مجلس شورى الدولة اللبناني يحارب قراراً لم يطبق بعد... حسابات سياسة مغلفة بالعنصرية

 

محمد شهابي /بوابة اللاجئين الفلسطينيين


وافق يوم الجمعة الماضي، مجلس شورى الدولة في لبنان على الطعن الذي تقدمت به الرابطة المارونية، موقفاً بذلك قرار وزير العمل اللبناني مصطفى بيرم، الذي أجاز بموجبه، السماح للفلسطينيين بممارسة مهن كان قانون البلاد قد حصرها باللبنانيين.

الوزير بيرم لم يتبلغ بالقرار بعد

موقع بوابة اللاجئين الفلسطينيين، تواصل مع وزير العمل اللبناني مصطفى بيرم، الذي  أكد "عدم تبلغه بعد بقرار مجلس شورى الدولة"

وقال بيرم: "تعليقي على القرار سيصدر حالما يتمّ تبليغي رسمياً به، وعليه أمتنع عن التعليق على موضوع لم أبلغ به".

استغلال لمعاناة اللاجئين لمصالح سياسية

يرى المدير العام للهيئة (302) للدفاع عن  حقوق اللاجئين علي هويدي قرار مجلس شورى الدولة بأنه تحرك مرتبط بالانتخابات النيابية القادمة، حيث إن مقدّمُ الطعن هو نائب سابق في البرلمان، فيما قرار وزير العمل الذي صدر الشهر الماضي "غير قابل للتطبيق" وبذلك هنالك حسابات نيابية داخلية لبنانية، يتمّ استخدام الفلسطيني فيها بغية تحقيق إنجازات بين بعضهم.

وإذ يستنكر هويدي قرار مجلس شورى الدولة ويصفه بأنه استغلال لمعاناة اللاجئين الفلسطينيين، إلا أنه يرى بأنّ "قرار وزير العمل غير قابل للتطبيق، لأنّه بحاجة إلى موافقة النقابات، وبحاجة إلى مرسوم صادر عن مجلس النواب اللبناني، حتى يصبح نافذاً، وهاتان المسألتان صعبتان، وبذلك تصريحات الوزير بيرم، لا يمكن تطبيقها" حسب قوله.

ويضيف هويدي: أنّ "إعطاء الحقوق، لا يمكن أن يكون طريقًا للتوطين، أو نسيان اللاجئ حقه في العودة، إنّما هذا يمكّن اللاجئ بالعيش الكريم، وممارسة حقوقه للعودة مستقبلًا".

المعارضة اللبنانية: لإنهاء عزلة الفلسطيني عن المجتمع اللبناني

وفي ظل استعصاء سياسي وانهيار معيشي قد يكون شاملاً يشهده لبنان، ينتظر الللبنانيون إجراء الانتخابات النيابية الأولى بعد ثورة شهدتها البلاد في أواخر عام 2019، ضد الوضع المعيشي المتردي والفساد السياسي.

وإذا ما جرت الانتخابات في موعدها المقرر في أيار/ مايو 2022 فإن لوائح معارضة للسلطات القائمة على الأحزاب السياسية ستخوض غمار الترشيح للمرة الأولى، فهل يفتح ذلك باباً لتغيير السياسات القائمة إزاء اللاجئين الفلسطنيين؟

يقول المرشح للانتخابات النيابية اللبنانية، عن لوائح الثورة محمود فقيه لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إنّ سياسة التمييز ضدّ الفلسطينيين لا بدّ لها من أن تتوقف، فالفلسطيني في لبنان يعتبر مقيماً، ويشكل رافعة للاقتصاد اللبناني، فحياته ومصروفه في لبنان.

وبحسب فقيه فإن "العزلة الفلسطينية لا بدّ من إنهائها، وهي تضرّ بالمجتمعين اللبناني والفلسطيني".

ويرى في قرار مجلس شورى الدولة "سياسة عنصرية ضد الفلسطينيين وإجحافاً بحقهم على الصعيد الإنساني خاصة".

ويضيف فقيه: إنه لا يجب على الفلسطينيين أن يظلوا متحملين نتاج الحرب الأهلية التي شهدها لبنان، داعياً كل من لديه موقف سابق من الأحزاب اللبنانية إزاء الفلسطينيين أن يطويها للتقدم بهذا المجتمع، بحسب قوله.

وكان رئيس الرابطة المارونية، النائب السابق، نعمة الله أبي نصر، قد كشف أمس عن القرار الذي صدر في 3 شباط/ فبراير الجاري، قائلاً: إن قرار بيرم قد "تجاوز فيه حدّ السلطة".

للتحرك فلسطينياً وتقديم مذكرة لمجلس شورى الدولة

 وبحسب مدير مركز التنمية للدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين، سامر منّاع فإن على الهيئات الحقوقية والمؤسسات وسفارة السلطة الفلسطينية توجيه مندوب لمتابعة هذه القضية.

يقول مناع:  باستطاعة من تمّ تمثيله، وعقب إصدار قرار مجلس شورى الدولة، أن يقدّم ما يطلق عليه "التدخل" وهو عبارة عن مذكرة يتمّ التوجه فيها لمجلس الشورى، يذكر فيها "أنّ القرار يضرّ بمصلحة العمال الفلسطينيين خاصة فيما يتعلق بوضعهم الاجتماعي والاقتصادي، وأنّ معظمهم مولودون على الأراضي اللبنانية ولهم كامل الحقوق بالعمل، وذلك إلى حين إيجاد حلول لقضية عودتهم".

 ويضيف: "للأسف نحن كفلسطينيين لا نمتلك مثل هكذا هيئات قانونية"، موضحاً بأن الوزير بيرم سيكوم أمام طريقين بعد تبلغه بالقرار عبر الأطر الرسمية، إمّا الطعن بقرار مجلس الشورى أو وقف مفاعيل قراراه السابق.

بين الشعبوية والعنصرية.. القرار لم يعمل أصلًا

 غير أن مدير مؤسسة "شاهد" لحقوق الإنسان محمود حنفي يصف قرار وزير العمل في الأصل، بانه قرار شعبي أكثر منه قانوني، "حيث لم يبن عليه أيّ انتقال نوعي على صعيد تحقيق أهدافه، أو تغيير في التعامل مع الفلسطينيين أو لناحية النظرة الأمنية التي يتمّ التعامل بها معهم".

وعبّر حنفي بتشاؤمٍ، عن أنّ "سياسات لبنان تجاه الفلسطينيين، لن تتغيّر بالمدى المنظور، إلّا إذا ما حصل ضغوط دوليّة كبيرة على لبنان، لناحية إجباره على منح الفلسطيني حقوقه، شريطة تخفيف الأزمة التي يمرّ بها، والتي أوقع هو نفسه بها بسبب سياساته، غير ذلك فأنا لست بمتفائلٍ" بحسب ما يقول.

 ويضيف: بأن على لبنان أن ينظر إلى الفلسطيني نظرة إنسانية، وأن يعطيه حقه في توسيع المخيمات، والتملك والعمل، ويتساءل: "كيف بذلك أن يحصل، وهو قد انتفض –البعض منه- على قرار شعبوي واحد، لم يكن له أيّ وزن قانوني ولا حتى معطيات على الأرض، ليلاقي كلّ هذه الضجّة؟، فيما وصلت بعض التصريحات عن عدد من المسؤولين والشخصيات لتكون عنصرية ضد الفلسطينيين".

قرارات جائرة تزيد من وطأة الأزمة

بدوره، يقول مدير منظمة ثابت لحقّ العودة، سامي حمود: إنّ "قرار مجلس شورى الدولة سيزيد من معاناة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وسيفتح الباب أمام بعض المؤسسات والشركات لطرد موظيفها الفلسطينيين منهم، بالاعتماد على ذاك القرار، ما سيؤثر سلبًا على حياتهم، في ظلّ أوضاع اقتصادية صعبة".

ويضيف حمود: "بدل أن تؤكد الدولة اللبنانية على قرار العمل، هاهي تصدر قرارات لا يمكننا وصفها سوى بأنّها جائرة وتوضع تحت خانة ممارسة القوانين الضاغطة على اللاجئين، التي ستجبرهم من خلالها على الهجرة وإضافة المزيد من المشاكل والأزمات على حياتهم".

ويشدد حمود، أنّ "قرار مجلس شورى الدولة لا يخدم الفلسطينيين، ولا حتى ظروفهم الاقتصادية الصعبة، ويتناقض مع احترام الدولة اللبنانية لخصوصية ملف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق