هل بدأت الأونروا بالتخلي عن مسؤولياتها ؟


 د. نجيب القدومي

يؤكد اللاجئون الفلسطينيون أن لا شيئ يعوضهم عن بيوتهم واراضيهم وممتلكاتهم التي فقدوها اثر النكبة التي حلت بهم عام ٤٨ ، وأن عودتهم حتمية لا يقبل أي تعويض عنها . وشعورا من المجتمع الدولي بمسئولياته تجاه هذا الشعب الذي هجر بقوة السلاح وبتنفيذ المذابح ليحل محله شذاذ الآفاق الذين جمعوهم من مناطق عديدة ، فقد أصدرت هيئة الأمم المتحدة القرار رقم ٣٠٢ عام ٤٩ والذي يقضي بتأسيس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ( الأونروا ) unrwa لتقديم الخدمات الاعاشية والتعليمية والصحية للاجئين الذين لجأوا للضفة وغزة والاردن وسوريا ولبنان ، وبذلك تكون الأونروا شاهدة على ما حل بهذا الشعب الذي انتزع من ارضه وشاهدة على الوعود التي وعدوا بها بعودتهم السريعة الى اراضيهم وبيوتهم وخاصة تلك الوعود التي صدرت عن حكومة الانتداب البريطاني على فلسطين ، أي ان قيام الأونروا بواجباتها كاملة مرتبط ببقاء قضية اللاجئين الفلسطينيين لحين عودتهم .

لكن لم يعمل المجتمع الدولي على الوفاء بالتزاماته ولم تلتزم الامم المتحدة بعشرات القرارات الصادرة لصالح القضية الفلسطينية ، واستمرت الصهيونية العالمية بتأثيرها المباشر على صانعي القرار في بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية ليحولوا دون تنفيذ هذه القرارات .

منذ تأسيس الاونروا لم يوضع لها ميزانية ثابتة ومحددة بل اعتادت أن تلجأ للاستغاثة وطلب المساعدة من دول العالم في كل عام  للتبرع لها لتغطية نفقات خدماتها التي بدأت تتقلص بسبب العجز الدائم في ميزانيتها ، ولذلك يتعرض اللاجئون الى ضغوط نفسية ويتملكهم التهديد بوقف الخدمات المقدمة لهم بسبب هذا العجز الذي اصبح سيفا مسلطا على رقابهم ، ولذلك كانت الاونروا تلجأ الى التقليص التدريجي لخدماتها المقدمة لهم .

واليوم تمر الاونروا بأخطر مراحلها اذ يقترح السيد فيليب لازاريني المفوض العام للاونروا تحويل جزء من خدمانها الى مؤسسات اخرى محلية ودولية، وهذا يعني التخلي التدريجي عن مسؤولياتها ، وقد بدأت بالفعل فمن يطلع على الشهادات المدرسية التي وزعت على الطلاب في قطاع عزة يجد تغيرا في المعلومات الواردة فيها ، اذ المعروف ان الشهادة المدرسية تتبع لمنطقة قطاع غزة التعليمية  والتي بدورها تتبع لدائرة التربية  والتعليم في الاونروا فقط وليس للاونروا واليونسكو ولا يقبل اصطلاح لاجئي فلسطين الوارد في الشهادة( حسب المرفق ) لأنه لا يعبر عن اللاجئين الفلسطينيين الذين ينتظرون عودته منذ اربعة وسبعين عاما ، فحقهم لا يسقط بالتقادم ويشمل ذريتهم وهو غير قابل للتصرف او المساومة .

لهذا نحذر من هذا الانسحاب التدريجي للأونروا خاصة بعد ان حاول الرئيس ترامب شطب حق العودة بإنكار عدد اللاجئين وبوقف مساهمة الولايات المتحدة في ميزانية الاونروا .

مطلوب من الدول العربية وخاصة الدول المضيفة للاجئين ان يحذوا حذو الاردن وفلسطين برفض هذه المحاولات والاصرار على استمرار تقديم خدماتها كاملة غير منقوصة دون تجيير لأحد ودون استخدام العجز المالي ذريعة للهروب  وضرورة رفع مستوى التنسيق المشترك بين الدول المضيفة للحيلولة دون تنفيذ هذا المخطط مع تقديرنا للجهود الاردنية والفلسطينية في هذا المجال .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق