اللاجيء الفلسطيني والأخطاء الطبية ...عيِّنات تدمي القلب

 


وكالة القدس للأنباء – ميرنا الحسين

مآسي اللاجيء الفلسطيني الطبية في لبنان لم تتوقف عند تقصير "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين - الأونروا" في تقديم خدماتها الصحية، حيث تجاوزتها لوقوع أخطاء طبية خطيرة أودت بحياة الكثير من المرضى، وأصابت بعضهم بعاهات مستدامة، بسبب الإهمال وعدم المساءلة من ناحية، ورداءة خدمات المستشفيات المتعاقدة مع الأونروا من ناحية أخرى.

ولأهمية هذا الملف على حياة اللاجئين الفلسطينيين، وبخاصة المرضى منهم أجرت وكالة القدس للأنباء تحقيقا كشف عن حالات وأمثلة تدمي القلوب، دون أن تتم مساءلة أو محاسبة أي من الأطباء المسؤولين المباشرين عن الأخطاء الطبية... وهذه بعض الحالات الطبية كما جاءت على ألسنة الأهالي المفجوعين.

خطفوا فرحة بيتنا

عائلة فلسطينية  كانت الفرحة تنير وجوه أفرادها، وهي على وشك استقبال مولودة جديدة، الأم كانت تتمتع بصحة جيدة، والأب يدور حولها بابتسامات سعيدة، وكل ما يشغل باله، هل المولود ذكراً أم أنثى؟ ولكن السعادة لم تكتمل، فالشابة الفلسطينية (س. م.) "وهي الأم" 25 عاماً إبنة منطقة الداعوق في بيروت، لم تكن تعلم أنها ستفارق الحياة بعد أيام قليلة من ولادتها لمولودتها الأولى، إذ أصيبت بتسمم بالدم وفشل كلوي نتيجة خطأ طبي حصل معها أثناء الولادة.

"خطفوا فرحة بيتنا"، بهذه الكلمات بدأت ( ل. م.) "وهي شقيقة المرحومة" حديثها لـ"وكالة القدس للأنباء"، وقالت: "كانت فترة حمل أختي طبيعية، ولم تكن تعاني من أية مشاكل، ولكن بعد ولادتها بأيام بدأت حرارتها ترتفع، ذهبنا للطبيبة وقالت الأمر طبيعي، فهي تعاني من "كريب ناشف" ولا  داعي للقلق.. بعد أيام أصابها نزيف حاد، وبدأ جسمها بالتورم، ذهبنا لإحدى المستشفيات الساعة 5 صباحاً وتواصلنا مع طبيبتها، وطلبت إدخالها إلى غرفة العناية المركزة، لكن أختي بقيت في غرفة الانتظار وهي تنزف حتى الساعة 11 ظهراً".

وأضافت: "بعد دخولها غرفة العناية، تدهورت حالتها الصحية، لم تعد تسمع ولا ترى، أخرجونا من غرفتها، فهي كانت بحالة يرثى لها، وما هي إلا دقائق حتى فارقت الحياة".

بغصة وحرقة قلب تساءلت ( ل. م.) في حديثها لوكالتنا: "من يتحمل مسؤولية ما حدث، من سيتابع معنا قضيتها، من سيحاسب الدكتورة بسبب إهمالها، من سيقاضي المستشفى، التي تركتها تنزف في غرفة الانتظار، خسرنا أختي في ربيع عمرها وتيتمت طفلتها وذاقت مرارة الحياة قبل حلوها".

أحمِّل المستشفى والقابلة القانونية المسؤولية

قد تختلف حالات وقوع الأخطاء الطبية التي يتسبب فيها الطبيب أو المستشفى وتُلحق بالأم أو بالطفل الضرر والأذى، وقد تفضي بعض الأحيان بالطفل إلى الوفاة أو إصابته بإعاقة دائمة.

هذا ما حدث مع الطفل (م. ن.) إبن مخيم برج البراجنة، الذي ولد في أحدى المستشفيات الطبية التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني، وكان يحتاج إلى غرفة عناية للطفل "kovaz" ولم يكن هناك أي غرفة فارغة داخل المستشفى ما أدى إلى تعرضه لنقص حاد في الأوكسجين وأصيب على أثره بشلل دماغي "بحسب والدته".

والدة الطفل (م. ن.) تؤكد لـوكالتنا أثناء حديثنا معها "أحمّل المستشفى والقابلة القانونية التي ولدتني مسؤولية ما حدث مع ابني، ولن أسامحهن ما دمت على قيد الحياة، إبني الآن عمره 13 عاماً يجلس على كرسيه الثابت لا يستطيع الحركة، ولا أحد يغطي تكاليف علاجه ولا أحد يهتم لأمره من الناحية الصحية بشكل عام".

ويعتمد اللاجئون الفلسطينيون في لبنان، على "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين-الأونروا" في الحصول على الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم، والإغاثة، والبنى التحتية للمخيمات والإعمار، لكن من الناحية الطبية فالوكالة تتعاقد مع مستشفيات، قد يكون بعضها غير مجهز بشكل كاف لاستقبال الحالات الصعبة، ما يجبر أهل المريض على نقله لمستشفيات أخرى، ويتكلفون أعباء مالية باهظة... دون أن يجدوا من يساعدهم ويعوض عليهم ويقف الى جانبهم، خاصة في الحالات المرضية المستعصية، التي تحتاج للكثير من المال، حتى أن الوكالة بات جوابها جاهزا وعجزها مفضوحا والسبب العجز في الميزانية.

فإلى متى تبقى صحة المريض الفلسطيني في مهب ريح الإهمال والفوضىى واللامسؤولية؟.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق