البدائل في مسار حياتهم اليومية.

لا استطيع إغلاق المحل بسبب ضغط العمل

وفي هذا السياق، قال اللاجىء الفلسطيني من مخيم شاتيلا، الخياط أبو أمير خلال اتصال هاتفي مع "وكالة القدس للأنباء"، أن "في فترة ما، وقبل عدة أعوام كدت أن أغلق محلي بسبب قلة العمل وبسبب مدخوله البسيط الذي كان لا يكفي كي أغطي أجاره، ولكن في الوقت الحالي وبعد الازمة التي تمر علينا وارتفاع سعر الدولار، أصبحت عملية شراء الملابس الجديدة عملية صعبة ومكلفة، ما اجبر الأهالي على التوجه نحو إعادة تصليح الثياب بدل رميها، بالإضافة إلى أنني في بعض الأحيان أعيد خياطة بعض الملابس كانت للأب مثلا لتصبح على قياس الإبن كي يلبسها ويستفيد منها".

 وأضاف، "هذا لا يعني أنني لا أعاني من ارتفاع الدولار والأزمة الاقتصادية التي نشهدها، ولكن هذه الأزمة في مكان ما أنقذتني، فبدلاً من أن يشتري الشاب قميص بمبلغ 12$ مثلاً، يقوم بتصليح ما لديه من ثياب بمبلغ أقل من ذلك بكثير وهذا بالطبع خفف العبء عن كاهل الأهالي وساهم في زيادة رزقتي والاستمرار في افتتاح محلي".

الأزمة الاقتصادية لم تعِد مهنة الخياطة فقط، بل أعادت مهنة السكافي أيضاً، حيث يجلس الاسكافي أبوعلي بين مطرقته والسندان، ومساميره، وهو يعمل دون توقف بسبب ضغط العمل لديه.. وفي السياق، قال أبوعلي لوكالتنا:" ارتفاع الدولار سبَّب أزمة لدى الأهالي، لذا أصبح اللاجىء يتجه نحو إعادة تصليح أحذيته بدلاً من تلفها ورميها، فإذا تكلف الشاب على إعادة تصليح شيىء من أحذيته مبلغ 50 أو 60 ألف ليرة  يبقى هو الكسبان في هذه الأيام".

وأضاف، "لله الحمد أنا اليوم، في كثير من الأحيان لا استطيع أن أغلق محلي خلال النهار لساعة واحدة كي أرتاح، بسبب ضغط العمل فمصلحتي اليوم أفضل من الأول بكثير".

نذهب باتجاه البدائل لتخفيف المصاريف

ولمعرفة أراء اللاجئين في جملة التغييرات التي دخلت اليوم على حياتهم في مختلف الأصعدة، رصدت "وكالة القدس للأنباء" بعض منها، حيث قال اللاجئ الفلسطيني أبن مخيم شاتيلا، محمد خالد لوكالتنا: "إذا ذهبنا اليوم لشراء أي بلوزة أو بنطلون أقل سعر يطلبه البائع 10$ ما يعادل مبلغ كبير بحسب الصرف اليومي، أما إذا قمنا برثي وتصليح القطع التي ما زال باستطاعنا الاستفادة منها يكلفنا الأمر مبلغاً ضئيلاً جداً، لذا أصبحت الناس تذهب باتجاه هذا الخيار ".

وأضاف قائلا: "أنا شخصياً لم أعد أتسوق كما السابق، رغم أنني كنت أذهب للسوق شهرياً وأقوم بصرف نص راتبي على التسوق، لكن الوضع الآن اختلف، فهناك تكاليف إضافية لم تكن موجودة، كارتفاع أسعار الاشتراكات والتي نحاسب عليها اليوم بالدولار، حتى أيجار المنزل نحاسب عليه اليوم بالدولار، لذا أصبحنا نذهب باتجاه البدائل التي تمكننا من تخفيف مصاريفنا".

من جانبها اللاجئة في مخيم شاتيلا ام خالد أضافت: "أنا اليوم لدي عائلة وأطفال، وفي هذه الأوضاع لم يعد بقدرتي شراء ثياب جديدة او أحذية أو حتى على صعيد الطعام، لذا أصبحت أذهب إلى السكافي والخياط وإلى محلات الخضار التي تأتي بخضار أرخص كي أستطيع تكملة الشهر بالراتب الذي لم يعد يكفي لسد كل هذه الاحتياجات".

وقالت: "في السابق كنا إذا انقطع زر القميص نقوم برميه وشراء بديل عنه، او اذا مللنا من بلوزة ما، نقوم باستبدالها بأخرى جديدة من السوق، الآن اختلف الوضع كلياً، أصبحنا جميعاً إذا صح التعبير نقوم بإعادة تصليح القماش أو شي يمكننا الاستفادة منه ".

مهن أخرى ازدهرت مع الوضع الاقتصادي المتردي، وهي بيع أي شيء عبر الانترنت، وبيع أغراض مستعملة وأخرى جديدة، كما أن بعض العائلات في المخيمات باتت تبيع ما لا تحتاجه من أثاث المنزل أو الثياب بفعل الأزمة الاقتصادية بالإضافة إلى الصناعات المنزلية التي كثرت مع البطالة المتفشية، وجلوس الناس في منازلهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق