الباقيان…

 


من تقاليد اللعبة السياسية في لبنان أن يمتنع سائر اللاعبين عن “العيب في الذات الملكية”.. والذات الملكية، هنا، هي هذا النظام اللبناني الفريد الذي استعصى على التسميات والتصنيفات. فهو ديمقراطي ولا ديمقراطي، وهو حر دكتاتوري، وهو برلماني وفردي الخ.

تنشأ أزمة فينسبونها إلى الوزير،

وتشتد، فيتهمون رئيس الوزارة،

وتعنف، فيقولون بتغيير الحكومة،

وتتجدد بعد التغير، فينادون بحل المجلس،

ويحل المجلس، ولا تحل الأزمة ، فيعودون إلى النصح بتغيير الحكومة،

وتتعقد الأزمة أكثر فأكثر فيصيحون بصوت واحد: إنها أزمة حكم، إذن!

وتنفجر ، فيتجرأ بعضهم على مقام الرئاسة،

ويجيء رئيس جديد، وتكر السلسلة من أولها، مرة أخرى: التقصير من الوزير، فمن رئيس الحكومة، فمن الحكومة، فمن الرئاسة، فمن الرئيس الأول.

منذ الاستقلال، وحتى الآن ذهب أربعة رؤساء: بعضهم بانتفاضة شعبية، والبعض الآخر بشعور عميق بالمرارة سببه العجز المزدوج.. العجز عن حل الأزمة، والعجز عن تطوير النظام!

.. وبقي اثنان لا ثالث لهما: الأزمة.. والنظام!

وبقي معهما سؤالعمره عمر الدولة في لبنان: إلى متى يستمر الجميع في تقديم رؤوسهم ثمناً لبقاء نظام لا يفرخ غير الأزمات التي تودي بهم إلى التهلكة؟

.. ومن تراه السادي: المواطن أم اللاعب ورقة النظام برهان على رأسه، ناهيك برأس المواطن والوطن؟!

نشر هذا المقال في جريدة “السفير” بتاريخ 8 نيسان 1974

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق