صديقة حجير: لاجئة فلسطينية تعدّ الرقائق لإعالة أسرتها


العربي الجديد: انتصار الدّنّان
12-03-2021
لطالما حلمت اللاجئة الفلسطينية صديقة حجير (45 عاماً)، والتي تعيش في لبنان، بأن تفتتح مطعماً صغيراً تعدّ فيه الأطعمة الصحية. لكن في ظل صعوبة تحقيق هذا الحلم نظرأ لمتطلباته المادية وغيرها، بدأت العمل على إعداد الأطعمة الصحية في منزلها، وتحديداً عجينة السمبوسك (الرقائق). تتحدر حجير من بلدة الطيرة في قضاء حيفا، وكانت تقيم في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا (جنوب لبنان). لكن بعد زواجها، انتقلت للعيش في قرية قناريت (قضاء صيدا في محافظة الجنوب).
لم تكمل صديقة تعليمها لأسباب عدة أبرزها مقتل شقيقها برصاصة طائشة عن طريق الخطأ. نتيجة لما حدث، أصيبت بصدمة نفسية وكانت لا تزال تلميذة وقتها في الصف الثامن أساسي. بعد شفائها في وقت لاحق، كان العام الدراسي قد انتهى، فالتحقت بمعهد تابع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" وتعلمت مهنة تصفيف الشعر، لكن والدها منعها من العمل.
تقول: "تزوجت وأنا في السادسة عشرة من عمري من دون أن يكون لدي مهنة حقيقية، وخصوصاً أنني لم أتدرب على تصفيف الشعر، بل تعلّمته نظرياً فقط في المعهد. لكن ظروف الحياة الصعبة دفعتني إلى البحث عن عمل لأساعد زوجي وأساهم في إعالة ولديّ. اليوم، تخرج أحدهما من الجامعة، فيما ما زال الثاني يتابع دراسته". على مدى 12 عاماً، عملت في فرز السجائر وأصبت لاحقاً بمرض الربو"، الأمر الذي أجبرها على ترك العمل.
لم تتحسّن ظروف العائلة الاقتصادية. كما أن وفاة والدتها جعلتها تعاني أزمة نفسية. إلا أنها عادت وقررت تحدي هذه الظروف وبدء العمل في مشروع الرقائق والطعام الصحي وغير ذلك من المأكولات الفلسطينية التراثية. وإن كانت تحرص على تنويع الوجبات التي تعدها، إلا أنها ركزت على إعداد الرقائق وخصوصاً أن شهر رمضان بات على الأبواب. وتقول إن "معظم زبائني من مخيم عين الحلوة، وذلك بحكم معرفتنا كعائلة بالجيران والأقارب في المخيم".
تتابع صديقة: "في البداية، لم يتقبل زوجي وولداي فكرة المشروع. لكنني أصريت على إطلاقه إلى أن تقبلوه في النهاية". وترى أن "المرأة، وإن كانت ظروف زوجها المادية جيدة، إلا أنها تحتاج لأن تؤسس شيئاً لنفسها. ومع تدهور الوضع الاقتصادي في لبنان، صار العمل ضرورة وليس رفاهية".
أما عن فكرة المشروع، فتقول: "قررت إطلاق هذا المشروع متحدية الوضع الاقتصادي المتدهور، عدا عن انتشار الأمراض نتيجة الوجبات السريعة، وخصوصاً الأمراض السرطانية. من جهة أخرى، أردت أن أشغل نفسي لأبتعد بعض الشيء عن الهموم والحزن، وخصوصاً بعد وفاة أمي".
وتقول: "قبل أربع سنوات، قررت أن أعدّ عجينة السمبوسك. مررت بصعوبات كبيرة وأنا أعد هذه العجينة، إلا أنني لم أتوقف عن المحاولة إلى أن أتقنتها. صرت أعدها وأضعها في الثلاجة. اليوم، أشعر بالسعادة لأنني نجحت في ما أردت القيام به، علماً أن البيع ما زال ضعيفاً بعض الشيء نتيجة أوضاع الناس الاقتصادية. لكنني سعيدة على الرغم من الربح القليل، لأن المرأة يجب أن تقوم بعمل ما من أجل نفسها".
تضيف صديقة: "في بعض الأحيان، يطلب مني البعض إعداد مأكولات للغداء أو العشاء أو لسفرة شهر رمضان. وأحرص على تلبية طلباتهم وإيصالها بنفسي". أما عن طريقة الترويج لعملها، فتقول إن أشقاءها وشقيقاتها وصديقاتها وزوجها يخبرون معارفهم بما تعده، كونها ما زالت بعيدة حتى اليوم عن وسائل التواصل الاجتماعي، وإن كانت تدرك أن الأمر بات ضرورياً في هذه الأيام.
تتابع: "آمل أن يعرفني المزيد من الناس في المستقبل ويتعرّفوا على المنتجات التي أصنعها، على الرغم من إدراكي بالظروف الاقتصادية الصعبة والارتفاع الكبير في الأسعار. لكنني لم أفقد الأمل وسأسعى إلى أن يكون لدي مطعمي الخاص لإعداد الوجبات الصحية، وخصوصاً المأكولات التراثية الفلسطينية". وترى أنه "من الضروري الحفاظ على نشر هذا التراث والحرص على أن يكون جزءاً رئيسياً من موائدنا. فالتراث هو ما يربطنا ببلدنا الذي لم نره، وحتى لا ينسى أولادنا أن لنا بلداً يجب أن نسعى إلى تحريره. وليتحقق ذلك، لا بد من الحفاظ على التراث، إن من خلال الطعام، أو التطريز، أو الفنون كافة، بالإضافة إلى العادات والتقاليد".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق