مفوض «الأونروا» يحذر من توقف خدمات اللاجئين ويعقّب: ميزانية ساعة حرب للدول المانحة تغطي العجز المالي



مع استمرار الأزمة المالية الخانقة التي تعيشها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «الأونروا» والتي تؤثر على قدرة هذه المنظمة الدولية على دفع رواتب موظفيها، حذّر المفوض العام فيليب لازاريني من وجود «تهديدٍ حقيقي» أمام قدرتهم على الاستمرار بتقديم خدماتها نفسها في عام 2022، في وقت انتقدت فيه «الهيئة 302» المدافعة عن اللاجئين، إنفاق الدول المانحة أموالها على الحروب، دون تقديم الدعم اللازم للاجئين.


مستقبل الخدمات

جاءت تصريحات المفوض العام هذه في بيان عقب اجتماعه بوفد يمثل عددا من مؤسسات المجتمع المدني في لبنان الذي يضم عددا كبيرا من اللاجئين، ويعد إحدى مناطق العمليات الخمس التي تقدم فيها «الأونروا» خدماتها، أطلعهم خلاله على تطورات الوضع المالي.


وأكد على تراجع كثير من الدول المانحة عن التزاماتها تجاه ميزانية «الأونروا» وأكد في الوقت ذاته سعيه الدائم لتوفير التمويل لسد هذا العجز. ووفق البيان، فإن المفوض العام ناقش مع الوفد أبرز القضايا الإنسانية والتحديات التي تواجه اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، في ظلّ الأزمة الاقتصادية والمالية الصعبة التي يمرّ بها لبنان.


وتطرق المفوض العام إلى التحديات التي تواجه الوكالة في توفير الموازنة التشغيلية اللازمة لها، وذلك في ظل تزايد احتياجات اللاجئين الفلسطينيين، والقدرة على الاستمرار في تقديم الخدمات دون تراجع أو تقليص.

وخلال وجوده في لبنان زار لازاريني السراي الحكومي، وبحث مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أوضاع اللاجئين في المخيمات الفلسطينية في لبنان، وارتداد الأزمات الاقتصادية والصحية والمعيشية التي يمرّ بها لبنان على أوضاعهم.


والمعروف انه حتى نهاية العام الحالي تعاني «الأونروا» من عجز مالي خطير قدره 60 مليون دولار من موازنة البرامج التشغيلية، وهو ما يحول دون قدرة هذه المنظمة على دفع رواتب موظفيها لشهر ديسمبر/ كانون الأول الحالي، وبسبب العجز المالي صرفت «الأونروا» رواتب موظفيها عن شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، يوم الثامن من ديسمبر/ كانون الأول، بتأخير مدته نحو أسبوعين، لتسجل بذلك المرة الأولى في تاريخ «الأونروا».


يشار إلى أن المؤتمر الدولي الذي نظم يوم 16 من الشهر الحالي في العاصمة البلجيكية بروكسل، جرى خلاله التبرع بمبلغ 38 مليون دولار لـ «الأونروا» من أصل 100 مليون طالبت بها لسد العجز المالي حتى نهاية العام الجاري. كما لم تحصل «الأونروا» سوى على مبلغ يفوق الـ 600 مليون دولار كدعم متعدد للسنوات الثلاث المقبلة، ما يشكل فقط 40٪ من ميزانية هذه المنظمة الدولية.


وكانت «الأونروا» تطالب بدعم متعدد ودائم، لتتمكن من التنبؤ بميزانيتها، ضمن خطواتها الرامية لتغيير سياسة التبرع التي كانت تقوم على «الطوعية».

وحملت تحذيرات المفوض العام لـ «الأونروا» إشارات سيئة للاجئين الفلسطينيين المقيمين في المخيمات في مناطق العمليات الخمس، حول مستقبل الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية التي يتلقونها في ظل معاناتهم من الفقر وقلة المال.


«الهيئة 302» تنتقد توجّه المانحين للإنفاق الحربي وتقترح 3 مسارات لحلّ الأزمة


وتقدم «الأونروا» خدمات صحية وأخرى تعليمية وخدمات إغاثة اجتماعية للاجئين الفلسطينيين المقيمين في مناطق العمليات الخمس، ويعتمد اللاجئون بسبب هشاشة الأوضاع وصعوبتها، على الخدمات المقدمة من هذه المنظمة الأممية، التي أنشئت خصيصا لمساعدتهم حتى حل قضيتهم بشكل عادل.


وتأسست بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية للاجئين في مناطق عملياتها الخمس، الأردن وسوريا ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة، إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل لمشكلتهم.


وتقول المنظمة الاممية أن ما يصل خزينتها من تبرعات لا يكفي احتياجاتها مع زيادة عدد اللاجئين، وسواء أوضاعهم المعيشية.


مقترحات الحل

وفي السياق، ذكرت الهيئة302 التي تدافع عن حقوق اللاجئين، في بيان تلقت «القدس العربي» نسخة منه، أن المفوض العام تحدث خلال اللقاء عن الأزمة التي تواجه «الأونروا» نتيجة العجز المالي وانعكاسها على الخدمات التي تقدمها الوكالة للاجئين الفلسطينيين، وعن الجهود التي تقوم بها الوكالة لسد العجز المالي، وما نتج عن المؤتمر الوزاري الدولي حول «الأونروا» الذي عقد في منتصف الشهر الماضي في بروكسل.


وأوضحت أن المفوض العام قال إن ما تم الحصول عليه من مبالغ يعتبر جيداً ولكن حتما غير كاف، وأنه قد وضع الأزمة المالية لـ «الأونروا» أمام اللجنة الاستشارية للأونروا خلال اللقاء الذي عقد مؤخرا في عمّان، وأن على الدول المانحة ان تتحمل مسؤولياتها، مشيرا إلى أن نداء طوارئ خاصا بفلسطينيي لبنان سيتم إطلاقه مع بداية عام 2022.


وأوضحت أن مدير عام «الهيئة 302» علي هويدي، الذي شارك في اللقاء، تحدث عن مخاطر عدم توفير المبالغ المطلوبة على اللاجئين وعلى الموظفين وعلى الوكالة نفسها، وأن الأزمة المالية في حال استمرارها وتصاعدها فإنها «تهدد بإغلاق الوكالة بقرار من الجمعية العامة» لافتا إلى ان الأموال متوفرة لدى الدول وبكثرة. وأضاف «لكنها تحتاج إلى إرادة سياسية».


وأشار وهو ينتقد الدول المانحة الى أن ميزانية يوم واحد من الأعمال العسكرية التي تجري «تغطي العجز المالي للأونروا».


وأشارت الهيئة في بيانها إلى أن لازاريني قاطعه بالقول «بل ميزانية ساعة واحدة».


وقد اقترح رئيس الهيئة خلال اللقاء، ثلاثة مسارات لحل الأزمة المالية، الأول يتعلق بدائرة العلاقات الخارجية في «الأونروا» حيث طالب الوكالة بأن تطور وتكثف تواصلها مع الدول المانحة وزيارة سفراء دولة فلسطين في الدول المانحة وعقد لقاء بين لازاريني ووزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي والتنسيق في هذا الشأن، ليكون هناك دور لسفراء دولة فلسطين في تلك الدول أيضا للتواصل مع وزارات الخارجية والأطر المعنية بتمويل «الأونروا،» وأن يكون هناك دور لمندوب فلسطين في الأمم المتحدة. وأوضح ان المسار الثاني هو المسار الإعلامي، وقال «إن ما تقوم به الأونروا بالإعلام من الحديث عن الوكالة وأهميتها وأنشطتها والتوعية غير كاف، ولا يعبر عن حجم الاستهداف غير المسبوق الذي ينشط فيه اللوبي المعادي للأونروا».وطالب بـ «التواصل الثنائي» وإرسال البريد الإلكتروني بالمادة من «الأونروا» للمعنيين بالتبرعات لا سيما على مستوى البرلمانيين الأوروبيين، بعدما أصبح هناك 354 برلمانيا أوروبيا شريكا للوبي المعادي للوكالة، وقال «هذا يحتاج إلى جهد كبير ومنظم».


وقال إن المسار الثالث يتعلق بـ «الحراك القانوني» وبالدائرة القانونية لـ «الأونروا». وقال «لا يعقل ان الأونروا فقط تتلقى الضربات في سياق الدفاع عن نفسها».وأضاف هويدي «من غير المسموح استهداف الأونروا وتشويه دورها من قبل داني دانون أو أردان (ممثلا دولة الاحتلال السابق واللاحق في الأمم المتحدة) ومن غير المسموح لنيكي هيلي ( ممثلة أمريكا السابقة في الأمم المتحدة) بأن تهاجم الأونروا». وتابع «على الدائرة القانونية أن ترفع دعاوى قضائية على كل من يسيء إلى الوكالة لأن هذا يضعف ثقة المانحين بالوكالة».


وتمنى رئيس «الهيئة 302» بمناسبة مرور 72 سنة على تأسيس «الأونروا» أن يكون لازاريني، آخر مفوض عام في إدارة الوكالة، وبأن تكون السنة المقبلة سنة عودة اللاجئين الفلسطينيين وإغلاق أبواب الوكالة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق