"طيبون" لمساعدة سكان مخيم البرج الشمالي


العربي الجديد: انتصار الدّنّان
28-03-2021
وسط الأزمات المعيشية الصعبة التي يعانيها الفلسطينيون في لبنان، لا سيما الاقتصادية منها، والتي تفاقمت مع انتشار فيروس كورونا الجديد، وانهيار الليرة اللبنانية أمام الدولار الأميركي بشكل كبير جداً، وما نتج عن ذلك، من ارتفاع في أسعار السلع الأساسية، انطلقت مبادرة "طيبون" في مخيم البرج الشمالي للاجئين الفلسطينيين، في ضواحي مدينة صور، جنوبي لبنان، لمساعدة العائلات الأكثر فقراً.
تضم المبادرة عدداً من أبناء المخيم الناشطين، وهدفها الأساسي التخفيف من معاناة الأهالي الذين يسكنون فيه، في ظروف سيئة غالباً. المبادرة ليست وليدة أزمة كورونا وحدها، بل انطلقت عام 2019، في أعقاب قرار من وزير العمل اللبناني السابق كميل أبو سليمان، بمنع اللاجئين الفلسطينيين من العمل من دون إجازة عمل. وأعيد تفعيل المبادرة بعد التخبطات الاقتصادية التي يمرّ بها لبنان، وذلك للتخفيف من الأعباء المادية التي يعاني منها الشعب الفلسطيني في المخيمات، خصوصاً العائلات الأكثر فقراً، بعدما تسبب الإقفال المتكرر للبلاد نتيجة جائحة كورونا بخسارة قسم كبير من اللاجئين أعمالهم، بحسب ما يشرح المتطوع مصطفى أحمد الحسين، وهو أحد سكان المخيم الجنوبي، والمتخصص بالعلوم الاجتماعية.
من جهتها، تشرح المتطوّعة سوزان محمد حبوس، وهي من سكان مخيم البرج الشمالي كيفية عمل المبادرة على الأرض، والتي تركز على الجانب الإغاثي، خصوصاً أنّ فرق العمل متنوعة وموزعة في معظم أحياء المخيم، وبالتالي فإنّ كلّ متطوع يعرف العائلات الفقيرة ضمن نطاق سكنه، سواء المرضى منهم أو سائقي السيارات العمومية (الأجرة)، ومن تضررت أعمالهم بسبب وباء كورونا. كذلك، تستفيد المبادرة من لوائح المؤسسات الإغاثية ولجان الأحياء التي تتخذ من المخيم مقراً لها، ما يسهل الوصول إلى بيانات العائلات. وعن تمويل المبادرة، تقول حبوس: "التبرعات هي العنصر الأساسي للجمعية، أكانت من أبناء المخيمات المغتربين، أو من المقتدرين مادياً من غير المغتربين، أو من خلال مبادرة، سهم الخير، والذي تبلغ قيمته 10 آلاف ليرة لبنانية، وذلك لتشجيع الأهالي على التبرع وإن بالقليل".
وعن توزيع المساعدات، تشرح الناشطة الشابة، لـ"العربي الجديد" طريقة العمل والتي تتناسب مع المواد المقدمة للمبادرة: "فمرّة توزع القسائم الشرائية للعائلات، وبدورها تتولى شراء المواد التموينية من المحال التجارية، داخل المخيم، وذلك بعد التنسيق مع أصحابها مسبقاً، أو نوزع - نحن المتطوعين - المواد مباشرة على السكان، كما في حالة حملة سهم الخير، إذ نوزع المواد الغذائية الأساسية كالبطاطا والخبز والأرزّ".
على الرغم من أنّ المبادرة واجهت العديد من الصعوبات، كتفشي وباء كورونا واعتمادها على التبرعات، فإنّ التصميم والعزيمة لدى الشبان والشابات المتطوعين فيها، بهدف مساعدة أهاليهم في المخيم، مع تفاقم الأزمات الاقتصادية والمعيشية، وغياب الدور الفاعل للمؤسسات والفصائل الفلسطينية، أعطاهم دافعاً كبيراً للاستمرار بالمبادرة، وتفعيلها على مواقع التواصل الاجتماعي، في محاولة منهم لتخفيف الأعباء عن كاهل اللاجئين في المخيمات عموماً.
تشجع حبوس، وهي من قرية سعسع في قضاء صفد بفلسطين المحتلة في الأصل، الشباب على التطوع في المبادرة، كما تطالب أصحاب الأيادي البيضاء بالتبرع، نظراً للأوضاع الصعبة التي تتفاقم يومياً، مع تزايد أعداد العائلات المحتاجة، والتي تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة.
في المقابل، يقول أحد المستفيدين من المبادرة، مفضلاً عدم ذكر اسمه: "قبل الأزمة التي ألمّت بلبنان كنت أعمل بالكهرباء، لكن بسبب الظروف الصحية الحالية، والإجراءات المصاحبة، لتفشي وباء كورونا، لا سيما الإغلاق المتكرر للبلاد، خسرت عملي، علماً أنّ لديّ طفلة صغيرة تحتاج إلى الحليب والحفاضات. ومع ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة، لم يعد بإمكاني تأمين احتياجاتها، ما دفعني للتواصل مع مبادرة، طيبون، لتأمين ما تحتاجه عائلتي، في ظلّ غياب دور المؤسسات والفصائل الفلسطينية" عن مساعدة المحتاجين.
يذكر أنّ الليرة اللبنانية فقدت الكثير من قدرتها الشرائية بعدما تدنى سعرها مقابل الدولار الأميركي على مراحل متسارعة، بدءاً من نهاية عام 2019، لتسجل في مارس/ آذار الجاري، خسارة تاريخية، وصلت إلى تدنيها 10 أضعاف قيمتها الرسمية أمام الدولار الأميركي، مع وصول سعر صرف الدولار الواحد في السوق السوداء إلى 15 ألف ليرة، وإن تراجع قليلاً بعد ذلك، علماً أن سعر الصرف الرسمي هو 1500 ليرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق