بيان صادر عن قيادة حركة فتح- إعلام الساحة اللبنانية بمناسبة يوم الارض


إنتفاضةُ شعبنا الفلسطيني في الثلاثين من آذار العام 1976 محطةٌ متألقة في مسيرتنا الوطنية الفلسطينية، وهي عنوان سياسي بارز في مسيرتنا النضالية، وهي دلالة واضحة على أن الأرض الفلسطينية هي أرض فلسطين، أرض الشعب الفلسطيني، ودماء أهلنا وشبابنا نزفت في كل بقاعها من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب فالأرض أرض أجدادنا، وأسلافنا، وآبائنا، ودماءُ شعبنا في أراضي فلسطين الطيبة المباركة، وخاصة شهداء يوم الأرض، يوم التحدي، يوم الصمود بوجه جيش الاحتلال، وتقديم أرواحنا من أجل الحفاظ على أرضنا المباركة وعلى مقدساتنا، وقبور أجدادنا.

ويعتبر هذا اليوم 30/3/1976 يوماً تاريخياً في نضال أهلنا الذين تبقوا ضمن دولة الاحتلال بعد العام 1948، وما زال حدثاً مركزياً وسيبقى حتى ينال شعبنا حريته بشأن الشعوب الأخرى. والأقلية العربية هناك ما زالت تحيي هذه الذكرى في سخنين وعرابة ودير حنا في الجليل، ومدينة الطيبة في المثلث، وإحدى بلدات النقب راهط وتل السبع وغيرهما.

والشهداء الذين ارتقوا يو فداك في يوم الأرض هم ستة شهداء خلَّدهم التاريخ وهم:

- خير أحمد ياسين  (23) من     عرابة  البطوف،    وخديجة قاسم شواهنة (23) سنة من سخنين،    ورجا حسين أبو ريا(23)سنة من سخنين ،وخضر عيد محمود خلايلة(30) سنة من سخنين،ومحسن حسن سيد طه       (15) سنة من كفر كنا،ورأفت علي زهدي    (21) سنة    من مخيم نور شمس- الطيبة. وأضف إلى هؤلاء الشهداء سقوط 49 جريحا، واعتقال 300 من المشاركين في الإضراب العام.

إن هذا الإضراب التاريخي كان دافعه الأساسي هو الرد على اسحق رابين رئيس حكومة العدو الصهيوني العام 1975 الذي تبنى خطة لتهويد منطقة الجليل بهدف بناء تجمعات سكنية يهودية على الأرض العربية، والفلسطينيون هم الغالبية وهذا ما سُمِّي بمشروع تطوير الجليل.

1- ومن أجل تنفيذ هذا المشروع ميدانياً صادقت الحكومة الإسرائيلية في 29 شباط 1976 على مصادرة 21 آلف دونم تعود ملكيتها لفلاحين فلسطينيين في بلدات سخنين، وعرابة، ودير حنا، وعرب السواعد وتحويلها إلى مستوطنات. ومن باب التذكير فان سلطات الاحتلال صادرت أكثر من مليون دونم من أراضي القرى العربية في الجليل والمثلث ما بين 1948- 1972.

2- في أعقاب هذه القرارات الجائرة بالمصادرة والانتقام من العرب اجتمعت لجنة الدفاع عن الأراضي التي شكلتها لجان محلية في إطار اجتماع عامأ في مدينة الناصرة في 18 تشرين الأول 1975 للاتفاق عل سبيل التصدي لعملية المصادرة واتفقوا على إعلان إضراب عام وشامل لمدة يوم واحد في 30 آذار 1976.

3- ورداً على هذا القرار الوطني الفلسطيني التاريخي سارعت سلطات الاحتلال الصهيوني في 29آذار 1976 إلى إعلان حظر التجول على قرى سخنين، وعرابة، ودير حنا، وطرعان، وطمرة، وكابول من الساعة الخامسة مساءً، كما أعلنت أن جميع المظاهرات غير قانونية، وهددت بإطلاق النار على المحرضين لتنفيذ الإضراب.

4- ورغم هذه التهديدات عمّ الإضراب كافة تجمعات الجليل شمالاً إلى النقب جنوباً وخرجت المسيرات العارمة المنددة والرافضة لقرار مصادرة الأرض.

5- وكان الرد الإسرائيلي على القرى المعلنة للإضراب رداً دموياً بقيادة الجنرال رفائيل  إيتان الذي أعطى تعليمات عسكرية صارمة للقوات باجتياح القرى والبلدات بالدبابات والمجنزرات ، وإطلاق النار عشوائياً مما أدى إلى ارتقاء ستة شهداء، وإصابة العشرات.

6- إن معركة الأرض بدأت في 30 آذار، 1976 لكنها حتى هذا التاريخ لم تتوقف لأن الاحتلال وبكل السلوك العدواني ما زال ينتقم من شعبنا الذي هو صاحب الأرض التاريخية ويرويها بدمائه، وما زالت أيامنا في كافة السنوات السابقة شاهدة على حجم التضحيات التي يقدمها أهلنا في كل بقاع الأراضي الفلسطينية التاريخية.

ونحن نحتفل بيوم الأرض التاريخي، فإننا كشعب فلسطيني في لبنان وتحديداً كحركة فتح نسجِّل إعتزازنا بصمود أهلنا وأبطالنا في الضفة الغربية، وفي قطاع غزة، وخاصة في القدس والأراضي المحتلة منذ العام 1948.

يا جماهير شعبنا العظيم يا من علّمتم شعوب العالم كيف تنهض الثورات المقاومة، وكيف يكون الصمود، وكيف تكون العمليات البطولية والجريئة، والتي شهدت المواجهة وجهاً لوجه في علية دلال المغربي، وفي معركة الكرامة حيث كانت اللمحمة البطولية والتاريخية، وحيث استسلم موشي ديان وطلب وقف المعركة كي يسحب آلياته المدمَّرة، والقتلى المحترقين من جنوده، وحالة العجز واليأس التي أصابته، وأصابت جيشه في الكرامة، وألغى المؤتمر الصحفي الذي وعد رجال الاعلام بعقده لإعلان انتصاره، لكنه استسلمَ وترك دباباته وقتلاه وأعلن عن هزيمته.

ويوم أمس كانت كرامةٌ جديدة وهي عملية عسكرية فاقت الخيال، وحطًمت كل عنصريته العدوانية، وأجبرته أن يعبُد حساباته من جديد، عندما شاهد قادة العدو العسكريون بطلاً فلسطينياً من يعبد قضاء جنين وهو الشهيد ضياء حمارشة الذي دفعته مشاعره وقناعاته الوطنية والإيمانية وأصالته الفلسطينية أن يمتشق السلاح، ويتزنَّر  بأمشاط الرصاص، ويخترق الشارع والساحة، ويسيطر على الموقف، ويطلق النار على أعدائه من المستوطنين الصهاينة الذين قتلوا النساء والأطفال الآمنين في بيوتهم، وأثناء ذهابهم إلى المدارس. إنَّ هذا المواقف الذي شاهدناه جميعاً لم يكن حباً بالقتل والإجرام، وانما جاء رداً على الهمجية الصهيونية التي طالت أهلنا أطفالاً ونساء وشباباً من أجل نشر الرعب والخوف لإجبار الأهالي على مغادرة بيوتهم، والهجرة والتشتت دون أن تكون هناك مواقف جادة وحاسمة من قبل الهيئات الدولية المعنية لوقف هذا المسلسل الإجرامي والعنصري الدموي. ولا شك أن استمرار الصمت واللامبالاة بمصير وحياة شعبنا سيحوِّلُ شبابنا إلى ممارسة الدفاع عن النفس على طريق الشهيد ضياء حمارشة من قضاء جنين من حركة فتح، لأن فلسطين ومقدساتنا أغلى من حياتنا، وهذا ما يجب أن يدركه الجميع، والإجرام الذي يمارسه العدو بحق أهلنا لن يزيدنا إلاَّ صلابةً وإصراراً على الدفاع عن أهلنا وخاصة في القدس وأحيائها، فهي أمانة في أعناقنا.

وليعلم القاصي والداني أن القدس وأقصاها وأرض فلسطين المباركة هي أرضنا التاريخية، ونحن حماتُها مهما طال الزمن، ومهما كان الثمن، ولن نبقى لاجئين وانما نحن العائدون إلى وطننا بعد هذه القوافل من الشهداء، والمشوار طويل، ولكننا قلناها منذ البداية وإنها لثورة حتى النصر.

30/3/2022

 

  

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق